تسريبات أمريكية حول السودان وحراك دولي وإقليمي في الخرطوم
رحب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بتعيين الولايات المتحدة الأمريكية سفيراً لها لدى السودان، بعد إنقطاع إستمر 25 عاماً وأكد لدى تسلمه بالقصر الجمهوري، أوراق إعتماد سفير الولايات المتحدة الأمريكية، الجديد لدى السودان، جون غودفري، أهمية تطوير العلاقات بين الخرطوم واشنطن، وتمنى أن يمثل تعيينه، قوة دفع جديدة لمسيرة العلاقة بين البلدين.
وأوضح السفير غودفري، في تصريح صحفي، أن إعتماده سفيراً لبلاده لدى السودان، على أثر ترفيع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، يؤكد إلتزام الولايات المتحدة بتعزيز وتعميق علاقاتها مع الشعب السوداني. وقال أنه يتوقع خلال المدى القريب، تشكيل حكومة جديدة في السودان بقيادة مدنية، ضمن سياق حوار وطني شامل يضم جميع الأطراف السودانية.
وبدأ سفراء دول عربية وغربية في الخرطوم تحركات جديدة لفك حالة الإختناق السياسي في السودان، بعد تعثر مبادرة الآلية الثلاثية في إحداث إختراق بإتجاه حل الأزمة. وكان السفير السعودي لدى السودان، علي بن حسن جعفر، إلتقى، السفير الأميركي جون غودفري، والسفير البريطاني غايلز ليفر، بحثاً عن سبل لتقريب وجهات النظر بين الفاعلين السودانيين لحل الأزمة والمساعدة المضي قدماً في عملية الإنتقال.
وأعلن الإتحاد الأوروبي، تسمية سفير جديد لبعثته في السودان. وقال بيان صادر عن البعثة إن الأيرلندي إيدن أوهارا سيكون سفيراً للإتحاد الأوربي. وعمل أوهارا في فرنسا وجمهورية التشيك والمملكة المتحدة وإثيوبيا وجيبوتي، كما تم إعتماده أيضاً لدى الهيئة الحكومية للتنمية إيقاد. إضافة إلى عمله في وزارة الخارجية الأيرلندية.
وتزامناً مع هذا الحراك نشر جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، مذكرات حوت تسريبات بشأن الملف السوداني وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وكتب كوشنر أن الوزير بومبيو قام برحلة خاصة إلى السودان، وأكد خلال إجتماعه مع قادة الفصائل الحاكمة بضرورة إنضمام السودان إلى الإتفاقية الإبراهيمية إن أراد السودانيون حل العديد من القضايا.
وألمح جاريد إلى ممارسة واشنطن أسلوب الضغط والإبتزاز مع الخرطوم حتى أجبرتها على التطبيع ودفع 335 مليون دولار لحكم قضائي لضحايا تفجيرات 1998م و2000م، مقابل شطب إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وبرر كوشنير لذلك قائلاً: (لم تكن لدينا أوهام بشأن الوضع المضطرب في السودان، لكننا رأينا مصلحة البلد على أنها وسيلة للولايات المتحدة لمنحها فرصة لرسم مسار جديد. في كثير من الأحيان في الدبلوماسية، نسمح بخطايا الماضي لمنع فرص التغيير).
وقال خبراء ومحللون سياسيون أن كل هذا الحراك يأتي في إطار الجهود الأمريكية للسيطرة على الأوضاع في السودان، وحث القوى المدنية على الإتفاق للإستفادة من إلتزام المكون العسكري بالإنسحاب من المشهد السياسي، وإفساح المجال للقوى المدنية للتوافق. وكان نائب رئيس مجلس السيادة، رئيس اللجنة الثلاثية للمكون العسكري، الفريق أول محمد حمدان دقلو، قد جدد تأكيده بإلتزام المؤسسة العسكرية الصارم بترك أمر الحكم للمدنيين والتفرغ التام لأداء المهام الوطنية المنصوص عليها في الدستور والقانون.
وأعلن حميدتي، إستعداد المكون العسكري لعقد لقاءات تشاورية مع الأطراف، حول الجهود المبذولة لإنطلاق الحوار السوداني، من أجل تحقيق توافق وطني يكمل مسار الإنتقال والتحول الديمقراطي، وصولاً لإنتخابات بنهاية الفترة الإنتقالية، مؤكداً حرص المكون العسكري على تحقيق تطلعات الشعب السوداني في الأمن والإستقرار، من خلال التعاون مع الأطراف لتذليل أي مصاعب تعيق دعم التحول والإنتقال الديمقراطي، داعياً جميع قوى الثورة والقوى الوطنية، للإسراع في التوصل إلى حلول عاجلة تؤدي لتكوين مؤسسات وهياكل الحكم الإنتقالي المدني.
وأكد الخبراء أن أمريكا ترمي بثقلها في السودان، لتضييق المساحات على الوجود الروسي والصيني، كما أنها تطمح في إعادة وجوه قديمة تنفذ الأجندة الأمريكية، ولا يهمها مصلحة السودان ولا شعبه. وأضاف الخبراء أن مثل هذه اللقاءات والحراك السياسي الكثيف، عادة ما يسبق خطوات مهمة تتخذها جهة ما لتغيير المشهد، وربما ينبئ ما يحدث الآن بإجراءات جديدة، تعيد التوازن في البلاد، وتحقق طموحات الشعب السوداني.