لواء شرطة م عثمان صديق البدوي (قيد في الأحوال) .. لماذا “نُعايِن” للحكومة ونطعن في “عنان” ؟!
لا شك أنّ ظلماً قد وقع على الإخوة الضباط المحالين أخيراً ، مثلما وقع على كل الشرفاء من ضباط الشرطة منذ العام 1989 ، تحت المادة “الشّمّاعة” 32ي المُسمّاة “أقصى بقاء المادة” ! ، والتي تطيح بك دون أدنى تحقيق وإجراءات محاكمة، وأنت الذي كنت تُطبِّق كل إجراءات العدالة لكافة المتهمين طيلة مدة خدمتك الشرطية !، يتم حرمان نفسك “الشّقيّة” من أبسط الحقوق العدلية !….ما لهم كيف يحكمون ؟! ، وماذا لربِّ العِزّة ، الحَكَم العدل هم قائلون ؟!…. ثم يتفشّي الخبر ، لقتل ما بقى من شخصية الضابط الإجتماعية ، وما يترتّب عليه من آثار نفسية، تطال كل أسرته وأهله ، بأنّ الضابط فلان “شالوهو” ! ..ويسلِّم الأخير أمره للرزّاق ذي القوة المتين :
(فما دام حاكْمُو أصبح خِصمو قضيتُّو أين يحيلا ؟!) . كما أنّ الشرطة ليست هي المحطة الأخيرة لكسب الرزق :
فالأرزاق مقسّمة والعُمُر محدود
والهوا عِند كريماً بابو ما مسدود
الجديد في أمر الإخوة الضباط المحالين أخيراً ، أنهم طعنوا في قرار إحالتهم ، في ظل بصيص من جو الديمقراطية ، أتاح لهم الفرصة ، ووصل الأمر قمة العدالة في السودان ، واتضح لها أنه ليس هناك قرار صادر بإحالتهم ، بعد مخاطبة مجلس السيادة ، والذي نفي صدور قرار منه ، وشخصي الضعيف ليس متبحِّراً في القانون ، لكن حسب فهمي البسيط ، عندما ينفي مصدر القرار فصل مئات الضباط ! ، وهو مجلس السيادة نفسه ! ، فعلى المحكمة أن تلزمه بإعادة الحال كما كان ، وإرجاع الضباط ، وبما أنّ هذا الذي حدث ، ترتّب عليه صرف أموال طائلة من خزينة الدولة من إستحقاقات للضباط المحالين ، وتسليمهم عربات ، كان يتوجّب على مجلس السيادة مخاطبة وزير الداخلية ، الذي وجّه بصرف الإستحقاقات ، ووزير المالية الذي صادق بتلك الإستحقاقات ، بأن يفيدا المجلس عاجلاً بكيفية صرف استحقاقات مئات الضباط من خزينة الدولة المنهكة دون قرارات سيادية منه ؟! ، مع إعادة هذا المال العام لخزينة الدولة فوراً ، وتوجيه مجلس الوزراء بتشكيل لجنة بمراجعة حسابات وزارة الداخلية بشأن كل المحالين منذ العام 1989، وربما أعداداً بالجملة من الضباط تتم إحالتهم دون مرجعيات وقرارات ، مما يقود للفساد الإداري والمالي.
أمّا أن يمضي الأمر عاديّاً ، ودون مساءلةِ من قاموا بإخراج المليارات من خزينة الدولة ، وصرفها للمحالين دون أي مرجعية وقرار ، فلعمري هذا الفساد الذي يجب مراجعته أولاً ، والتحقيق فيه ، قبل إعادة الضباط الذين استسلموا للأمر الواقع وقتها، وصرفوا استحقاقاتهم.
أمّا أن تتوجه الأنظار كلها للوزير المكلَّف الحالي “عنان” ، وكأنه هو المتهم الأول والأخير ، وذِكرُه بالإسم بأنّ الغرامة ستطاله بالدفع من ماله الخاص إنْ لم ينفِّذ ، فهذا ظلمٌ باين ، حين تُفرض عليه “غرامة من مال خاص”!!..والكُل يعلم أنه “لا جريمة ولاعقوبة إلّا بنص” !….. فمثلما نفي مجلس السيادة للمحكمة إصدار القرار ، عليه أن يصلح الحال ، بإعادة الإخوة الضباط ، بقرار سيادي منه وترتيب أوضاعهم ، بإضافة وظائف جديدة للداخلية ،بزيادة “أرنيك 23” الذي لا يستطيع “عنان” أن يضيف عليه خانة “جندي” واحد غير مصدقة ! ، ناهيك من إعادة ضباط معظمهم في الرتب العليا ! ، وبالتالي تصديق مال من مجلس السيادة يوازي عودة الضباط المحالين ، من مرتبات ولبس وتهيئة مكاتب وعربات وكافة المستلزمات ، وهذا شأن عسكري معلوم لدي المحكمة ومجلس السيادة ، إذ مجرّد ما تمت إحالة ضباط، يتم ملأ الخانات الشاغرة في “أورنيك 23” بالترقيات الدورية، ويتم تصعيد الأدنى ليحل محل المُحال .
أمّا أن “نعاين” للحكومة… ونطعن في “عنان”.. فلعمري هو الظلم الظاهر بعينه للعَنان… وضد “عنان” !! .
والله المستعان
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
25 سبتمبر 2022