نائب حاكم إقليم دارفور محمد عيسى عليو في حوار مع “الصحافة.نت” : عدم الاستقرار السياسي وعدم صدور قانون حكومة إقليم دارفور أبرز تحدياتنا
خلافات قيادات الحركات التي وقعت إتفاق جوبا عطلت عمل المفوضيات
ماحدث بالنيل الأزرق هو امتداد لافرزات الإنقاذ السالبة
مشكلة وظائف متضرري مفوضيات سلام دارفور ستحل إداريا أو قانونيا أو سياسيا ،
مستعدون لدفع رسوم طلاب دارفور بالجامعات… ولكن (…..)!
حاورته : ابتسام الشيخ
اعتبر نائب حاكم إقليم دارفور دكتور محمد عيسى عليو أن ماحدث مؤخرا بإقليم النيل الأزرق هو امتداد لافرزات الإنقاذ السالبةالتي قال إنها انتهجت سياسات اضعفت قيادات الادارات الأهلية.
وقال عليو إن عدم الاستقرار السياسي في الخرطوم وعدم صدور قانون حكومة إقليم دارفور أبرز التحديات التي تواجههم في حكومة دارفور.
موضحا ان مشكلة وظائف متضرري مفوضيات سلام دارفور ستحل إداريا أو قانونيا أو سياسيا ، وأبدى عليو استعدادهم في حكومة إقليم دارفور لدفع رسوم طلاب دارفور بالجامعات في حال ايفاء الجهات المانحة بالتزامات اتفاق جوبا المالية.
وقال نائب حاكم إقليم دارفور إن خلافات قيادات الحركات التي وقعت إتفاق جوبا عطلت عمل المفوضيات باقليم دارفور. مشيرا إلى أن تقييمهم لأداء حكومة إقليم دارفور مربوط بأداء حكومة المركز
وقال عليو إن الرئيس البرهان بقرارته الأخيرة ضرب (عصفورين بحجر) إذ القى الكرة في ملعب الأحزاب السياسية.
منوها إلى أن إتفاق جوبا يمثل أحد الثوابت الوطنية رغم التحديات المحيطة به.
*بداية …ماهي أبرز التحديات التي تواجه حكومتكم ؟
– التحديات كثيرة لكن الوضع السياسي في السودان بصورة عامة يشكل أحد أهم هذه التحديات وبالطبع هذا الوضع ينعكس في مجمله على اقليم دارفور كجزء من السودان سواء من ناحية السياسات الخارجية او الناحية المالية ، وبالتالي الوضع غير المستقر في الخرطوم إنعكس على الأداء في إقليم دارفور، ومن ضمن ذلك المبلغ المتفق عليه في إتفاق جوبا لإقليم دارفور (750 مليون دولار ) الآن مضى قرابة العام ونصف العام ولم يأتينا شيئ ،
فضلا عن أن عدم صدور قانون اقليم دارفور هو تحدي كبير في مواجهة حكومة الاقليم ،قرابة العام ونصف العام ولم يصدر القانون،
وقد سميت دارفور اقليم بموجب اتفاق جوبا ،وتم تعيين حاكم اقليم بموجب جوبا ،لكن لم يصدر قانون هذا الإقليم ! ولي هنا أن أتساءل (هل وقف حمار الشيخ في العقبة ؟) لماذا يعطلون القانون ؟ بدون القانون (زي الأدوك سرج بدون حصان ) ،
* مقاطعة.. إذا كيف تديرون الاقليم في غياب القانون ؟
– مستويات الحكم غير واضحة والعلاقة بين الحاكم والولاة غير واضحة ، نحن الآن نتعامل مع اخوتنا الولاة بحكم أنهم يعلمون أن اتفاق جوبا جاء باقليم وحاكم .
