حـالة قلـم مـحمـود النـور فولكر .. الرهان الخاسر
ما بين “الإحاطة” التي قدمها مسؤول البعثة الأممية في السودان “فولكر” أمام مجلس الأمن الدولي، قبل أيام، ونية رئيس مجلس السيادة “البرهان” في السفر إلى نيويورك، للمشاركة في اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أيام، يبدو واضحاً أن عسكريي البلاد وسياسييها، لم يعد ينقصهم من الفشل سوى الاعتراف، وأن الجميع غير راغبين في إخراج البلاد من متاهة “التدويل” التي هي حتماً لا تعني سوى تعميق الأزمات السياسية والاقتصادية، انتهاءً إلى سيناريوهات أكثر بؤساً. ما لا يختلف عليه إثنان، هو أن الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي بشكل عام، بات رقماً ثابتاً في المعادلات الدولية والإقليمية، خاصة في إفريقيا والشرق الأوسط، لكن ما ينبغي أن يتفق عليه الجميع هو أن هذا الرقم أصبح بلا قيمة مؤثرة، لا سيما فيما يتعلق بالأمم المتحدة ومؤسساتها، ودورها في تحقيق السلام العالمي، أو إيقاف الانتهاكات التي تطال الإنسانية في أرجاء الكوكب قاطبة، وإنصاف الضحايا والمظلومين، في ظل وجود أقطاب ومراكز قوى عالمية هي التي تحكم وتتحكم في مجريات الأمور. بنظرة سريعة “محايدة وموضوعية” نجد أن الأمم المتحدة، ومجلس أمنها الدولي، ظلت عاجزة حيال الصراع “السوري ـ السوري” والذي حصد أرواح الالاف خلال أكثر من 11 سنة من الاقتتال، كان لفولكر نصيب من التواجد هناك، رئيساً للبعثة الأممية، ونفس الأمر ينطبق على ليبيا ما بعد القذافي، ولإن كانت قد حاولت التدخل في البلدين “العربيين” نجد أنها التزمت الصمت و”دفنت رأسها في الرمال” إزاء الانتهاكات التي جرت للمسلمين في إفريقيا الوُسطى، والإبادة التي يتعرض لها مسلمي بورما، أما بالنسبة لإسرائيل وعدوانها على الشعب الفلسطيني الأعزل، فالهيئة الأممية “لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم” وفيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية فموقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لا يحتاج لتعليق. عموماً الشواهد كثيرة على فساد الأمم المتحدة وما تمارسه من تمييز في حق الشعوب، وكل من “كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد” يعي ويدرك أن الأمم المتحدة ما هي إلا “أداة” لتركيع وتطويع دول العالم الثالث، وأن مصلحة الشعوب والأمم المستضعفة هي آخر ما يؤبه له في اجتماعاتها وجمعياتها العُمومية، ومع ذلك تجد من “الواهمين” و”الحالمين” من أبناء هذا البلد المنكوب، من يراهن على بعثة الأمم في العبور بالفترة الانتقالية إلى بر الأمان، وهؤلاء هم الذين احتفلوا، على أيام حمدوك، بموافقة الأمم المتحدة على التدخل “السياسي” الذي قرره مجلس الأمن، وصاغته ألمانيا وبريطانيا، ومع ذلك فقد أطاح العسكر بحمدوك نفسه، بعد أن ظن أن “خطاب الوصاية” سيضمن ويحمي جلوسه على الكرسي. ولعل المحتفلين بإحاطة فولكر الاخير، ومداخلة “مضوي إبراهيم” تجاهلوا حقيقة أن “البعثات الأممية” التي سبقت “يونيتامس” لم تحقق الحد الأدنى من النجاح الذي يعضد فرحتهم فالـ “يوناميد” في دارفور فشلت حتى في حماية نفسها، ناهيك عن المدنيين هناك، أما الـ “يونيسفا” في أبيي، فقد اشتكى منها الأهالي أولاً وملف تجاوزاتها لا يحتاج إلى دقة ملاحظة أو عناء بحث. أقولها، والأيام بيننا، الرهان على الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي “رهان خاسر” وما لم يكن هناك حل وطني “غير مستورد” فما من ضمانات لأن تعبر البلاد إلى بر الأمان، خلال الفترة الانتقالية أو حتى بعدها. و .. لا تشكُ للناس جُرحًا أنت صاحبه .. لا يؤلم الجرح إلا مَن به الألمُ .. … ودُمتُـم سالميـن