(مع بلاد كوش) ..جنانها واراضيها المباركة والمقدسة بقلم : محمد أمين ابوالعواتك
إجابة علي سؤالك (النادر) الاخ الحبيب علي عوض عابدين الذي وصلني مع ما ارسلته من إفادة وصور تحوي جمالا غير طبيعي من منطقة (رشاد) وسؤالك الهام :
(رشاد دي فيها طاقة روحية عجيبة
فيها سر…تاريخيا هل هي مرتبطة بأحداث قبل الميلاد؟ )
وهو سؤال اسعدني لانني كثيرا ما اكتب اجابة مني علي السؤال المتكرر :
البلد دي مالها؟
ماذا يحدث لنا ؟
و كل هذا الشقاء والتمحيص المستمر الذي يكابده إنسانها و هو امر اسميته في احدي مقالاتي ( العقاب القديم) في تأشير الي المطلوب الاهم الذي نحتاجه لبذل الجهد في (الحفريات المعرفية) لمعرفة الاجابة علي الاسئلة الكبري المتعلقة بنا في الهوية وأصل الاشياء لا مظاهرها ، واسباب الدائرة الجهنمية التي لا نبارحها ، و ديمومة الاحاطة بهذه البلاد وسر الاهتمام والحضور الدائم من كل الدنيا في كل ما يتعلق بنا..
من نحن؟ وماذا حدث لنا؟
ولماذا؟ وكيف؟
حتي نتلمس و نتخط الطريق الذي يؤدي الي الاجابات الكبري ثم الالتحام مجددا مع الممسكات للحضارة التي كانا ننعم بها في جغرافيتنا التي جهلنا قداستها وانها كانت بداية الاستخلاف البشري ومركزه علي الارض واول قبلة في الدنيا بكل معانيها الحضارية والدينية ومنها خرجت هجرات بني الانسان لبداية رحلة الاستخلاف علي الارض و خرجت معها كل العلوم والمعارف والاجناس والالسن .
ساجتهد في ابراز رؤوس مواضيع ردا علي هذا السؤال (شاسع الاطراف) ولعل الوصف البليغ له يماثل المصطلح القراني في وصف الجنة ذاتها ( ..عرضها السماوات والارض) و …( ..عرضها كعرض السماء و الارض) ، واقول ان الارض المباركة والارض المقدسة كما جاء في البحوث القيمة في كتابي ( نبي من بلاد السودان ) و ( بنو اسرائيل في ارض كوش ) هما في بلاد السودان الحاليه وهي خلاصة تعضدها جغرافية و ترتيل كلم قراني وبحوث معملية حديثة واثار لا حديثا علي عواهنه .
النيل كما جاء في الاثر هو احد انهر الجنة ، والجنة في الارض وليس في السماء ولكن في بعد اخر فوق البعد الثلاثي ( وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده و اورثنا الارض نتبوأ من الجنة حيث نشاء.. ) وذلك (يوم تبدل الارض غير الارض) كما ان ( ..ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) و البحوث متاحه لمن اراد معرفة المنهجية البحثية والادوات التحليلية والمرجعيات والمنهجية الترتيلية في كتاب ما فرط الله فيه من شئ اضافة الي ما استجد من علوم وبحوث وفحوص معملية.
تحدث القران عن (ارض مباركة) ، (ارض مقدسة) و (وادي مقدس) عندما يتعلق الامر بالاماكن المباركة والمقدسة علي الارض.