* وماذا عن التحديات الأخرى؟
– تحدي آخر هو الترتيبات الأمنية التي تحتاج الى موارد ضخمة جدا ،فقد تخرجت دفعة مطلع هذا الشهر تمثل باكورة هذا العمل ويفترض ان تاتي بعدها دفعات ،شباب الكفاح المسلح لايزالون في الصف ،
وتحدي ثالث هو الأمن ، فالأمن مرتبط بإستقرار البلد وإمكاناتها المالية ، ومعلوم احتياجات التحرك الامني من سيارات ووقود وغيرها ،
* لكن الوضع الأمني في ولايات دارفور لايحتمل أن يقف الناس أمام المعوقات مكتوفي الأيدي ؟
– نحن غير مستسلمين لهذه التحديات ورغم ماذكرته سابقا وانطلاقا من نظرية ( مالايدرك كله لايترك جله ) نتحرك في كل اتجاه ونعمل جاهدين في سبيل استتباب الأمن في دارفور، نحن في حكومة الاقليم والاخ نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو وأعضاء المجلس السيادي كلنا نتحرك في ولايات دارفور الخمس نتلمس الوضع الأمني وإمكانية استتباب الأمن من خلال المصالحات القبلية،
* على ذكر المصالحات اين حكومة الاقليم من الصراعات القبلية في غرب دارفور تحديدا ؟
– عقب تكليفي نائبا للحاكم قمت بزيارة لولايات دارفور الخمس وقدمت للأخ الحاكم تقريرا مكتوبا بأن هناك بؤر ساخنة متعلقة بالقبائل والحواكير في أربعة ولايات أما في غرب دارفور فذكرت بأن هذه مشكلة ولخصتها في عدم قبول الآخر ،ففي غرب دارفور هنالك لفظ للآخر بسبب الظروف التأريخية القاسية التي عاشتها تلك العناصر ،
ذهب الأخ الحاكم الى الجنينة وزار المواقع الملتهبة وبذل النصح للقبائل وقدم مايمكن أن يقدمه من حلول وتبرعات للخدمات والتنمية، ثم ذهب نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو في معية الأخوين الهادي ادريس والطاهر حجر ومكثوا في دارفور فترة طويلة ورجوع حاكم الإقليم يعود لتقديرات رؤوها هم مع بعضهم البعض ،
وجميعهم هنالك بغرض الجلوس الى القواعد ، ليستمعوا كمسئولين الى الناس ويسمعوا منهم ،وهذا مانحتاجه لتكوين فكرة كاملة عن القضية،وأؤكد أن الجميع يبذلون قصارى جهدهم لحل هذا المشكل ،
*وماذا عن المصالحات التي عقدت ومامدى إسهامها في الحل ؟
– حصلت العديد من المصالحات برعاية نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو ،مصالحات في جبل مون ،في شمال شرق كلبس ،في كرينك وكريندق ، لكن حقيقة هذا كله ليس المشكلة الحقيقية إنما هذه إفرازات سالبة للمشكل الأساسي ،
*ماهو المشكل الذي ذكرت سابقا بأنك شخصته في تقريرك ؟
-المشكل الأساسي هو أن العناصر العربية وعناصر المساليت غير متقبلة بعضها البعض رغم المصاهرة والنسب الذي بينهم والتأريخ المشترك الذي يجمعهم وهذا ضمن مافعلته الأنقاذ من مآسي فقد زرعت الفتنة بين هذه المكونات التي كانت متجانسة ومتحابة ،وبالطبع فإن قيام الكفاح المسلح ضد الحكومة والإستقطابات من والى احدثت التوتر وسببت هجرات ونزوح ،
* دكتور عليو…رغم ماذكرت من مجهودات هنا وهناك الا ان هنالك اتهام لحكومة الاقليم بأنها بعيدة عن انسان الإقليم ،ماتعليقك ؟
– هذا شيئ نفسي تأريخي لأن في معظم الإتفاقات السابقة كان الحاكم في الخرطوم ،الآن
لو حسبتي الفترات التي يقضيها الأخ الحاكم وأقضيها أنا في دارفور لوجدتي أننا نقضي ثلثي الوقت في الاقليم وثلثه في الخرطوم وفترة تواجدنا القليلة في الخرطوم تكون لمتابعة القضايا المرتبطة بالإقليم ،وماتسمعوا الكلام عن وجود الفيدرالية (مافي فيدرالية ) البلد قااابضة جدا ،شهادة الميلاد من الخرطوم !! وربما الوفاة ،
وإذا كان مشروعات الاقليم عند وزارة المالية في الخرطوم ! ومياه الإقليم عند وزارة الري في الخرطوم! ( اذا نحنا ماقاعدين في الخرطوم عشان نتفسح ) .
