أعمدة

فضل الله رابح يكتب في (الراصد) .. الحكومة في مواجهة الطوفان

بدت الحكومة المركزية متجاهلة للحدث الأهم في الساحة الداخلية من وجهة نظري ولم تستشعر مخاطره وهو إعلان مجموعة شبابية ومجاهدين ميلاد جسم ثوري أطلق عليه إسم ( الطوفان) بمناطق البترول في غرب كردفان وهو كيان غضب شعبي ضمن الكيانات التي توالت في الشرق والشمال والوسط وهي كيانات في تقديري تسببت فيها الحكومة بإرتكابها خطأ بل جرم حين إستعجلت نتائج مؤتمر الحكم المحلي و أعلنت مستوي حكم رابع في دارفور بدون دراسة كافية وأصدرت قرارا إنشاء إقليم دارفور وكان بمقدورها دراسة الوضع بشكل جيد والتوصل الي نتائج علمية تعتمد إلغاء المستوي الولائي والإبقاء علي المحليات تتبع للاقليم مباشرة او إلغاء المحليات والإبقاء علي المستوي الولائي بدلا من هذا الوضع المشوه القائم في دارفور وهو يمثل عبأ جديد علي المواطن .. هذا الخطأ هو الذي فجر حالة الإحتقان في الشرق والشمال وكردفان وإن تجاهل الحكومة الي الاحتجاج ونذر العاصفة التي علي الابواب من غرب كردفان يكشف جهل الحكومة وتحديدا مجلس الوزراء ووالي غرب كردفان بخطورة تفريغ هذا البخار المضطرم في غرب كردفان التي هي من اهم ولايات السودان من حيث الجغرافية والانتاج إن حالة إنسداد الافق السياسي والعجز التنفيذي الفادح لنظام حكم الحرية والتغيير جعلهم يصمتون عن التعليق والتعامل مع اهم حدث يتجاوز في حجم مخاطره ما يدور في شرق السودان إذ أن غرب كردفان هي ولاية البترول الاولي في السودان حيث تنتج ما يعادل 95% من جملة إنتاج النفط السوداني و الـ 5% الاخري تنتج من ولاية شرق دارفور حيث تراجع انتاج النفط بعد انفصال الجنوب الي ( 115) الف برميل في اليوم ثم تدهور الي ( 60 ) الف برميل حاليا ولاية غرب كردفان وحدها تنتج ( 55 ) ألف برميل في اليوم أضف الي ذلك ان الخط الناقل الرئيسي لبترول دولة الجنوب المنتج من المصدرين الاساسيين (ولاية الوحدة وعدارييل ) من اعالي النيل يعبر بأراضي غرب كردفان وحتي بترول شرق دارفور يعبر اراضي غرب كردفان فتوقف البترول والخط الناقل سيشل حركة السودان بشكل كلي لان البترول عامل رئيسي في ناتج الدخل القومي وغرب كردفان وحدها تساهم بنسبة 30% من جملة ناتج الدخل القومي من الـ ( 18 ) ولاية وهي ولايات بعضها فقير للغاية .. إن خطورة العصيان المدني في غرب كردفان لا يتوقف عند البترول وإنما سيؤثر بشكل مباشر في تعطيل التوجه الحكومي القاضي بفتح المعابر وتنشيط التجارة الحدودية بين الدول وغرب كردفان تجاور دولة جنوب السودان في اطول حدود والخطر الآخر وهو توقف السكة حديد حيث أن غرب كردفان رابط رئيسي للسكة حديد بين الشرق والغرب والشمال والجنوب والسكة حديد في غرب كردفان لا تقل اهمية عن البترول والثروة الحيوانية التي تمتلك غرب كردفان أجود أنواع السلالات الحيوانية علي مستوي العالم الي جانب المعادن والذهب وإنتاج المحاصيل النقدية المتمثلة في الصمغ العربي والفول السوداني والسمسم وحب البطيخ والكركدي .. كل ذلك تجاهلته الحكومة ودوائر الرصد والتحليل وهي تشاهد وتسمع البيان رقم واحد لمجموعة الطوفان بغرب كردفان دون ان تعلق عليه او تحلل أبعاده ومخاطره والألام الإقتصادية التي يمكن أن يلحقها هذا الفعل علي إقتصادنا الذي يعاني أمراض مزمنة أقعدته سنوات عديد عن النهوض ولو كنت محل هذه الحكومة العاجزة لقدمت كل التنازلات السياسية بدلا من حالة الخطابات الفارغة من أي طرح سياسي وحلول موضوعية وذات جدوي .. لا تستهينوا بطوفان غرب كردفان فهو إنتاج خاص لمجتمع مقاتل وشرس وأقل ما يوصف بأنه ( الأكلة عسيرة الهضم ) .. أخشي علي الحكومة وهي تستهلك الوقت وتراهن علي المجتمع الدولي وهي تهمل الحلول والحوارات الداخلية للقضايا المحلية حتي تجد نفسها محاصرة بضغط شعبي وموجة طوفان عاتية تعم كل السودان يصعب إنحسارها .. والعقل السياسي الحكومي يفترض يفقد الامل في كل رهاناته القديمة سيما بعد المحاولة الانقلابية الاخيرة التي كشفت له كل الحقائق حتي الشارع والثوار الذين كانوا يراهنون عليهم في النصرة وإستثمار حشودهم في التخويف والارهاب فقدوهم وإرتد نداء عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان خائبا خاسئا وهو حسيرا إذ لم يعد خطاب الهتاف والتهييج بمقدوره أن ينتج مواقف شعبية وسياسية بإستطاعتها الصمود أمام الطوفان المعلن ولا أعتقد أن الإسم جاء من فراغ فهو واقع يحتاج التعامل معه الي اعتبارات وطنية وإستشعار لمخاطر داهمة وحقيقية لا مزايدة عليها ولابد من طرح وخطاب بديل للخطاب الحكومي القديم الباهت والا ستجد الحرية والتغيير وحكومتها ان الشارع السوداني في مدنه واريافه قد تجاوزها وإنطلق في طوفان يتجاوز بمراحل حشود ثورة ديسمبر وأنه بدأ يتشكل والحكومة عاملة أضان الحامل طرشاة وفي لحظة صمت حكومي سيكتسح هذا التمرد الشعبي كل التروس والرهانات الخاسرة التي تعتمدها الحكومة في طريقتها الناعمة ( الاعلام ـ المجتمع الدولي ومنظماته) ذلك لأن الغضب الذي ساد الجميع الان عنوانه إسترجاع الوطن الذي إختطفته مجموعة الحرية والتغيير وحلفاؤها ويمضون به إلي المجهول وليس إسترداد الوطني .. إن السودان اليوم في لحظة فارقة ويحتاج الي ثورة تصحيح أوضاعه وقناعاته وبدأ الخطر يمسك بأطراف ملابس المنظومة الحاكمة التي إحتفظت وحدها بحالة فريدة من العمي .. وحالة أخطر من إنتحار وشيك يهدد البقاء ..

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى