بعد مهرجان السلام الكبير الجنينة ترفع شعار “لا للقبلية لا للجهوية لا للعنصرية”
عاشت حاضرة ولاية غرب دارفور، الجنينة، أجواء احتفالية وحراكاً ثقافياً ورياضياً هو الأول والأكبر من نوعه في تاريخ الولاية ؛ إذ توج جهوداً عظيمة في مجال السلم المجتمعي وتوقيع عدد من اتفاقيات الصلح بين المكونات المحلية ؛ بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي ؛ القائد الاعلى لقوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو ؛ الذي اتخذ من الجنينة مقراً له منذ يونيو الماضي ؛ محدداً أربعة أهداف رئيسية يعمل على تحقيقها منذ ذهابه إلى الجنينة أول مرة وهي :
1- تحقيق المصالحات بين المكونات المتصارعة .
2- فرض هيبة الدولة .
3- إعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية
4- إخراج النازحين من داخل مؤسسات الحكومة التي يتخذونها مقاراً لهم إلى مناطقهم ؛
كل ذلك يتم بعد حل جميع العقبات والمشكلات التي جاءت بهم إلى هذه المؤسسات.
إن كل الجهود التي قادها نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي في توقيع عدد من اتفاقيات الصُلح بولاية غرب دارفور .
يؤكده رئيس اللجنة العليا لمهرجان التعايش السلمي ؛ نائب والي ولاية غرب دارفور التجاني كرشوم بأنّ اتفاقيات الصلح التي تحققت تختلف عن الاتفاقيات السابقة ؛ ويضيف كرشوم بأنها جاءت بعد مؤتمرات قاعدية ؛ بحيث دار نقاش طويل حول المشاكل وأسبابها وبعد ذلك وضعت الحلول التي على ضوءها جاءت نصوص بنود الاتفاقيات وتابع :
“شارك في صناعة الإتفاقيات أصحاب المصلحة من المتصارعين، العقداء والعمد من الإدارات الأهلية المستوى الثالث ؛ العمد ؛ ومن المستوى الرابع، الشيوخ ؛ وهؤلاء هم المدخل لمعالجة المشكلات وهم أيضاً من يحافظ على الاتفاقيات وتنزيلها على أرض الواقع”.
وأوضح كرشوم بأنّ جهداً كبيراً بذله السيد نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي ؛ الفريق أول محمد حمدان دقلو لبلوغ التوقيع على المصالحات ؛ وأشار إلى أنه الراعي وصاحب الفكرة ؛ إضافة إلى الوفد المرافق له من أعضاء مجلس السيادة وممثلي القوات النظامية ؛ وأطراف العملية السلمية ؛ وتكاملت جهوده مع جهود حكومة الولاية والقيادات المجتمعية ؛ وأثمرت ووصلت للإتفاقيات التي وقعّت وزاد كرشوم : “وعلى ضوء هذه الإتفاقيات جاءت فكرة المهرجان الثقافي الرياضي مكملاً لها ؛ وبالفعل شهدت مدينة الجنينة ليلة ثقافية كبرى بمشاركة فنانين كبار ودراميين وشعراء ؛ وكانت ليلة جميلة جداً ؛ جمعت كل أبناء غرب دارفور في مكان واحد ؛ عاشوا لحظات من التلاقي والفرح ؛ وهي مسألة كانت معدومة في مدينة الجنينة لفترات طويلة جدًا ؛ نتيجة للحرب وافرازاتها التي خلقت تباعد بين المكونات الإجتماعية ؛ لكن الليلة الثقافية جمعت أبناء غرب دارفور وأبناء السودان كلهم ؛ وكان الشعار “دارفور تتعافى من الجنينة” بل السودان كله يتعافى الآن من الجنينة”.
إنّ الحدث الرياضي الأكبر الذي ضم فريقي القمة الهلال والمريخ ؛ مثّل نقلة نوعية و كبيرة بحيث إلتقى الجميع في استاد الجنينة يتقاسمون الإنتماء ما بين الهلال والمريخ ؛ تاركين انتماءاتهم القبلية ؛ وفازوا جميعاً بكأس السلام والتعايش السلمي ؛ بحيث رفع المشاركون لاءات ثلاثة يؤكدون خلالها مطالبهم الرئيسية التي يدعون لها ؛ “لا للقبلية، لا للعنصرية، لا للجهوية” فالرياضة جسر للتواصل والمحبة، وهي ما تجمع بين الناس كلهم بمختلف إنتماءاتهم الضيقة ؛ هكذا يقول كرشوم .
ويضيف: ” لأول مرة يلعب الهلال والمريخ في مباراة قمة بإستاد الجنينة ؛ وهذا أحدث نقلة كبيرة فالفراغ الذي حدث خلال فترة الحرب لديه آثار وسلبيات ؛ ومثل هذه البرامج تملأ الفراغ وتقرب بين المجتمع وتخلق تواصل بينهم وتعطيهم مساحة للتلاقي بدلاً عن القتال والفراغ والتفكير السلبي ؛ وخلق البرامج يحول تفكيرهم ايجابياً ونحن نشكر السيد النائب الذي رعى البرنامج في مرحلة تتطلب برامج تجمع الناس كلهم”.