* ماهي رؤيتكم لتحقيق التنمية والإستقرار في إقليم دارفور ؟
– قبل توقيع إتفاق جوبا وقبل تسميتي نائبا لحاكم إقليم دارفور وكنت واليا حينها إتفقنا نحن الولاة على عقد إجتماعات دورية بشأن التنمية والخدمات في دارفور واستمرت هذه الاجتماعات وجاء الأخ حاكم الاقليم وحضر بعضها فقضية دارفور واحدة، ومن خلال هذه الإجتماعات عملنا على تصنيق التنمية والخدمات في الاقليم ،صنفنا المهم والاهم ،وسلمنا حينها نسخة لرئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك ولاحقا سلمنا نسخة لرئيس مجلس السيادة ،
* وكيف جاءت تصنيفاتكم لأولويات التنمية والخدمات في الإقليم ؟
– ملامح رؤيتنا لتنمية دارفور تقوم على أنه
على رأس الأولويات ربط دارفور بالطرق فدارفور مالم ترتبط بطرق لا طعم لها ولا لون ولا رائحة ،دارفور ليست فقيرة واعتقد أن السبب الاساسي في انهيار اقتصادها ليس حرب الاقتصاد الخارجية انما خروجها من دائرة دولاب الاقتصاد السوداني بسبب الحروب وعدم زراعة الاراضي المناسبة وبسبب عدم توصيل المحاصيل والفواكه والانعام للعاصمة في الوقت المناسب ،
ثم تأتي المطارات ،لدينا الآن ثلاثة مطارات ممتازة وتبقى مطاري زالنجي والضعين ورؤيتنا أنه يجب أن تكون جميعها مطارات دولية ،
كما أن وصول الكهرباء القومية لدارفور أولوية قصوى ،فحتى يومنا هذا دارفور شغالة بالجنريترات التي تتعطل طوال الوقت فضلا عن مشاكل الوقود ،
وعلى صعيد آخر نحن نسعى لإنشاء كباري على بعض الاودية في مختلف ولايات دارفور ، ففي دارفور أكثر من ستين وادي واولى خطواتنا في هذا الاتجاه مشاركتنا ولاية جنوب دارفو انشاء كبري يربط الجزء الجنوبي من مدينة نيالا ، والبقية تأتي إن شاءالله ، فعلى كبر وعظم ولاية جنوب دارفور ليس بها غير كبري واحد ( وادي مكة ) .
* بالعودة لحديثك عن غياب قانون الإقليم قلت لماذا يعطلون القانون ؟ ماذا تعني ؟
– هنالك بعض القوى الوطنية لاتريد اتفاق جوبا وبالتالي فهي تعمل على عرقلته ،
* كيف تنظر الى هذا الإتفاق في ظل هذا التشاكس السياسي ؟
– أعتقد أن إتفاق جوبا رغم التحديات المحيطة به الآن هو أحد الثوابت الوطنية فقد اسكت صوت البندقية وأوقف سفك الدماء وهنالك عودة لبعض النازحين واللاجئين ،
وأعتقد أن السودانيين هذا طبعهم فقد اعترضت الاحزاب السودانية من قبل على الاتفاق الذي وقعه الرئيس نميري مع جوزيف لاقو وجزئيا أرى أن معها حق حينها لانه لم تتم مشاورتها مما أثر على الإتفاق وتولدت ثورة بقيادة جون قرنق ،
* وهل اليوم يشبه الأمس ؟
– لا ابدا ..الوضع الآن مختلف فالثورة هي التي جاءت باتفاق جوبا ،والإخوة في الحرية والتغيير هم من يفاوضون إخوتهم في الكفاح المسلح لكن بعض الاصوات الآن تعلو بالحديث حول اتفاق جوبا ، وأنا لا اريد أن اتحدث بلغة (نقضت غزلها بنفسها ).
