اتفاق جوبا: قادة في مرمى السهام ليس آخرهم حاكم إقليم دارفور كتبت : إبتسام الشيخ
عقب توقيع اتفاق جوبا لسلام السودان في الثالث من اكتوبر من العام 2020 عبر الكثيرون عن إرتياحهم لهذا الإتفاق الذي تضمن إتفاقات عديدة من لدن القضايا القومية الى المسارات المتعددة ، ورأوو فيه خطوة كبيرة نحو تحقيق أحد اهم شعارات ثورة ديسمبر المجيدة وخطوة مهمة نحو بناء الدولة السودانية القائمة على أسس الحرية والسلام والعدالة ، وعددوا إنجازات ومكاسب وصفوها بالكبيرة جاء بها الإتفاق بين طيات ملفاته التي خاطبت قضايا ومشكلات مختلف انحاء السوادان الجغرافية التي تعاني بدرجة متفاوتة ، وهو الأمر الذي ميز في رأي الكثيرين اتفاق جوبا لسلام السودان عن سابقاته من اتفاقات وجعله موضع رضاءاهم ، كما قال عنه البعض أنه يفتح الباب نحو النهضة والإذدهار و التحول الديمقراطي حال وجدت ملفاته طريقها الى التنفيذ ،وكان من الطبيعي أن يدرك جميعنا أن جملة من التحديات الكبيرة تقف ماثلة أمام تنفيذ هذا الإتفاق ، على رأسها شح الموارد والظروف الاقتصادية الضاغطة التي تمر بها بلادنا . تعثر التنفيذ : ثلاثة اعوام مضت وبحسب أكثر المراقبين تفاؤلا فإن نسبة تنفيذ الإتفاق لم تتجاوز العشرة بالمائة وظلت الكثير من التحديات ماثلة بل وبرزت أخري بسبب الراهن السوداني المأزوم والتشاكس السياسي الذي يعيق تقدم تنفيذ اتفاق السلام في كثير من ملفاته . إنقسامات وخلافات : إن الانقسامات التي سادت الشارع السياسي السوداني وضربت الكتل السياسية المختلفة اثرت الى حد كبير على مجمل العملية السياسة وتسببت في تعطيل مسيرة الانتقال رغم أن البعض ظل يراهن على مقدرة السودانين على تجاوز الخلافات وادارة حوار يفضي الى التحول المنشود استنادا الى تجاربنا السابقة عقب ثورات أكتوبر 64 وأبريل 85 ، كما أن الخلافات السياسية كان لها تأثيرها الواضح على ملف السلام وانعكاسها على اتفاق جوبا ورموزه من القيادات ،إذ يلحظ الكثير من المراقبين أن جملة من السلوكيات الشائهة التي تنطلق من المفهوم السالب للسياسة لدى البعض بأنها لعبة قذرة وكل الأساليب فيها مباحة، ظلت تصوب نحو بعض من رموز اتفاق جوبا في ماوصف بحملة استهداف مكشوفة لاتفاق السلام وقياداته على اختلاف انتماءاتهم الجغرافية ، ليس اولهم رئيس تيار الوسط القيادي التوم هجو أو رئيس حركة العدل والمساواة الدكتور جبريل ابراهيم ولا آخرهم رئيس حركة تحرير السودان حاكم اقليم دارفور مني أركو مناوي الذي ظل رغم السهام التي تنتاشه من حين لآخر صامدا أمام مسئولية إدارة إقليم مأزوم دون قانون يحمي قرارات حكومته. أهداف مفضوحة : قد يكون لهذه الحملات الرامية الى تشويه صورة بعض القيادات من رموز إتفاق السلام وتدمير سمعتهم بعض التأثير المحدود لكن أهدافها المفضوحة لا تستطيع أن تنسف قيمة اتفاق السلام ولا أن تثني رموزه عن مواصلة المسير حتى تنفيذ الاتفاق بما يحقق الامن والاستقرار الكاملين . آراء وإتجاهات : يقول كبير مفاوضي تجمع قوى تحرير السودان ابراهيم زريبة إن الحملة التي تستهدف إتفاق جوبا لسلام السودان ورموزه بائنة ومعلومة من حيث الاهداف والجهات القائمة بها وأن معظم الذين يتحدثون عن اتفاق جوبا لم يقرأوا الاتفاق ويذهب الى أنه إن كان بالاتفاق نواقص فلتكمل عبر الدستور القادم والمؤسسات التشريعية التي ستنشأ ،ويرى إبراهيم زريبة أن قيمة اتفاق السلام كبيرة جدا إذ إنه تلمس الجذور التأريخية لأزمة الهامش السوداني والمركز ،التنمية الغير متوازنة والاختلال في قسمة السلطة والخدمة المدنية وغيرها من الأسباب التي أدت الى المظالم واشعلت الحروبات ويمضى الى القول بإن الاتفاق عالج خصوصية المناطق الجغرافية في السودان عبر المسارات فتطرق الى معالجة قضايا العقود المجحفة للمستثمرين والسدود ومشروع الجزيرة في شمال السودان ووسطه كما تناول معالجة افرازات الحرب والانتهاكات في دارفور وشرق السودان والمنطقتين من خلال ملفات النازحين واللاجئين ،الترتيبات الامنية والعدالة الانتقالية وغيرها ،وقال كبير مفاوضي تجمع قوى تحريرالسودان إن اتفاق جوبا كان واضحا واعترف بقضايا لم يكن معترفا بها من قبل وتناول أخرى كان النظام السابق يتجنب تناولها مثل قضيتي الكنابي والمحكمة الجنائية . دعم ومساندة : رئيس منبر المجتمع المدني الدارفوري الدكتور امين محمود أكد أن المنبر يساند اتفاق جوبا لسلام السودان وقال أنهم سيسعون لإفهام أطرافها على عدم جعلها مغنما متغلبا فيما يخص دارفور ، ويرى أن مكاسب الإتفاق على الورق هائلة وتبقى العبرة في التطبيق ،ويضيف دكتور امين ان هنالك طرف لم يوقع على الاتفاق و له فعل في الميدان ولذلك لم ينهي الحرب على الحكومة ، ولفت رئيس منبر المجتمع المدني الدارفوري الى أن هنالك إغفال للسلام القاعدي للمجتمعات المحلية لذلك ظلت اوضاع السلام كما هي في نظر المواطنين . أيا كانت الإنتقادات التي توجه الى اتفاق جوبا لسلام السودان وتنسحب على رموزه إلا أنه موضوعيا يتفق الجميع على أنه جاء شاملا من حيث الجغرافيا وخاطب القضايا التأريخية التي شكلت جذور الأزمة في السودان ومهد الطريق نحو الوحدة والسلام المستدام .