الربط بالسكة الحديد بين السودان ومصر بقلم : د. عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
مشروع الربط السككي بين السودان ومصر مشروع قديم، تم التخطيط له كمحور أساسي لتنمية وتطوير التجارة البينية بين السودان ومصر، وهو يأتي ضمن المشروعات المستمرة لوزارتي النقل في البلدين الشقيقين.
تم تحريك المشروع حديثاً من خلال اجتماع مشترك تم يوم الثلاثاء 22 فبراير 2022 بين وزير النقل المصري الفريق كامل الوزير ووزير النقل السوداني المكلف الدكتور هشام أبوزيد، لمتابعة عدد من مشروعات التعاون المشتركة، بحضور السفير السوداني بالقاهرة ورؤساء هيئات الموانئ البرية والجافة والنقل النهري ووادي النيل للملاحة النهرية.
يواجه مشروع الربط المباشر للخطوط بين البلدين مشكلة فنية تتمثل في أن عرض الخط الحديدي في مصر يبلغ 1435 ملم، وهو مطابق للمواصفات الدولية القياسية، بينما هو في السودان 1067 ملم غير مطابق للمواصفات ولا يتيح للقطار السير بسرعة كبيرة. لهذا أُقترح أن يتم الربط من خلال خط جديد ينشأ في السودان.
نظراً للتكلفة العالية لإنشاء خط جديد بين الخرطوم ووادي حلفا فقد رؤى أن تتم مرحلة التنفيذ على خطوات تتمثل في أن يتم البدء بالربط من أبو سمبل إلى وادي حلفا، ويتم إنشاء محطة تبادلية فيها تتيح نقل الركاب والبضائع من القطار المصري للسوداني بسهولة.
وبعد هذه المرحلة يتم إنشاء الخط الجديد بالمواصفات القياسية من وادي حلفا إلى أبو حمد بطول 350 كيلومترا، ومن أبو حمد إلى الخرطوم مرورا بعطبرة بطول حوالي 500 كيلومتر. وسيكون هذا الخط بتمويل مشترك بين كل من مصر والسودان. بعد تنفيذه، يستقل الراكب القطار من محطة سيدي جابر بالإسكندرية ويسافر حتى الخرطوم مباشرة بدون توقف. وهذا أحد أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي، وقد تم تضمينه في خطة تنفيذ العشرية الأولى للفترة من 2014-2023.
التطورات الأخيرة في هذا الموضوع تضمنت توقيع رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي في مصر، مع مروان عبد الله الغانم، مدير عام الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، اتفاقية منحة بقيمة 750 ألف دينار كويتي “ما يعادل 2.5 مليون دولار” للمساهمة في إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية والبيئية لمشروع إنشاء خط سكة حديد يربط بين مصر والسودان بطول 570 كم.
طالعت باستغراب شديد بعض المقالات في صحف سودانية تشير الى أن الربط السككي هو خطة مصرية لنهب الثروات السودانية! وانه سوف يعمل على تقليل أهمية ميناء بورتسودان واستبداله بالموانئ المصرية!
هذه بالطبع نظرة قاصرة وغير موضوعية، فالربط كما أسلفنا هو ضمن الاستراتيجية الافريقية الرامية لزيادة التجارة البينية بين الدول الافريقية، واستفادة السودان من الربط مؤكدة حيث يتيح زيادة التبادل التجاري مع مصر التي تبلغ تبادلاتها التجارية مع دول العالم في مجالي الصادرات والواردات أكثر من 230 مليار دولار، في حين أن تبادلنا التجاري معها أقل من 1% من هذا الحجم الهائل، فلو استطعنا عبر الربط السككي رفع قيمة التبادل الى 10 مليار دولار أو أكثر لتحرك جمود اقتصادنا، وحدثت نقلة هائلة للسكان على جانبي الحدود، وعلى طول الخط الحديدي من وادي حلفا الى الخرطوم. والله الموفق.