* وماذا عن قضية قبول طلاب دارفور بالجامعات والمعاهد العليا وفق إتفاق جوبا وهو أمر لم يتم للعام الثاني ،ماتعليقكم ؟ وماهو موقفكم ؟
– أنا على قناعة تامة بأن التعليم لأبناء دارفور يجب أن يكون مجانا نسبة للظروف الضاغطة ،الهجرات والنزوح وغيرها ،ومقتنع في نفس الوقت بأن الجامعات لا تستطيع أن تقبل هؤلاء الطلاب بهذا العدد الكبير بدون أن تكون هنالك جهة تدفع هذا المال ، اعتقد أن الجامعات غير رافضة للفكرة ، لكن نسبة دعم التعليم العالي بسيطة جدا والجامعات تسير نفسها بنفسها وللأسف الجامعة مؤسسة إيرادية ، ولابد من طرف ثالث ليدفع ، نحن كحكومة إقليم مستعدون لأن ندفع هذا المال لكن بكل أسف (ماجاتنا قروش ) ،
* وماذا سيحدث ؟
– اعتقد أن الجامعات يجب أن تفكر معنا لنصل جميعا الى كيف نملأ هذا الفراغ المادي ، وقد واجهتنا من قبل عقابيل في أبوجا ، الطلاب يجب أن يتم قبولهم ، أبناؤنا ضاع عليهم العام الماضي وماممكن يضيع هذا العام ايضا ، .
* بعد توقيع اتفاق جوبا دار لقط كثير بشأن مفوضيات سلام دارفور التي أنشأت عقب حل السلطة الإقليمية التي تأسست بموجب اتفاق الدوحة بغرض تكملة مابدأته السلطة من مشروعات كما برزت أصوات متضررة تطالب بحق مهضوم في وظائف هذه المفوضيات ، فماذاحدث بشأن المفوضيات ؟ ومامصير الوظائف ؟
– تم حسم أمر تبعية هذه المفوضيات و
نحن في إنتظار صدور قانون إقليم دارفور حتى يصدر حاكم الإقليم قرارا بضم المفوضيات لحكومة الإقليم ،الآن ملفات المفوضيات الست بطرفنا وآخر إجتماع إنعقد بمقر حكومة الإقليم في الرابع عشر من يونيو الماضي كان مفوضو مفوضيات سلام دارفور ضمن حضوره الى جانب فريق حكومة الإقليم وكبار مفاوضي جوبا ،
*وماذا بشأن وظائف المفوضيات التي يطالب بها المتضررون ؟
– أنا متابع هذا الأمر وأعلم أن هنالك إحتجاجات وأقول نحن مع العدالة والحق حق ،نرجو الهدوء و الصبر وأؤكد بأن المشكلة ستحل إما إداريا أو قانونيا أو سياسيا ،
* ولكن لماذا تأخر حسم أمر هذه المفوضيات وترك باب الجدل مفتوحا ؟
-نحن بصراعاتنا أهملنا مشروع المفوضيات الكبير و
خلافاتنا هي التي تسببت في تأخر حسم تبعية المفوضيات ، وبصورة أوضح خلافات قيادات الحركات التي وقعت إتفاق جوبا هي التي أحدثت عقابيل لعمل المفوضيات ،
في السابق عندما جاء موقعو إتفاق الدوحة تعاملوا مع أبوجا بصورة إستئصالية، الآن لما جاء موقعو جوبا إتصلنا بالمفوضين وجلسنا معهم وجمعناهم بكبار مفاوضي جوبا ووجدنا أن لديهم فهم ممتاز وأعتراف بجوبا كما لمسنا منهم رغبة في استمرار العمل والا يكون التعامل كسابقه في أبوجا وهم مقتنعون بأن الاقليم هو الجهة التعبيرية والخدمية الأفضل بالنسبة لهم .
* ماهو تقييمك لأداء حكومتكم خلال العام ونصف العام من عمرها ؟
– تقييمنا لأداء حكومة الإقليم مربوط بأداء حكومة المركز ومعلومة حالة المركز ولا أزيد إن لم ينصلح الرأس فلن تنصلح الأطراف ، ورغم ذلك لحكومتنا جهود مقدرة من الحضور الميداني والوجود الديواني ، وهناك بعض الخدمات قدمت كالحفائر في شمال دارفور والابار الارتوازية التي حفرت وتبرعات السيد الحاكم في الولايات الخمس لتجويد أداء الخدمات وفتح المراحيل لانجاح الموسم الزراعي والمصالحات الأهلية الجادة وغير ذلك من الجهود ودارفور ان شاء الله في طريقها للتعافي الشامل بسبب سياسة حكومة الإقليم والسادة الولاة ووجود السيد نائب رئيس المجلس السيادي وعدد من أعضاء المجلس السيادي في دارفور لاشهر حتي يكونوا قريبين من المواطن ،وفي حالة استقرار الوطن والالتزام بالمبلغ المحدد في إتفاق جوبا ستقفز دارفور الي مصاف الأقاليم الراقية .
