“نصف كوب” د.عبد الله فتحي .. الغناء الرسالة..بنك الموروث الثقافي

رشفة أولى:

الغناء السوداني هو انعكاس ثقافي حضاري إبداعي كمرآة ناصعة لواقع وسمات وخصائص حياة المجتمع السوداني لا تغيب عنه شاردة ولاواردة إلا رصدتها ووثقتها أغنية سودانية لشاعر فذ وملحن رقيق ومطرب يدغدغ الوجدان بصوت طروب.

رشفة ثانية:

(الحداء) هو أس الغناء السوداني ..ويعني الغناء والانشاد الجماعي أثناء تأدية عمل لزيادة الحماس وتحفيز الهمم وضبط وتحسين الأداء وتناسي الشعور بالتعب فيتضاعف الانتاج..فتظهر الأصوات الجميلة التي تتحول تلقائيا الى خانة المؤدي الأول والبقية تكمل أو تردد كلماته في ايقاع متناغم.
ومن أشهر أنواع الحداء ( قوافل الحجيج.جر دلو الماء من الآبار العميقة بالدواب.وتجديف المراكب.عمال الشحن والتفريغ بالموانيء البحرية والنهرية والأسواق .أعمال النفير التطوعي الجماعي المختلفة من زراعة وبناء وزواج وحصاد.).
وأشهر الحداء أغاني الحصاد الجماعية في ليالي الريف المقمرة التي تنادي كل بعيد للمشاركة وتسعد كل سامع وتبشر بخير وفير ولاتكاد تعرف أيهم صاحب المحصول لإخلاصهم في العمل وصفاء قلوبهم ونقاء سرائرهم وقناعتهم القاطعة بالمثل ( إيد في إيد..تجدع بعيد).
ومن أشهر أغنيات الحداء في الحصاد أو ( دق العيش):
الخدير أنا ماني حي..
النقدو الطير أنا ماني حي..
دق العيش في القمرة..
ياأب راسين نارك حمرة..
الليل برد وأنا ماني حي..
والصيد ورد وأنا ماني حي..

ونحن نتابع الغث الكثيف المحلي والمستورد من الصراخ والضجيج الذي يسمى جزافا ( غناء) بينما هو منبت وأجوف وخادش للذوق السوداني الرفيع ليس له صلة بقيم وثقافة وأخلاق المجتمع السوداني الراقي لايتجاوز صداه أيام أو شهور على أفضل تقدير..ولاندري متى تستيقظ وزارة الثقافة وينتبه اتحاد الأدباء والفنانين و يرعوي مجلس المصنفات الفنية لهذه الجريمة الثقافية التي تهدد أمن الذوق السوداني.

رشفة آخيرة:

الغناء الرسالة الذي يحمل قيم المجتمع وملامحه دوره عظيم في الحفاظ على موروثات المجتمع التي هى ثروات قومية.. إذ لابد له أن يربط الماضي بالحاضر نحو المستقبل ليغذي الأجيال المتعاقبة بموروثها الثقافي الذي يشكل هويتها حتى لا تضيع في خضم الغزو الثقافي العالمي الذي يستهدف محو الثقافات المحلية و..معاكم سلامة.