مصطفى ابوالعزائم* يكتب في (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة) ..” سودانلاين … أحلام تسبح في محيط الواقع
الحرب الإقتصادية التي كانت معلنة ضد السودان ، والمقاطعة التي أضرت بالشعب قبل الحكومة في السنوات الماضية ، وضعف الخيال الإداري لدى بعض ممن أوكلت لهم إدارة بعض مؤسسات الدولة ، وقلة المال ، وكثير من الأسباب أدت إلى ضياع تلك المؤسسات ، هذا غير فساد طال بعض المؤسسات ، فتراجع الأداء ، ثم حدثت الخسائر ، ثم تآكلت البنيات شيئاً فشيئاً ، حتى تلاشت تلك المؤسسات وأصبحت مجرد ذكرى ، وتباكٍ على ماضٍ أنضر من حاضر كان هو البؤس نفسه .
ماكان لنا أن نتخيل عودة الروح لكثير من تلك المؤسسات الوطنية العامة ، مثل السكة الحديد والخطوط البحرية السودانية وغيرها ، لكن إرادة الله شاءت ، ومن بعد ذلك عزيمة الرجال في الخطوط البحرية السودانية ” سودانلاين ” التي تناقصت مقوماتها ومكوناتها على مر السنين ، بل حتى إن عناصرها البشرية كانت آخذة في التلاشي والغياب بسبب العجز ، والتقدم في العمر ، وانقطاع التواصل ، وعدم تجديد الدماء ؛ إرادة الله شاءت أن يلهم بعض منتسبي هذه المؤسسة ذات التاريخ العظيم ، أن يشمّروا عن سواعد الجّد لإعادة سودانلاين إلى ما كانت عليه ، فتحرّك الرجال ، مع قلة العدد والعتاد ، وبذلوا الجهد من أجل عودة الروح إلى مؤسسة كانت سفارة سودانية عائمة ، تمخر بواخرها وسفنها عباب البحر ، ترفع علم السودان في أعالي البحار ، وتنقل إلى السودان ومنه الصادر والوارد ، وترفد الخزينة العامة بالعملات الأجنبية ، وتقوم بتشغيل الآلاف في البواخر ، وما يتصل بعمل البواخر في الموانئ والمخازن ، وفي نقل الحاويات والبضائع ، وفي أعمال الشحن والتفريغ في كل القطاعات الخاصة والعامة ، وقد إنتصرت إرادة الحادبين على ذلك، فكان يوم الأمس يوماً جديداً في تاريخ سودانلاين وفي تاريخ الملاحة البحرية ، وفي تاريخ النقل البحري ، وكنت على ذلك من الشاهدين.
كنت قد تلقيت دعوة عن طريق الهاتف ، لأكون ضمن شهود برنامج فعالية إنطلاقة الخطوط البحرية السودانية بعد إعادة هيكلتها ، وكنت ما بين مصدق ومكذب للأمر لأنني أعرف ما آل إليه الحال ، ولقربي وإرتباطي بهذه المؤسسة الكبيرة أو التي كانت .
كثير من أهلنا في الشرق كانوا من منسوبي سودانلاين ، وحتى من أقصى الشمال ، توزعوا على الوظائف من أدنى درجات السلم إلى أعلاها ، رحم الله من رحل منهم وبارك في حياة من تبقى منهم ، وقد وجدت نفسي أكون في الموعد المحدد داخل قاعة الإجتماعات في مقر إتحاد الغرف التجارية التي دخلت في شراكة نوعية ومتقدمة مع شركة الخطوط البحرية السودانية ، وكان اللقاء حافلاً ، تحدث فيه وزير النقل المُكّلف هشام علي أحمد أبوزيد ، وقد تحدث الوزير الشاب فأجاد ونال خطابه إستحسان الحضور ، وسبقه مدير شركة الخطوط البحرية السودانية المهندس عبدالعظيم حسب الرسول ، مثلما تحدث الناظر محمد الأمين ترك ، رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة ، إضافة إلى أهل الدار ممثلين في الأمين العام لإتحاد الغرف التجارية الأستاذة وفاق صلاح عبدالعال مبروك ، وكان الحديث كله من أجل السودان ، من أجل إعادة الروح إلى بعض مؤسساته الناجحة العزيزة العظيمة ، وتمنيت لحظتها لو أن كل أهل السودان كانوا هناك ، ليكونوا شهودا على الميلاد الثاني لشركة الخطوط البحرية السودانية سودانلاين ، التي تعود بقوة ، وتعود بأحلام مقترنة بخطط تم الشروع الفعلي في تنفيذها ، بضخ دماء شابة في عروقها من جديد ، وتعيين خمسة واربعين خريج من مختلف التخصصات ليكونوا ضمن مجموعة التأسيس الجديدة ، وليكونوا ضمن من أراد الله لهم أن يؤسسوا لإنشاء أكبر ناقل بحري يخدم السودان ودول جواره والقارة الافريقية وكل الإقليم ، مع السعي الحثيث لإنشاء مواني جديدة على ساحل البحر الأحمر ، أحد أهم الممرات المائية في العالم .
Email : sagraljidyan@gmail.com