شارك في مهرجان السلام وتعزيز التعايش السلمي عدداً من الرموز الثقافية والدرامية والرياضية ؛ وكذلك القيادات المجتمعية والسياسية ؛ فضلاً عن منظمات المجتمع المدني بمختلف أنواعها ؛ وبمشاركة رسمية تمثلت في أعلى المستويات من مجلس السيادة وحاكم اقليم دارفور ووزراء حكومته وسفير دولة المملكة العربية السعودية
وبعد مشاركته في فعاليات أسبوع السلام ؛ يقول وزير الصحة والتنمية الإجتماعية في حكومة إقليم دارفور بابكر حمدين إنّ المصالحات في غرب دارفور والمؤتمرات والملتقيات ؛ أدت إلى نتائج طيبة وانعكست بشكل واضح على الأوضاع الأمنية والاستقرار ؛ وتابع حمدين بأن هناك إستتباب واستقرار ملحوظ انعكست مؤشراته الإيجابية على مستوى الزراعة، وأردف : “زادت الرقعة الزراعية في الولاية ولأول مرة يتجه المواطنون نحو الزراعة وزرعوا مساحات كبيرة جداً ؛ وهناك تراجع في الانفلاتات الأمنية واستقرار كبير ومقدر
وفي الاسبوع الماضي كرم اهل الجنينة ورموزها واداراتها الاهلية واهل الدين ومنظمات المجتمع المدني واهل الثقافة والفن ؛ السيد الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس السيادي نتيجة للجهود التي بذلها طيلة هذه الفترة ؛ حتى أدت بالتكامل مع جهود أعضاء مجلس السيادة وحكومة الاقليم وحكومة الولاية وأطراف العملية السلمية ؛ وجهود الفعاليات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والإدارة الأهلية أدت إلى النتائج الإيجابية التي وصلنا لها”.
ويقول حمدين بأن التحدي أمام هذا الصلح في كيفية استدامته وكيفية الإستمرار في هذا الوضع الإيجابي ؛ ويضيف :
“ينبغي أن تكون هناك آليات تستمر في رعاية هذا الصُلح ؛ وكذلك آلية تستكمل ما تبقى من سلام وآليات مستمرة تقدم مناشط وبرامج تعمل على انهاء وجود مسببات الإنفلاتات الأمنية من خطاب الكراهية والإشكالات التي تؤجج الفتن ؛ ودرء هذه الفتنة ووأدها يتطلب استمرار برامج تعمل على صحوة ثورية جديدة توسع من دائرة الشركاء سواء المجتمع المدني ؛ المرأة والشباب والطلاب والإدارة الأهلية بشكل أوسع و كل المجتمع ينبغي أن يكون داعماً لخط السلام ؛ وينبغي أن يكون هذا هو التوجه الاستراتيجي”.
ويؤكد حمدين أنّ السلام هو الأرضية التي تنطلق منها التنمية والخدمات وكذلك الأرضية التي توفر المساحة للإنتاج والإعمار ؛ وأنه من غير سلام يصعب جداً تحقيق أي شيء ؛ ولذلك المطلوب من كل فعاليات المجتمع في غرب دارفور وفي دارفور بصورة عامة والمجتمع السوداني ؛ عليهم أن يسعوا للتعايش السلمي والإستقرار حتى تتهيأ بلادنا لمرحلة التعمير والتنمية والخدمات”.
من جانبه أكد سلطان عموم دار مساليت السلطان سعد عبد الرحمن بحر الدين ؛ أنّ الجهود التي بذلها نائب رئيس مجلس السيادة كبيرة جداً ومقدرة في سبيل رتق العلاقات بين المكونات المحلية وأضاف : أنها أدت نتائج ممتازة للغاية ابتداءاً من المصالحة الأولى وحتى الأخيرة وتابع بحر الدين :
“هذا انعكس على حياة المواطن وعلى الأمن العام وأدى مفعول جيد ونتج عنه تأمين الموسم الزراعي وفتح الطرق والأسواق وتطور العلاقات البينية التي تأثرت سابقاً وأصبحت الآن أقوى مما كانت”.
يرى السلطان بحر الدين بأنّ الأمر الذي تم انجازه يحتاج لمحافظة من المجتمع ولمتابعة ورعاية من الدولة ؛ وأنه لابد من أنْ يكون هناك آلية تعمل على تنفيذ هذه الإتفاقيات وزاد : “إذا حدث أي اختراق من أيّ طرف يجد المحاسبة والمسائلة ونحن نؤكد كإدارة أهلية ومواطنيين أصحاب مصلحة بذل جهد كبير للمحافظة على الذي تم اتنجازه ؛ والدليل الإحتفال والتكريم الذي أقامه مجتمع الجنينة للسيد النائب ؛ وكان بمشاركة كل الإثنيات والقبائل وقيادتها والمشاركة كانت كبيرة وهي نتاج لقبولهم بالذي حدث ورضاهم به ؛ ونحن نطالب بأن تكون هناك آلية مراقبة، تراقب تنفيذ المصالحات”.
وكشف بحر الدين بأنه سيتم التوقيع لاتفاق نهائي بين العرب والمساليت ؛ وتابع :
“الآن العلاقة بين العرب والمساليت في أحسن أحوالها وهي ممتازة جداً ؛ وسيتم التوقيع على الصلح النهائي في أول أكتوبر المقبل”.
يرى الخبراء بانّ الذي تم في ولاية غرب دارفور في حاضرتها مدينة الجنينة من مهرجانات ثقافية وفنية ودرامية وعُرس كروي كبير جمع عملاقي الكرة السودانية الهلال والمريخ العاصميين وحضور مجتمعي كبير يمثل نقطة تحول كبيرة وشكّل علامة فارغة في ولاية غرب دارفور ؛ ووضح انّ ولاية غرب دارفور ودعت عهد الصراعات والاحتراب القبلي الي براحات التعافي والتصالح والتسامح .
ويشير الخبراء في هذا الامر بانّ ولاية غرب دارفور اصبحت اليوم تستشرف واقع جديد تسوده المحبة والوئام ؛ عنوانه التسامح والامن والاستقرار وطي صفحات الماضي وبداية عهد جديد تسوده القيم والموروث المجتمعي .