لواء شرطة م عثمان صديق البدوي يكتب فب (قيد في الإحوال) … أيّاً كان المُسمّي “نقابة” أو “إتحاد”، بدون حيادية.. فإنه يفقد مبادئ المهنة الصحفية
كذب من قال أنّ الصحفي مجرّد وسيط بين السلطة الحاكمة والشعب، يتناول الحدث كما هو مجرّداً ، دون أن يضفي عليه من منطلق رؤيته وقناعته الذاتية ، فالصحفي الناجح هو الذي يقدِّم المادة الصحفية بصورة مهنية موضوعية متوازنة ، كحيثيات القاضي في قضية من القضايا ، لا تخرج من روح القوانين والعرف، لعكس الحقيقة على الناس ، دون الإنحياز لأي جهة، حكومةً كانت أو معارضة ، وإلّا ، لما سُمِّيت بالسلطة الرابعة . لكن هذه القناعة الذاتية أحياناً تجر الصحفي للوقوع في شباك الإنحياز لجهة معيّنة ، وهذا لعمري ما فتح باباً واسعاً لبعض الإخوة الصحفيين للإرتماء في أحضان أحد المعسكرين : “السلطة” و”المعارضة”، حتى أصبح واضحاً للعيان أنّ هناك صحفاً تكتب بلسان واحدة من هاتين الجهتين ، رغم رفع شعار إستقلاليتها “وبالتالي تصبح صحفاً “مُستغلّة”.. وشتّان بين ” القاف” و” الغين ” ! فهي إمّا مسنودة من جهات داخل السلطة ، أو بعض أصحاب النفوذ في المعارضة.
كل هذه الميول الصحفية والإنحراف عن جادّة الكلمة والحق ، أثّرت تأثيراً مباشراً في الحاضنة الصحفية ، الكيان الذي يجمع الصحفيين، تحت مسمى ، إتحاد، أو نقابة، أو غيرها.
جاءت ثورة ديسمبر ، وكأي ثورة سودانية ، ألغت ما سبق ، وبقرار من لجنة إزالة التمكين، تم حل الإتحاد العام للصحفيين السودانيين، واستلام الأجهزة الأمنية لمقره، ومصادرة جميع أصوله، وتجميد حساباته المصرفية ، وتم تشكيل نقابة للصحفيين، عقدت إنتخابات، وانتخبت الأستاذ عبد المنعم أبو أدريس نقيباً، وتسعة وثلاثين آخرين لمجلس النقابة.
وما أن تم إعلان النقابة الجديدة ، حتى هرع الإتحاد العام للصحفيين السابق بتقديم مذكرة لمسجل عام تنظيمات العمل، لإلغاء قرار لجنة إزالة التمكين، القاضي بحل الإتحاد وتجميد أصوله، مستصحباً معه مساندة الاتحاد الدولي للصحفيين، وإتحاد الصحفيين العرب ، والفيدرالية الأفريقية للصحفيين، والإتحاد الدولي لنقابات العمال ، والإتحاد الدولي للعمال الأفارقة.
ونقابة الصحفيين الجديدة في نشوة فرحها وانتصارها، إذ تصدر نتيجة الشكوى أمس الأول لصالح الإتحاد العام للصحفيين السودانيين ، بالقرار رقم (18م)لسنة 2022م، الصادر من مسجل عام تنظيمات العمل، يشير لخطاب المجلس السيادي، المعنون لوزير شئون مجلس الوزراء المكلف بتعيين لجنة تسيير الإتحاد المهني العام للصحفيين السودانيين من مذكوين في الخطاب .
عليه ، وفي تقديرنا، ولضمان تأكيد حيادية المهنة، على الكيانين ، نقابة كانت، أو إتحاد، الجلوس سويّاً مراعاةً للمصلحة العامة، وعدم زج الصحافة في الإنحراف والميول لأيٍ من المعسكرين السياسيين ، واضعين في الإعتبار أنّ قرار تكوين النقابة كان من ذات السلطة التي ألغت القرار ، وأنّ الحكومات تزول، وتبقى الكيانات المدنية المحايدة، وحتى لا يقع الكيان الجديد “الإتحاد” ، في أخطاء سابقته “النقابة” بحصر الجمعية العمومية على فئة معيّنة، والدعوة لجمعية عمومية مثل “عيزومة مراكبية”!..مطلوب وكأوّل قرار من مكتب التسيير، حصر جميع الصحفيين داخل وخارج السودان، دون الحجر على أحد ، وذلك بإعلان رسمي واضح في كل الصحف السيارة وأجهزة الإعلام بأن على كل صحفي سوداني الحضور لمقر إتحاد الصحفيين، في فترة مناسبة، يتم تحديدها ، لمراجعة اسمه، مع الوثائق التي تؤكد أنه صحفي ، ومن ثم نشر كل أسماء الصحفيين في ذات الصحف للمراجعة النهائية، والإعداد لجمعية عمومية كبيرة وعريضة تسع ستة ألف صحفي ، عندها تكون الكلمة للقاعدة الكبيرة العريضة ، وبالتالي تخرج الكلمة القوية الأمينة، وتنطلق من كل صحيفة، حين لا تخشى في كلمة الحق لومة مسئول أو لائم، ولا يؤثر فيها كائن من كان، طالما كيانها يملك شخصيته الإعتبارية المستقلة عن أي حكومة أو معارضة، أو جهة مؤثرة.
وبالله التوفيق
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
12 أكتوبر 2022