# ماتعليقك على أحداث إقليم النيل الأزرق وماردكم على تخوف البعض من انسحاب الأمر على إقليم دارفور
وماالدرس المستفاد بالنسبة لحكومتكم من هذه الاحداث ؟
– مشكلة النيل الأزرق هي من الافرزات السالبة لسياسة الإنقاذ القبلية في خلق هياكل جديدة للادارات الأهلية دون التشاور والتنسيق مع مسؤولي هيكل الإدارة الأهلية المعترف به تاريخيا ،نفس السياسة ارتكبتها في دارفور وهي من الأسباب التي اججت الصراعات وافقدتنا انفس عزيزة ، نحزن ونأسف للذي حصل في النيل الأزرق ولابد من معالجة جذرية للمشكلة ،
وهذه المشكلة هي أصلا بدأت بدارفور ونرجو ان تنتهي في النيل الازرق.
* دكتور عليو الحاكم والسياسي والكاتب كيف ينظر الى الراهن – السياسي السوداني ؟
الراهن السوداني خطير جدا ،
للأسف الشديد نحن بعد الإستقلال لم نشهد حرية سوى فترة بسيطة من 53 /55 ، من بعد 58 كلما دخلت أمة لعنت أختها ،أمة تحكم وأمة إما محكوم عليها بالإعدام أو في كوبر ، لم نجلس كسودانيين لنناقش قضية وطنية والذين جلسوا وعبروا عنا لم يخاطبوا القضية السودانية والوجدان السوداني ولم يخاطبوا قضيةالهامش الحقيقية رغم أن أهل الهامش في شرق وغرب السودان في كردفان ودارفور عبروا ونبهوا منذ الخمسينات لكن بكل أسف النخبة الحاكمة في البلد عسكريين أومدنيين لم يكونوا قادرين على مخاطبة القضية السودانية الحقيقية مما ولد الكفاح المسلح وأثر على الوضع السياسي والإجتماعي والإقتصادي والإقليمي ولانزال نعيش افرازات ذلك حتى يومنا هذا ،وبعد أن إندلعت ثورة 19 ديسمبر نجد أن بعض قياداتها بذات العقلية القديمة، لم تتعلم من التأريخ ،نفس الإستحواذ والإنكفاء والفوقية ،
* كيف تنظر الى الظروف التي مرت بها الثورة وصولا لقرارات قائد الجيش الأخيرة ؟
– لي قول سابق في هذا الأمر (قلت إن الثورة إنتصرت على يد الشباب لكن إختطفها الكبار ) ،واعتقد أن للأبوية محاسنها ومساوئها ،وفي رأي أن مهمة الأحزاب هي إسناد الثورة دون التوغل في أساسيات الفترة الإنتقالية ،فرمزية الفترة الإنتقالية يجب أن تكون شبابية ،وأرى أنه ينبغي علي الأحزاب أن تنأى عن مفهوم أن الشباب لا يفهم ،علينا ألا نبخس عقول الشباب ،
الشباب يفهمون وفي التأريخ شواهد كثيرة على وعي وإدراك ونفاذ بصيرة الشباب ،الأحزاب تغولت على الثورة خاصة بعد حكومة حمدوك الأولى التي ذهبت في إتجاه إختيار رموز للشباب والثورة ،لكن بعد ذلك مزقت قرآنها وجاءت بالحزبيين بدلا من أن تدعم اتجاه حكومة حمدوك الأولى وتعمل على تنظيف و إزالة المعيقات فيها وتعكف على تنظيف ميادينها السياسية ،
* ألم تات بك الأحزاب واليا ثم نائبا للحاكم ؟
– ابدا …أنا لم تأت بي الأحزاب ،لا في ولاية شرق دارفور ولا نائبا لحاكم الإقليم ،
