ضياء الدين بلال يكتب في(العين الثالثة).. وَجدي وقَوائم البُنوك..!
-١-
خَرَجَ الأستاذ وجدي صالح، عضو لجنة التمكين، قبل يومين في مؤتمر صحفي، مُبرِّراً إجراءات كشف حساب عُملاء مع البنوك .
وقال وجدي إن (90) حساباً مصرفياً تتعامل مع البنوك بأرقام تريليونية، لا تتناسب مع طبيعة أنشطتها التجارية.
وأضاف وجدي أمراً آخر، وهو أن هذه المبالغ المُتداولة داخل النظام المصرفي، لا تتناسب مع أعمار المُتعاملين.
نتّفق مع الأستاذ وجدي في ما ذهب إليه من وجود أنشطة اقتصادية هدّامة، في مُقدِّمتها تجارة العُملة، حيث تتم عبر النظام المصرفي، دون وجود ضوابط وروادع.
-٢-
من مُفارقة الأقدار، أن النظام السابق فعل في شُهوره الأخيرة ما تفعله لجنة التمكين اليوم في الجهاز المصرفي.
المُفارقة الأكبر أنّ البشير كان يُردِّد ما يقوله وجدي اليوم، بذات الحجج والاستشهادات (التسعينية)!
حيث اتّخذت السلطات وقتذاك إجراءات أمنية ضد هذا النشاط، عبر ما عُرف بحملة اصطياد القطط السمان.
في 31 يناير 2018، ذكر البشير للصحفيين، أنّ عميلاً واحداً سحب مبلغ (90) مليار جنيه من أحد المصارف دُون تحديد مصدر المال وأوجه صرفه.
وأضاف قائلاً:
(فضلاً عن وجود الكثيرين الذين يملكون ملايين الجنيهات ولا توجد لديهم رخصٌ تجاريةٌ أو مستنداتٌ رسميةٌ تُبرِّر الثروات الطائلة)!
-٣-
فشل مشروع مُحاربة القطط السمان بسبب الاستخدام السياسي لملف مُحاربة الفساد في تصفية الحسابات المنزلية ..!
البشير أراد عبر جهاز الأمن تحت إدارة صلاح قوش، إرهاب رافضي إعادة ترشيحه في انتخابات 2020.
لذا مَارَسَ معهم ما يُعرف في العسكرية بكثافة إطلاق النيران لخفض رؤوس الأعداء ومن ثَمّ التحرُّك للأمام .
-٤-
سبق أن قُمت بالتنبيه لذلك في عددٍ من المقالات، حتى قبل التغيير الثوري أثناء حملة القطط السمان، حيث كتبت:
استخدام ذرائع قضايا الفساد لتصفية الحسابات السياسية وتشويه سُمعة الخُصُوم، سلوكٌ قديمٌ ومُتكرِّرٌ في السياسة السودانية، مارسته الأنظمة المتعاقبة، شمولية وديمقراطية!
هذا لا يعني عدم وجود فساد في كل تلك الحقب، ولكن حقن الوقائع بهرمونات السياسة، هو ما يفسد قضايا الفساد الحقيقية.
السياسيون كثيراً ما يبتذلون قضايا الفساد في حملات كيدية انتقامية، تبدو أقرب للسذاجة والحماسة المُتهوِّرة!
صحيحٌ، غالباً ما تجد تلك الحملات تعاطفاً جماهيرياً واسعاً، ولكن مع الأيام تكتشف الجماهير أنها تعرّضت لعمليات خداع بصري!
-٥-
الخلاف مع لجنة التمكين لا على مبدأ مُحاربة الفساد واسترداد الأموال، ولا إيقاف الأنشطة الطفيلية.
المُشكلة الأساسية في الطرق والأساليب والوسائل ومدى احترامها لنصوص القانون والتزامها بمبادئ العدالة.
وما لا يقل أهميةً عن كل ذلك، ضرورة ممارسة الحكمة والبَصَارة والدِّقة الجراحية المَاهِرة، لتجنُّب الآثار الجانبية المُدمِّرة..!
إجراءات تردع الفاسدين وتنتزع ما نهبوه ولكن دون أن ترهب المُستثمرين وتفسد مناخ الاستثمار.
المُصادرات الجزافية و عمليات كشف الحسابات المصرفية سترعب كل رجال المال والأعمال، حتى غير المُستهدفين بالإجراءات.
فرأس المال بطبعه (جَبَانٌ) يخشى المُفاجآت، ولا يأمن على نفسه بيئة لا تحمي الملكية الخاصّة بالقانون، ولا تُراعي قيم العدالة.
في الإمكان مُحاربة تلك الأنشطة الطفيلية التخريبية عبر الأجهزة العدلية والرقابية الطبيعية مع تشديد الضوابط والعقوبات .
وليس من مصلحة الاقتصاد السوداني بعثرة المُستندات الرسمية المُذيلة بعبارة سري للغاية في سوح وسائل التواصل الاجتماعي.
-٦-
مجالس المدينة لا تكف الحديث عن مُساومات وعمليات ابتزاز تتم باسم اللجنة من مُحامين ونظاميين وسماسرة.
وعلى اللجنة ان تعقد مؤتمراً خاصّاً للرد على ما يُقال، وتُوضِّح للرأي العام صحة أو بطلان ما هو رائجٌ من اتّهاماتٍ، وماذا تم بصددها، وما هي الضوابط لمنع حدوثها في الأساس؟!
أسوأ ما تفعله لجنة إزالة التمكين أنها تخلق مناخاً مُضاداً للاستثمار، وتفتح الباب لفساد أخطر باحتكارها للسُّلطات!
– أخيراً –
(السُّلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة)، قانونٌ اجتماعيٌّ عابرٌ للتاريخ والجُغرافيا معاً وللطبائع الشخصية للأفراد..!.