*مصطفى ابوالعزائم* يكتب في ( *بُعْدٌ .. و .. مسَافَة*) .. *غندور رفع العقوبات والمظالم ….!*
لن ينسى السّودانيون الدور الكبير الذي لعبه البروفيسور إبراهيم غندور ، في رفع العقوبات الأمريكية الإقتصادية عن بلادنا وهو ما ألّبَ عليه البعض من المتنفذّين في واجهات ودهاليز السّلطة وقتذاك ، وذلك عندما كان وزيراً للخارجية ، حتى إن البعض حرّض عليه رئيس الجمهورية وقتها ، وتردّد في أروقة الحكم أن غندور يعمل على أن يكتسب ثقة الأمريكيين إبان حقبة الرئيس “دونالد ترامب” ، ليرث كرسي الرئاسة في السّودان .
وفي أواخر شهر سبتمبر من العام 2017 م ، إرتفعت مؤشرات التفاؤل إلى أعلى حدودها ، وتوقع المواطن أن يصدر قرار الإدارة الأمريكية بشأن الحظر المفروض على السودان ، أما بالإلغاء أو الإبقاء أو ربما بالإلغاء المشروط ، وهذا الأخير لا يتحسّب له الناس ، وإن كانت كل المؤشرات تشير إلى أن إلغاء العقوبات الأمريكية على بلادنا بات وشيكاً، وكان لذلك مقدمات مثل قرار الرئيس الأمريكي “رونالد ترمب” بالسّماح للسّودانيين بدخول الولايات المتحدة الأمريكية ، ثم الإعلان رسمياً عن إلغاء كل القيود الخاصة بالتحويلات المالية للسّودان ، ولكن برزت أسئلة مهمة وقتها مثل: هل سيتم إلغاء العقوبات كلياً أم ستكون هناك إشتراطات أو رقابة على مستوى إلتزام الحكومة السّودانيّة وتنفيذها كل ما يتم الإتفاق عليه بشأن المسارات الخمسة ؟
نعم.. هذا هو السؤال ، ولكن الإجابة عليه كانت ستظل في باطن الغيب ، لأن اتخاذ مثل هذا القرار سيكون بيد الرئيس الأمريكي شخصياً ، فالمؤسسات هناك توصي فقط ولا تملك حق إتخاذ القرار ، لذلك نجد أن هذا الموضوع سيطر تماماً على عدد من مداولات كثير من أعضاء المجموعات في وسائل التواصل الإجتماعي ، خاصة التي تضم ساسة وخبراء وباحثين وأهل صحافة وإعلام ، ربما يكون أبرزها مجموعات مثل (منتدى الزوارق) أو (صحافة وسياسة) أو (صحفيين) أو مجموعات الـ(VIP) بشقيها العادي والسيوبر ، وبقية المجموعات ، وكان ملفتاً الاهتمام الزائد بالأمر في منتدى (قضايا إعلامية) الذي يضم مجموعة من الصحفيين والإعلاميين وبعض الأكاديميين، وهي مجموعة يشرف عليها أربعة مشرفين ببراعة واقتدار، وقد تنامى الإهتمام بموضوع العقوبات الأمريكية عقب رفع نسخة من خطاب الرئيس الأمريكي.. “دونالد ترمب” بصيغة البي دي إف (P.D.F)، وهذه الحروف الثلاثة كما يعلم الجميع إنما هي اختصار للوصف (Portable Document Format) أو ما يسمى بتنسيق المستندات المحمولة ، والذي يتميز بأنه يجمع كل العناصر الداخلة في تركيب الملف مثل الخطوط والصور والأجسام الرسومية داخل ملف واحد.
وكان خطاب الرئيس الأمريكي موجهاً إلى رئيس لجنة حقوق الإنسان بالكونغرس الأمريكي ، وفيه – أي الخطاب – يفصح “ترامب” عن إتجاه إدارته نحو رفع العقوبات الإقتصادية عن السّودان ، ومع تأكيده على السّعي لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي سماها لأول مرة ، وقال إن قضايا السّلام ووقف الحرب ستكون هي المؤشر والمعيار الحقيقي لتقييم العلاقة بين واشنطن والخرطوم.
مع استرسالنا في تشريح الحالة الأمريكية السّودانيّة ، ومحاولتنا لإستقراء النتائج من خلال المعطيات التي تقف بوضوح أمام كل ساعٍ لدراسة الأوضاع وقتذاك ، كان لا بد لنا من أن نشيد بدول شقيقة كان لها الدور العظيم في الدفع نحو رفع العقوبات آنذاك ، ونقصد دولة الإمارات العربية المتحدة ، والمملكة العربية السعودية ، وجمهورية مصر العربية ، خاصةً وأن صحيفة (الإندبندت) البريطانية نشرت مؤخراً أن قرار الرئيس الأمريكي “رونالد ترمب” بإزالة اسم السودان من قائمة الدول المشمولة بمرسومه الخاص بالهجرة، جاء تحت ضغط قوي من قبل الإمارات العربية المتحدة.
وكان لابد لنا من الإشادة بالجولة الطويلة – عميقة الأثر – التي بدأت وإستمرت لأسابيع طويلة لوزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم غندور” بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية لترؤس وفد السّودان المشارك في إجتماعات الدورة (72) للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك ، والتي قدّم خلالها خطاباً قوياً أمام الجمعية العامة، وإلتقى على هامش إجتماعاتها بنظرائه من الدول الصديقة والشقيقة ، وبالأمين العام للأمم المتحدة وعدد من مساعديه ، مع مشاركته في إجتماعات رفيعة المستوى حول جنوب السّودان وأفريقيا الوسطى ، وعمليات حفظ السلام والعائد الديمغرافي في أفريقيا.
وكان هناك جانب آخر مهم ومشرق في زيارة وزير الخارجية، وهو عقده لعدد من اللقاءات مع مسؤولين أمريكيين كبار مثل نائب وزير الخارجية ومدير مكتب المبعوث الأمريكي للسودان وجنوب السودان، ليتحرك في التاسع والعشرين من سبتمبر من العام 2017 م إلى العاصمة البلجيكية (بروكسل) للمشاركة في إجتماع وزراء خارجية دول الإيقاد (الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا) مع الإتّحاد الأوروبي .
وكان لرجل الدبلوماسية الأول والسياسي الفطِن بروفيسور “غندور” الدور الوطني الذي لا ينكره أحد ، مثلما كان لدولة الإمارات العربية المتحدة وللمملكة العربية السعودية.. ومصر الدور المساند منذ ذلك الوقت في العمل على إخراج بلادنا من ورطة العقوبات الأمريكية .
نهنئ بروفيسور غندور وأصحاب سجنه الذي جاءت براءتهم مؤكّدة على أن العدالة ليست عرجاء في بلادنا ، مؤكّدة على إستقلال القضاء السّوداني ونزاهته ، وبعده عن ألاعيب السّاسةِ ومحبي التآمر .. ونقول لهم كل عام وأنتم بخير وبلادنا وشعبها العظيم .
وتحياتي للجميع من إمارة عجمان بدولة الإمارات العربية المتحدة التي أقيم فيها مؤقتاً مع أبنائي هناك .
Email : sagraljidyan@gmail.com