أنا دائما أقول بأنني أفتخر بأني إبن الثورة وأنا هنا بأمر الثورة ،لم يأت بي حزب الى الحكم ،لا في ولاية شرق دارفور ولا نائبا لحاكم الإقليم ، بل أتت بي الثورة مباشرة ، الثورة جاءت بدكتور حمدوك رئيسا للوزراء و أختارني حمدوك واليا ، (وأنا بشكر ربنا على أنه سترني معاهو ومع أهلي في شرق دارفور )،ثم جاءت الثورة باتفاق جوبا وتم تعيين الأخ مناوي حاكما للإقليم وهو الذي أختارني ،( باختصار أنا متشبك في الثورة) ، ومع أني الآن مراقب للعسكر وغيرهم وأرى أنهم معنا في التوجه نحو تكملة الفترة الإنتقالية لكن متى ماأحسست بأن ليس لديهم رغبة في التحول الديمقراطي سأكون أبعد الناس عن الحكم ) ،
* ماتعليقك على قرارات قائد الجيش الأخيرة ؟
– مافعله البرهان في رأي ضربة لازم وهي قفزة موزونة وزن دقيق جدا واعتقد أن البرهان وضع الكرة في خط ستة ،
وفي إعتقادي أن قراراته هذه حلت المشكل ( لا شراكة ،لا تفاوض ،لا اعتراف )،
فخروج الجيش من العملية السياسية أعتبره ضرب عصفورين بحجر واحد ،( لا شراكة ،لا تفاوض ) ، فهل هناك حل أفضل من ذلك ؟ ،
* لكن يادكتور عليو البعض يقول أنه فعل ذلك لأنه يعلم بأن المدنيين لن يتفقوا ؟
– هذا أسلوب اليائسين و
لا أوافقهم الرأي ،ففي تأريخنا في 53 إتفقنا وفي 64 وفي 85 ،وكنا أقصى اليمين وأقصى اليسار والوسط والجهوية الجنوبية ،
(طبعا مافي شي بيتم كسر رقبة) ،لكل حزب برنامجه وهنالك قضايا وطنية لا نختلف عليها أبدا ،لا ارى في إتفاقنا الآن أي صعوبة إلا اذا عندنا حسد سياسي ،
* في رأيك هل يمكن أن تعيد هذه القرارات الثقة لدى السياسين ؟
في رأي ليس في الحكم ثقة أو عدم ثقة أو (like and dislike) ,الحكم فيه ساعات تجلو كل الماضي،وأعتقد أن العقلاء من السياسين سيغفرون للبرهان 50% من الرواسب العالقة في أذهانهم عنه بهذه الخطوة ،
* ألا ترى أنه يحتاج الى خطوات أخرى تعزز المصداقية ؟
– أنا لا أشكك ، لكن فعلا يكون جيدا إذا تقدم البرهان خطوة أخرى بأن كون المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوظائف هي فعلا وظائف المجلس الأعلى للقوات المسلحة المتمثلة في حفظ الأمن وحماية الحدود وصون الدستور وحراسة الشعب ، ( فجيشنا لازم يحرسنا) .
* في إعتقادك ماهي المعادلة السياسية التي يمكن أن تحقق الإستقرار السياسي والإجتماعي في السودان ؟
– السودان من أصعب الدول في المعادلات،
ففي السودان أحزاب تعتبره دولة مضيفة ،أحزاب قارية أو خارج الحدود، أحزاب غير وطنية ، مماجعله أكثر دولة مخترقة في العالم ،وهنالك أحزاب مستوردة عقمت في مصدرها ،وهذه مشكلتنا في التسوية السياسية فأيادي هذه الأحزاب مكبلة غير خالصة لذا يصعب أن تتفق سياسيا ،
لكن أعتقد أن الناحية العملية في أن خط البرهان الحالي يفصل مابين الاحزاب الوطنية والأحزاب الظلامية ،مابين القضايا الوطنية والقضايا الأخرى،
هنالك أحزاب لا تريد انتهاء الفترة الإنتقالية (تريد أن تكركب لتركب ) واخرى تعتبر أن لديها محصول وجمهور وهذه هي الأحزاب التي يفترض أن تذهب مع البرهان ،
أنا متأكد من أن العسكر ليس لديهم رغبة في الحكم ولم يكونوا يريدون هذا الدور ،نحن من ذهبنا اليهم وطلبنا منهم أن يشاركونا وجعلنا منهم فصيلا موازيا ، قحت هي التي فعلت ذلك.