(وطن النجوم) .. علي سلطان ..بعض الرحيق.. الصحافة الورقية. شجون وهموم
مر عليّ عام (اثنا عشر شهرا) وانا اكتب عمودا يوميا راتبا في صحيفة القوات المسلحة السودانية في صفحتها الأخيرة.. وانا سعيد بهذه التجربة وهذه الاطلالة الموحية عبر صحيفة عريقة تجاوز عمرها الخمسين عاما من العطاء الثر.
ولقد زكاني للكتابة في صحيفة القوات المسلحة الاخ الصديق الصحافي والروائي الفاتح كامل.. الذي كان فتح لي المجال ايضا لاكتب عمودا يوميا في صحيفتهم المميزة (اليقظة) التي واصلت الصدور لفترة قصيرة ولكنها توقفت وهي قد بدات تحقق انتشارها وذيوعها.. ولكن للاسف فان مشروعات الصحافة والمجلات والنشر عموما في السودان مشروعات فاشلة لأسباب كثيرة.. فكم من صحيفة اختفت خلال السنوات الماضية؟ وكم من مجلة عريقة لم تكمل مشوارها..؟
والان تشهد الصحف الورقية وتعيش ظروفا صعبة وقاسبة قد تعجل باختفائها من المشهد الصحاقي والاعلامي برمته.
رغم اعتقادي انه ماتزال هناك فرصة لانجاح الصحافة الورقية في السودان. ولكن هناك مشكلات مهمة تعرقل مسيرتها واهمها ضعف التمويل وعزوف رجال المال عن الاستثمار في الاعلام وغلاء اسعار الورق وضعف الجنيه السوداني وعدم توفر الاعلانات التي تكفل لمثل هذه المطبوعات الاستمرار.. ولكن اوقن ان السودانيين مازالوا يفضلون قراءة الصحف والمجلات والمطبوعات الورقية خاصة جيلنا الذي ما زال متعلقا بالكتاب والصحفية والمجلة والاذاعة..!!
ويمكن لاي جهة ممولة ذات فكر ومسؤولية ان تساهم في مشروع لاحياء الصحافة الورقية.في السودان وترفدها بصحافة الكتروتية تفاعلية مما يجعل المشروع نجاحا. وكذلك لابد من اتباع اساليب جديدة في توزيع الصحف للقراء بابتكار اساليب جديدة تجعل الصحيفة في متناول اليد.
هناك معاناة عظيمة لا تتحمل يواجهها ناشرو الصحف حاليا وقد تدفع معظمهم الى التوقف عن اصدار صحف.. وقد توقفت صحف بالفعل عن الصدور اَو تحولت الى الكترونية..!
واتابع كل يوم تقريبا معاناة الاخ العزيز الصديق عاصم البلال لإصدار العدد اليومي من صحيفتهم (اخبار اليوم) وتاخذ هذه المعاناة اشكالا شتى من اهمهما واكثرها ازعاجا انقطاع التيار عن مقر الجريدة والمطبعة.. ويظل فريق العمل منتظرا لفترة طويلة قد تصل الى خمس ساعات حتى يعود التيار الكهربائي ويبداون العمل حتى وقت متأخر من الليل حتى تدخل الصحيفة المطبعة لتواصل مرحلتها الثالثة قبل التوزيع.. اضف الى ذلك المشاكل التي يواجهها الاخ عاصم ومنها الزيادة المستمرة في أسعار الورق والزيادة المستمرة في تكلفة الكهرباء التي اصبحت لا تحتمل..!! والطباعة ومشاكلها ومدخلاتها وارتفاع اسعار الاسببرات والاحبار والبليتات.. الخ ومع كل ذلك الجهد والعناء والتكاليف تصدر المطبوعة يوميا وتحقق كل يوم خسارة فادحة لا يعوضها سعر بيعها في السوق..!! ورغم كل تلك المعاناة والخسارات المتتالية يصر ابناء البلال حفظهم الله على اصدار اخبار اليوم ويتعاهدون ان لا تسقط راية تلك الصحيفة العريقة بل تظل خفاقة مهما كلف الامر نن من تضحيات جسام.
إن إفلاس شركات وموسسات امر ليس بمستبعد.. ولكن سقوط راية صحيفة واختفاءها امر محزن.. كسقوط حضارة ودولة وامجاد.
هي دعوة للمسؤولين اصحاب الشان ورجال المال والاعمال للنظر في امكانية الاستثمار في الصحافة والاعلام.. واصلاح حال الصحافة ودعمها فهي تستحق.