(وطن النجوم).. علي سلطان .. ديريباسوفسكايا
تواصل معي الاخ العزيز الدكتور الوسيلة عبدالمنعم المبارك امس عبر الفيس بوك.. معلقا على ماكتبته عن اوديسا وعن الراحل نبكولاي صديقنا المشترك.
والدكتور الوسيلة وهو احد شبابنا الذين درسوا علوم البحار في اوكرانيا وحصل على البكالريوس والماجستير والدكتوراة من اوكرانيا.. دكتوراة رائعة من عمق البحر وليس من سطح الارض.. سالته عن اسم شارع المشاة بالروسية ..فاجاب:
الشارع ديريباسوفسكايا مسمى على الكونت (دي ري باس)..قلت له انه اسم صعب لا ادري كيف حفظته وقتها..ولا ادري إن كان ماكتبته صحيحا او غيو ذلك..!
واعود الى صديقي الراحل نيكولاي غوزيل.
عندما وصلنا سمفروبل نيكولاي غوزيل وأنا.. كانت الشمس قد غربت والبرد خفيف زاد من الجوع الذي انهكنا..
..لم اكن اعرف اين سناكل او بالاحرى اين سنجد طعاما؟ا وماهي خطة نيكولاي فيما بقي من الليل..؟
ولكن المفاجأة التي ادهشتني حقا انه طاف بعدد من البيوت في احد الاحياء القديمة ثم طرق بابا فخرج رجل تتاري كبير في السن اخذه بالاحضان ثم سلم عليّ بحرارة شديدة احسست بدفئها وهو يعانقني عناقا حارا..سبب حفاوة الرجل معرفة انني مسلم.. حين اخبره نيكولاي في التو انني مسلم.. فكان ذلك مبعث دهشته وسروره لكونه مسلما من حفدة التتار وهو امام المسجد ..وكان فرحه لا يوصف وفي بيته مسلم من الشرق.. وقريبا من مكة والمدينة والحرمين اللذين يشتاق اليهما..!!
عرف الامام اننا جائعان فاسرع داخل البيت وعاد الينا بحساء ساخن لذيذ ثم قطع خبز ساخنة من صنع البيت واللحم والخضار والارز وكانت وجبة دسمة لذيذة ممتعة مازلت اذكرها وذاك الجو البارد وحفاوة الامام وقفشات نيكولاي التي لا تنتهي.. كنت سعيدا بوجودي في بيت هذا التتري المسلم وانني اكل طعاما حلالا وانا مطمئن تماما،، وللامانة فقد كان نيكولاي حريصا طوال تواجدي معه ان اكل في مطاعم المسلمين واغلبهم من التتار..المرة الوحيدة التي وجدت نفسي في مازق هي دعوة البروفيسور تمارا عميدة كلية الطب في جامعة اوديسا وقتها.. لي في منزلها برفقة نيكولاي ويوري و زميلتها البروفيسور ايرينا وزوجها..كانت جلسة ممتعة فريدة لم احظ بمثلها من قبل ..
واجتهدت تمارا في ان تكون الوليمة رائعة في كل شئ ..كانت لهم بعض المعلومات عن الاسلام والمسلمين وعدم اكلهم الخنزير ..ولكن انتابهم جميعا الحزن عندما عرفوا انني لا اشرب الخمر..قالوا لي: هل هذه الفودكا وهذه الشمبانيا لا تشربونها ..هذان اجمل ما في الحياة..!
اعتذرت بلطف وادب عن شرب الخمر وكنت اتبادل انخابهم وكاسي لا يخلو من عصير البرتقال..!
كانت البروف ايرينا وتمارا تحدثان الحضور عن الكرم الذي غمرتهما به إبان زيارتهما الى الامارات وكان كرما عجيبا وانني بذلت كل مافي وسعي لكي تستمتعان بزيارتهما للامارات رغم ان الجو كان حارا وعالي الرطوبة..وانهما حتى اللحظة محرجتان لانهما لم يردا جميل تلك الايام الرائعة..وحين زرت مكتب بروف تمارا لاول مرة رحبت بي ترحيبا جميلا بين اكواب الشاي والقهوة والجاتوه..ثم فتحت درج مكتبها بحذر واخرجت موزة واحدة وضعتها في طبق موشى انيق وقدمتها لي بكل سرور..كان الموز ومازال فاكهة غالية الثمن عندهم وكانت اشجار الكرز مثل اشجار النيم عندنا في كل بيت وشارع.
ولا ادري إن طال اشجار الكرز القصف ام ماتزال مثقلة بالثمار.. وربما لا تجد يقطفها مع الكر والفر والحرب.. قاتل الله الحروب فقد افسدت كل جميل.
كلما اجد صور ايفان ابن نيكولاي على صفحته في الفيس وهو يمارس حياته في هدوء .. اسعد انه وعائلته بخير.