فالارض المباركة والوادي المقدس هما في جغرافيا السودان الحالي في المنطقة جوار جبل (البركة) او مايعرف اليوم (البركل) الذي قد يكون هو (الطور) المذكور في القران و الطور من اسماء الجبل كما ان البحر من اسماء النهر والساحل هو الشاطئ والسفينة هي المركب …والبركل الذي يقع في منطقة كريمة وهو مقام الاله آمون الذي هو مركز القداسة لكل شعوب القدماء علي امتداد الوادي شمالا وجنوبا وبجوار شاطئه كان التكليم الالهي لموسي عليه السلام من الشجرة في الوادي المقدس والذي بجواره البحر او النهر ( ..انك بالوادي المقدس طوي ) وهو الوادي المقدس في الارض المباركة ( فلما اتاها نؤدي من شاطئ الوادي الايمن في البقعة المباركة من الشجرة ان يا موسي اني انا الله رب العالمين) والتي تنتشر فيها الامصار علي طول مجري النهر والتي هبط في احداها (بنو اسرائيل) وهي داخل السودان الحالي..
أما (الارض المقدسة) هي تلك التي اراد نبي الله موسي اخذ (بني اسرائيل) اليها بعد معجزة فرق النهر و الهبوط والتي تقع خلف الصحراء الي الغرب والتي رفضوا الذهاب اليها ودخولها محتجين بوجود العمالقة الجبارين او ما يعرف بالكنعانين حولها وهو موطنهم الاول قبل هجرتهم بعد ذلك ..وخالفوا رسولهم بل وهموا بايذائه لرغبتهم العودة الي (الارض المباركة) التي الفوها وتعودا عليها جوار النيل وفضلوها علي ( الارض المقدسة) التي هي الجنه في البعد الثلاثي وهو امر ساوضحه بعد قليل .. والارض المباركة هي التي تم رجوعهم اليها بعد ذلك في زمان طالوت (وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَٰرِقَ ٱلْأَرْضِ وَمَغَٰرِبَهَا ٱلَّتِى بَٰرَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ بِمَا صَبَرُواْ ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُۥ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ) بمعني ان موضوع وحجة (ارض الميعاد) اليوم هو (سياسي) ولاعلاقة له بحقيقة الامر لان الوعد قد اكتمل قديما وانتهي بدخولهم اليها شرقي وغربي نهر النيل وهي حجه تسقط اليوم في موضوع الصراع (السياسي) الاسرائيلي الفلسطيني والذي لاعلاقة له بالقصة الاصليه البتة ..مما يؤكد ان الصراع الحالي سياسي استعماري لاهل الارض وليس ديني ومن هنا تنبع اهمية الحفريات المعرفية في حل اشكالاتنا المعاصرة في نواح كثيرة …واثار
بنو اسرائيل في الارض الاصل الاولي في مايسمي السودان اليوم انتهت فصولها بهجرة من تبقي منهم الي اعالي الهضبة في نهايات القرن الميلادي الاول حيث اسس بعض احفاد ملوك مروي القديمة وملكاتها الكنداكات ممن تداخلت انسابهم ببني اسرائيل مملكة اكسوم في الهضبة الاثيوبية والتي استمرت حتي القرن الماضي وانتهت بموت الامبراطور هيلاسلاسي في العام ١٩٧٥.
والارض المقدسة المذكورة ( ياقوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم ) هي نفسها الجنة لكن في بعدها الثلاثي الارضي الذي فيه القيد الزمني لانه يحكمه طول وعرض وارتفاع وبالتالي زمن ، ويعجز من هو في البعد الثالث باحاطة ما فوقه من الابعاد … ومن هذه الارض كانت طينة ادم ( الطينة) و بداية خلق الانسان جاء فيه ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) ، وهي مكان الهبوط في هذا البعد الثالث قبل ان ترفع الي بعد اخر… ومن ثم كان الهبوط من اعلي الجبل الي الارض واذا تدبرت القران ستجد ان الجبال ليست هي الارض وتذكر دائما منفصله عن الارض في كل الايات ( الارض والجبال) …و الجبل نفسه هو ذات المكان المعروف بالجودي اي الجبل دائما المطر وهو جبل مرة الذي هو فعلا دائم المطر وفيه كل الخيرات وانواع الشجر والثمار و الجمال الأخاذ الذي يخلب الالباب … وفيه استوت سفينة نوح عليه السلام بعد الطوفان العظيم و تأسيسه للمملكة البشرية الثانية من (ذات المكان المقدس) الذي هبط فيه ابونا ادم في اشارة واضحة ومتجددة لمكان البدايات… و ينبغي ان نعرف ان (كوش) هو الابن الاكبر لحام بن نوح عليه السلام ومن اجداده نبي الله ادريس عليه السلام المذكور في الكتاب المقدس باسم ( اخنوخ) ومن اخوانه كنعان ومن ابناءه ( سبأ) و ( نمرود ) الذي تبناه عمه كنعان..
