احمد عبدالوهاب يكتب في (فنجان الصباح) .. نقوش على قبر الشيخ الترابي !!!
لدى كاتب هذه السطور قناعة مستقرة، بأن السيد الفريق حميدتي ليس خصما للإسلاميين.. فلديه من رصيد الحكمة وبعد النظر ما يصرفه عن المجازفة بعداوة تيار وطني كاسح وعريض.. ان للرجل من الاناة والهدوء مايضعه في مصاف حكماء السودان.. وقليل ماهم.. ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا..
ساهم الرجل رغم ضراوة التيار العلماني الملحد، في تجنيب الاسلاميين ويلات كثيرة كان يمكنها ان تعصف بميرات الحركة عبر ثمانين عاما علي الفكرة ومابنته خلال ثلاثين عاما في السلطة والدولة..
لست من أنصار أن يكون حميدتي وغيره من العسكر ، سمنا على عسل مع الإسلاميين في هذه المرحلة بالذات .. يقول العقل والمنطق بأن يكون الرجل على مسافة واحدة من الجميع..
ان تحريك الأحجار الساكنة، وتقليب المواجع وإثارة الغبار ، وزيادة الطين بلة، أمر لا يقول به عاقل..
كتب أحد المثقفين قبل يومين في إحدى المجموعات يقول ( يا حميدتي أترك الكيزان ما تركوك).. وكان ردي عليه بأن علي الكيزان أيضا أن ( يتركوا الرجل ماتركهم)!!.
والاسلاميين أذكى من يقعوا في الفخ الذي وقع فيه (الحزب الأحمر) بعد انقلاب مايو.. والاسلاميين أكثر حصافة من أن يتورطوا، فيما تورطت فيه قحت البائدة قبيل انقلاب البرهان..
حصد الشيوعيون في ١٩٧١م المشانق والمنافي .. وحصد القحتاويون السجون، والجنون، وريب المنون بعد قرارات أكتوبر الاخضر ٢٠٢١م..
وعند شيخنا العارف( ود بدر) الرشيد مقولة لن يفهمها آل قحت .. وعلى الاسلاميين في غرفتي الحركة والحزب، وفي نسختي الوطني والشعبي أن يعقلوها، ويعلقوها في مدخل الصوالين، وصدر المكاتب تقول( العندو شي من الرياسة.. ما تكمل معاهو الفراسة).. نادر ود بدر..
فكيف بمن عنده السياسة والرئاسة والفراسة..
سكب العسكر ل(قحت) الأولى العسل في فمها الذي تفوح منه رائحة ( العسلية ).. والتمر الذي تجاوز مرحلة الشربوت.. ومع ذلك فقد كانت سكرة السلطة أشد وأنكى .. سكرت بخمر السلطة، وبطرت بنعمة المال السلطاني ، والميراث الكيزاني.. وخرجت قحت البائدة يومها تبارز العسكر، وهي مكشوفة الظهر.. وتنازعهم السلطة وهي معدومة النصير.. وكانت في أغلب الظن تهتدي بخارطة طريق، كتبها بدمه فأر أحمق، صادف في طريقه يوما جرة من (العسلية) فشرب منها فوق طاقته، وخرج في سكرته مترنحا يتحدى دولة القطط.. وماجرى للفأر السكران، هو عين الذي حصل لقحت الأولى، فقد توزعتها يد النوى والنوائب وتفرقت أيدي سبأ.. وعرفت معنى ( خراب سوبا) يوم زفت تصاريف الأقدار فتى البعث المدلل ( وجدي) لسجن سوبا.. وعرف – آل قحت- أن الكريم ليس على القنا بمحرم.. وكما يدين الفتى يدان.. وفي الأثناء اختفى بقية الفرسان.. وفر بقية الأبطال .. وكان سر الليل عندهم ( انج يارشيد) فقد هلك (سعيد)..
ان الحركة الاسلامية برصيدها السياسي والمعرفي والجهادي الكبير.. وتجربتها العريضة، وذكائها المعهود.. أذكى من أن تناصب أحدا بسوء.. أو ان تبادره بعداء.. ولو كان ساكن الجنان الشيخ (الترابي) حيا، لما وسعه غير أن يكرر مافعله بعد المصالحة مع النميري.. ولما وسعه غير أن يبارك ما قاله البروفسور غندور ، وهو خارج لتوه من سجون قحت، وقد لبث فيها ظلما بضع سنين..
ويقينا فإن المرحلة الانتقالية ستبحر بعد عون الله، طالما ان في كابينة قيادتها ربابنة مهرة، في طليعتهم الفريق البرهان و الفريق حميدتي.. وطالما ان في قيادة الاسلاميين حكيم بوزن وقدرات وتجربة البروف غندور..
وياسيدي البروف أحكم السفينة فإن البحر عميق.. وسيطر على الدفة فإن الأعداء كثير، والسفر طويل. والموج كاسح وخطير..
ستمضي القافلة بإذن ربها.. ولن تجد قشة (تعتر) لها..
فقد كانت هنالك (قشة) واحدة، وقصمت ظهر (قحت)..