غندور كبير البلد .. فى ضيافة قناة البلد!!
تابعت بإهتمام و حرص شديدين الحوار المهم الذى أجراه الإعلامى الأستاذ بكرى المدنى عبر برنامجه تسريبات بقناة البلد مع الأستاذ الدكتور إبراهيم أحمد عبد العزيز غندور،الأكاديمى و النقابى و السياسي المعروف،و هو اللقاء الأول له من نوعه لقناة سودانية عقب خروجه من المعتقل ب حكم القضاء النزيه ببراءته من كل التهم الملفقة ضده و آخرين.
برنامج تسريبات رغم ضيق زمنه و مع أهمية الضيف الكبير فضلا عن الملفات الهامة و الحساسة التى كان مسؤولاً عنها بحكم موقعه ك وزير للخارجية و يديرها بذكاء و كفاءة عالية إلا أن المدنى إستطاع أن يستنطق ضيفه بروفيسور غندور الذى كعادته بدى أمام الكاميرا بكامل حضوره الذهنى و أناقته و ذاكرته المتقدة و دقة إفاداته مع ترتيب أفكار و سلاسة و شفافية يتميز بها و معهودة فيه.
أكثر ما أعجبنى فى إفادات بروفيسور غندور مع صدقه و وضوحه و صراحته التى أعرفها عنه،هو أن أعطى كل صاحب حق حقه فيما يلى الأدوار و التكاليف و المهام المسنودة إليهم خاصة تلك المتعلقة بالحوار الطويل و المتعمق الذى جرى مع الحكومة الأمريكية بشان الإرهاب و رفع إسم السودان من القائمة المتعلقة به و فك الحظر و الذى أشار إلى بداياته و مكوناته فى فريق العمل الموحد السودانى و تكامل الأدوار فيه عبر المؤسسات و لم ينسب لنفسه الإختراقات و النجاحات التى تمت فيه رغم دوره المهم الذى أداه ك رئيس لهذا الفريق و وزير الخارجية.
و مما زاد إعجابى به و إعجاب المشاهدين و متابعى الحوار المهم و المثير ثباته على مبادئه و التى تمظهرت بشكل واضح أنه تمت إقالته من منصبه فى الخارجية رغم تقديمه لإستقالته لمرتين و الأخيرة كانت قبل الإقالة بفترة و رغم أنه كان خارج الحكومة و هياكل الحزب قبل إنقلاب اللجنة الأمنية فى أبريل ٢٠١٩م إلا أنه لم يقفز من المركب و لم يدع بطولة و يبرىء نفسه من الإنقاذ التى أقالته و أبعدته من المنصب الرفيع و الوزارة السيادية التى يسيل لها لعاب الساسة كما فعل غيره بل ظل ثابتاً و راكزاً ك الطود الأشم و مضى إلى أبعد من ذلك فى قبوله لطلب إخوانه له برئاسة الحزب فى ظل الهيجان و التهريج السياسى الذى إجتاح البلاد و حله و الحرب الشرسة و العنيفة الموجهة ضده و إعتقال كبار قيادته و حبسهم و ملاحقة و مطاردة الكثيرين،و قيادته للحزب مع كل ذلك متجاوزا به المواجهة و التصعيد و محافظاً على ما تبقى فيه و تثبيته و إعادة ترتيبه و تنظيمه ليسترد عافيته و يمضى فى سيره و مسيرته و بالقانون.
لقد أحسن بروفيسور غندور فى إفاداته المهمة و إضاءاته حول حقيقة ما جرى للسيد رئيس الجمهورية عند مشاركته فى القمة الأفريقية بجنوب أفريقيا و ملاحقة بعض المنظمات و الناشطين عبر القضاء للقبض على السيد الرئيس هناك،و ما قيل عن بكاء غندور فى المؤتمر الصحفى بمطار الخرطوم عند عودة الوفد و أوضح أنه لم يبك غير أن عينه اليمنى تعانى من مشكلة مع الإضاءة الكثيفة.
اوضح بروفيسور غندور فى اللقاء عن بدايات معرفته و طبيعتها بالدكتور عبد الله حمدوك فى أديس أبابا و تواصل العلاقة لما طلب حمدوك دعم الحكومة لترشيحه لمنصبين إقليميين مهمين و كيف أن بروف غندور قدم حمدوك للرئيس البشير و تعريفه به،ثم مباركة و دعم البشير له من خلال حديثه المباشر مع بعض الرؤساء الأفارقة لدعم الترشيح،و عرج لبعض تفاصيل ترشيح و إختيار حمدوك لشغل منصب وزير المالية و الإقتصاد الوطنى،هذا .. وقد أثنى غندور على حمدوك،و أشار فى أثناء ذلك إلى قوله عنه عند تسميته رئيسا للوزراء أنه يمكن أن ينجح إذا ترك له أمر التكليف دون أى تدخلات.
بروفيسور غندور كان ذكياً فى إشارته لتوخى العدل و منصفاً للقضاء السودانى الحر النزيه و كان كبيراً جداً لما سامح و عفى عن من أودعه السجن ل ٢١ شهراً بتهم ملفقة.
أخيراً … الحوار مع بروفيسور غندور كان مطلوباً و مهماً خاصة لوسيلة إعلام وطنية محلية،و حسناً فعلت قناة البلد حديثة المولد و النشأة بهذه المبادرة و المقابلة و لعلها سجلت سبقاً سيكون له ما بعده على الصعيد الإعلامى و رفعت معدل المشاهدة و المتابعة لبرامجها بهذا الحوار المهم و تهنئة أسوقها هنا للإعلامى المتميز بكرى المدنى الذى كان حاضراً بالأسئلة التى تدور فى أذهان الكثير من السودانيين و المهتمين بالشأن السودانى من خارج الحدود و إن كان لنا ثمة ملاحظة و هى ملاحقة الضيف بالأسئلة قبل إكتمال الإجابة و لعل ضغط الوقت و ضيق زمن البرنامج وراء ذلك إلا إنه لم ينقص من الحوار و الإفادات الاكثر أهمية.
من المهم قبل الختام … و بلا حساسية، نقول للساسة فى الحكم و قادة الأحزاب و الحركات و وسائل الإعلام إستفيدوا من طريقة و طرح بروفيسور إبراهيم غندور و ضعوه فى أجندتكم و لقاءاتكم و بالكم.
و للمتطرفين من أهل الصراخ و الزعيق و العنتريات فى المعترك السياسي تأسوا ب حكيم و كبير البلد البروف غندور،فإن منهجه فى التعاطى مع السياسة و العلاقات و التواصل يشكل إحدى أهم ضمانات السلام و الإستقرار و الأمان للوطن و المواطن.
و شكرا جميلاً كبيرنا غندور.
يس محمد نور يس
الخرطوم .. ٢٠ رمضان ١٤٤٣ هجرية.