د.الحاج عبدالرحمن الحاج موسي يكتب:: في الذكري 120لتاسيسها الگوة الاولية .. المدرسة التي( تقدل ) بأبنائها ..!
من المفيد في مفتتح هذا المقال ان اذكر انني استوحيت عنوانه من مداخلة رصينة ألقاها من منصة نادي القصة السوداني إبن الكوة الفنان التشكيلي العالمي وأستاذ علم والفلسفة بجامعة الخرطوم بروفسير (موسي الطيب موسي) وهو يتحدث فيه عن نشأته الاولي بمدينة الكوة في سرد نصي سلس يصف فيه هذه المدينة الساحرة الجميلة في صياغ من الفن الايضاحي الجميل الذي تخصص فيه وفي هذا الاطار يرسم صور لمدرسة الكوة الاولية التي تطل علي موقع جمالي بديع قبالة النيل الأبيض .. فيصفها بالقول .. “ان مدرسة الكوة الأولية التي إنشات في العام 1902 هي مدرسة محروسة بالكثير من الالق الباهر والتاريخ المعتق وهي توصف بجميزتين باسقتين حلتا ببابها تحرسانها تميمة من العين وهي تختال وكل ذات ذيل يحق لها أن تختال بأبنائها .. كانت وظلت وما زالت حتي الان .. تقدل فخرا بابنايها وخريجيها الافذاذ” .
ويحق لهذه المدرسة ان ( تقدل ) وإن تختال بابنايها – كما يقول بذلك البروف موسي الطيب – وقد ضمت في دفعتها الاولي والدفعات اللاحقة نخبة متفردة من الساسة والعلماء والشعراء وقادة ونجوم المجتمع الذين اثروا الساحة العلمية والفكرية السودانية فكرا وثقافة وابداع .
فقد ضمت الدفعة الاولي من مدرسة الكوة الاولية – بحسب مازكره ابن الكوة البروفسير قاسم عثمان نور في سفره القيم الموسم ب “الكوة التاريخ الرجال ” – كلاً من : (الحاج موسى ؛ والنصري حمزة و عبد القادر مضوي و عبد الهادي عثمان وصديق أحمد عبد الرازق و عطية الشفيع و حامد سيد أحمد ، وعباس شيخ طه ومحمد سعيد العباسي، وابراهيم كابوس).
فالاستاذ النصري حمرة هو أول مدير سوداني لمدرسة حنتوب الثانوية و يعتبر من الرعيل الاوئل و الذين يشار اليهم بالبنان في مجال التعليم بالبلاد .. وهو والد البروفيسير محمد النصري واخوانه الذين هم بقامات النجوم الزواهر. اللوامع.
ومن وجوه هذه الدفعة الذهبية المتميزة : القائد الفذ واحد ابطال قوة دفاع السودان البواسل القائم مقام الحاج بك موسى الذي شارك فى العديد من معارك الحرب العالمية الثانية ومن ابرزها معركة كرن بشرق افريقيا و دخول القوات السودانية لاسمرا و لاديس ابابا و برفقتها الامبراطور هيلاسلاسى الاول حيث اعيد الى عرشه كما حارب كذلك فى معارك شمال افريقيا و حقق مع جيشنا الانتصارات فى معارك العلمين و غيرها .. وهو الحاج موسى بن الشيخ محمد قيلي بن الشيخ عبدالرحمن بن الشيخ محمد قيلي بن الشيخ حبيب الله بن الشيخ حبيب نسي الركابي الذي ورد ذكره في كتاب الطبقات كاحد اولياء وعلماء الركابية الكبار .. وقد تخرح الحاج موسي في المدرسة الحربية الثانية برتبة الملازم ثاني فى الاول من يوليو عام 1918 و تقلد سيف الشرف حيث كان اول دفعته و التى تكونت من تسعة ضباط هم ؛ م ثانى النور خميس ؛ م ثانى محمد سرور رستم ؛ م ثانى خالد عبدالله جبريل ؛ م ثانى سعد عمر ؛م ثانى حسن فضل المولى و هو احد شهداء ثورة 1924
؛والملازم ثاني ابراهيم عبود الذى وصل الى رتبة الفريق ثم اصبح لاحقا رئيسا للبلاد .. وفي سبق نادر الحدوث .. فقد كان ابنه الاميرلاى عمر الحاح موسى اول دفعته كذلك و نال سيف الشرف فى الثانى من اغسطس 1944 و حاربا معا فى وقت واحد فى الحرب العالمية الثانية فى معركة درنه بشمال افريقيا بالعقيدة القتالية لقوة دفاع السودان ” القتال من احل الاستقلال “.. ويحتفظ ارشيف العائلة بصورة نادرة للجنرال بيرنارد مونتجمرى يتفقد طابورا من قوه دفاع السودان بقيادة الصاغ الحاج موسى ، عقب معركة العلمين و التى انتهت بانتصار جيوش الحلفاء على قوات المحور بقيادة الجنرال الالمانى ايروين رومل فى يوليو 1942 والمعروف ان الفيلد مارشال بيرنارد مونتحمرى قد تخرح فى كلية ساندهيرست العسكرية الملكية كملازم ثانى فى عام 1918 و هو ذات التاريخ والرتبة. التي تخرج بهما الحاج موسي من المدرسة الحربية السودانية.
ومن الشعراء الذين جادت بهم الدفعة الاولي لمدرسة الكوة ، الشاعر المعروف محمد سعيد العباسي .. وهو محمد سعيد العباسي محمد شريف بين الشيخ نور الدائم بن الشيخ أحمد الطيب مؤسس الطريقة السمانية بالسودان، ويعد أحد أبرز أقطاب التصوف في بلاد ..
وقد ولد الشاعر العباسي عام ١٨٨١ بقرية عراديب ود نور الدايم بمنطقة الكوة، وانتقل الي الرفيق الاعلي في العام ١٩٦٣. و وهو الشاعر الذي يعتبره النقاد ” أبرز مصابيح النهضة الحديثة في الشعر السوداني على الإطلاق، إن لم يكن هو مصباحها الأوّل ”
ومن أشهر قصائده قصيدة “يوم التعليم” .. التي يقول في احدي ابياتها : علموا النشئ علما يستبن به سبل الحياة وقبل العلم أخلاق.
ومن ابرز. وجوه المجتمع الذين افرزتهم هذه الدفعة الخالدة قاضي المدينة الحاج ابراهيم احمد عثمان كابوس والشيخ عباس شيخ طه وغيرهم كثير.
و يكفي هذه المدرسة المدندة بالعراقة والابداع .. فخرا .. والتي تعتبر “ايقونة للتعليم ” بالسودان .. بانها انجبت الدكتور التجاني محمد الماحي .. ورتل متلالئ من الشعراء والادباء والعلماء والنجباء الافذاذ ؛ نذكر منهم علي سبيل المثال الشاعر الشفيف عبدالله شبو والشاعر الدبلوماسي الدكتور عمر عبدالماجد وغيرهم الكثير من القامات والقمم السامقة.
التحية في هذه الذكري العطرة الخالدة لمدرسة الكوة الاولية العريقة ولمدينة الكوة (اليس) الجميلة .. ولاهلها الافاضل الأخبار .. أهل العلم والحلم والحكمة والمجد .. ودمتم _ جميع بخير _ وعافية – ودام عزكم .
*منشور في صحيفة الانتباهة الصادرة اليوم السبت٢٠٢٢/٣/٥م صفحة٣