وايضا مثل منطقة (رشاد) تدهشنا باذهال (نيرتتي) الجميلة وفواكهها وكل انحاء جبل مرة وربوع كردفان وجمال الطبيعة في جنوبها وغيرها من كل تلك المناطق الجميلة حتي تلك التي تبعد قليلا من الجبل تتشبه في الاسم بجنة جبل مرة وتسمي نفسها ( الجنينة)!
اما الجنة في ابعادها الاخري العلا فوق البعد الثالث هي في حكم ما لاعين رات ولا اذن سمعت ولاخطر لقلب بشر ، فالجنة كما اوضحت الاية في الارض وليس في السماء عندما تبدل في بعد مختلف . اما في بعدها الثالث هذا كانت هي وجهة نبي الله موسي واخيه هارون والذي اراد ادخال (بنو اسرائيل) اليها عبورا الصحراء الي الغرب في جبل مرة والذي الي اليوم يكون وصف من يزوره تلقائيا بانه جنة الارض بتعدد مناخاته واشجاره المختلفة الثمار وجمال الطبيعة كما ذكرنا ، و كتب فيه من المعاصرين الشاعر المغني عبد الكريم الكابلي قصيدة (مرسال الشوق) و وصف جماله بشاعريته الفذة وهي الاغنية التي غناها الفنان ابو عركي وهو حال امتداداته جمالا الي الغرب والجنوب في كردفان وجنوبها.. وبجواره كذلك في الصحراء المجاورة توجد (ارض التيه) التي عاقب الله بها (بنو اسرائيل) بعد عصيانهم رسولهم موسي عليه السلام في عدم اتباعه ودخول الارض المقدسة ..عاقبهم مباشرة بادخالهم فيها تيها (اربعون سنة) وهي الصحراء التي لايزال يتيه فيها بعض الناس والقوافل السفرية ويموتون عطشا حتي يوم الناس هذا في شمال غرب السودان وفيها ( درب الاربعين) !!
البعد الثالث الذي نحن فيه ليس هو المختص بالمعرفة والتعامل بل هو فقط للوجود المرئي المحسوس ، والانسان فيه يحمل في وجوده هذه الروح ذات الخاصية المدركة التي تحركه وتميزه عن بقية الموجودات ، وهي مقيدة سجينة في جسده المادي، فاذا خرجت منه الروح بالوفاة او الموت انطلقت من سجن البعد الثالث وخرجت عن اطار الزمن الارضي ودخلت في البعد الاعلي الذي يناسب نورانيتها..او كما قال الشيخ النيل عبد القادر ابوقرون.
اخي علي ..هذه اجابتي عن ما سألت تحديدا ..ويمكنك تدبر ما ستحدثه هذه الحفريات من اثر علي كل هذه الجغرافيا وانسانها الذي يجهل قيمتها ويبدل ارض مقدسه بما هو ادني ..انه صراع السلطان وتجبره وعدوانه الذي كان دائما علي النقيض من رسالة الاخلاق التي اتي بها كل الرسل والانبياء وهو سبب البلاء والشقاء والعقاب القديم المتجدد خاصة في ارض البدايات والنهاية …
مع شكري وتقديري،،
محمد امين ابوالعواتك
حتما ستجيئ هذه البلاد على قدر
بعد كل هذا الاصطناع الرباني