لواء شرطة م عثمان صديق البدوي يكتب في (قيد في الأحوال) ..هل وصلت لاقتحام مخازن الجيش واقسام الشرطة وأمانات الحكومات ؟!
في ديسمبر 2018 انطلقت الإحتجاجات ضد نظام البشير ، تنديداً بالتردي الاقتصادي، واستمر حراك الشارع نحو خمسة أشهر حتى أبريل 2019، حينها عزل الجيش البشير، واتفق قادته مع القوى السياسية، تحت مسمّي “قوى إعلان الحرية والتغيير”، على فترة انتقالية تمتد لتسعة وثلاثين شهراً، قبل تعديلها، لتصبح أربعة وخمسين شهراً بموجب توقيع اتفاق سلام جوبا مع الحركات المسلحة في أكتوبر 2020.
لكن لم تتوقف التظاهرات والاحتجاجات ، والتي تقودها لجان المقاومة المطالبة بالحكم المدني الكامل ، ورغم تأثيرها على القائمين على أمر البلاد ، إلّا أنّ هذه اللجان تفقد القيادة التي تؤهلها لاستلام الحكم وتنفيذ هدفها الأسمى “الحكم المدني”.
وفي 25 أكتوبر 2021 ، شهدت البلاد موجة عنيفة من الاحتجاجات والتظاهرات رفضاً لقرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ، الذي سمّي ما قام به هو تصحيح للوضع ، في وقتٍ رأي فيه الشارع السياسي أن ما تم هو إنقلاب على الثورة.
ومنذ العام الماضي بدأ الوضع السياسي والإقتصادي والأمني في تردي زايد ، ويوماً بعد يوم . تدخّل المجتمع الدولي عبر بوابة الوساطة الدولية، بالآلية الثلاثية، ثم الآلية الرباعية، آخرها ، إتفاق بين العسكريين وقوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” لم يتم الإعلان عنه بصفة رسمية، لعدم رضا لجان المقاومة وبعض قادة الحركات المسلحة وبعض الأحزاب، وقادة الجيش عنه، والدليل على عدم رضا الأخير ، هو إجتماع قائد الجيش معهم، ونفى بأنّ ما رشح عن “إتفاق ثنائي” هو شائعة.
ومنذ ذلك النفي، قبل أيام، لم يصدر حتى الآن ، أي شيئ عن أي إتفاق يلوح في الأفق ، في الوقت الذي تجدّدت الصراعات القبلية في غرب كرفان وفي النيل الأزرق وخلّفت مئات القتلى والجرحي ، آخرها دخول محتجين أمس ، مؤسسة عسكرية في الدمازين ونهب مخزن سلاحها “ضُراعها اليمين” عند الشِّدّة “! ، وحرق أمانة الحكومة ! ، كل ذلك بالتزامن مع التعدي على قسم كبير من أقسام الشرطة في العاصمة الخرطوم هو ” قسم الصحافة” ورشق القوات المرتكزة على تأمينه بالحجارة والغاز المسيل للدموع، والدخول للقسم، وإتلاف البوابة الرئيسية، ومكتب الدعاوي الجنائية، ومكتب رئيس القسم ، والضابط المناوب ، وإشعال النيران في بعض المتعلقات بفناء القسم، ومحاولة إشعال النيران في القسم، وامتد الإعتداء ليشمل الوحدة الإدارية للخرطوم الجديدة وسوبا وإشعال النيران فيها وحريق مكتبين وثلاث حافلات حكومية وعربة صالون وكمية من الأثاث، وتم احتواء الحريق بواسطة قوات الدفاع المدني .
لا يختلف أثنان عندما اندلعت هذه الثورة من أجل إنهاء الحكم العسكري ومعالجة التردي الإقتصادي ، لكن عندما يفشل القائمون على الأمر في تكوين حكومة إنتقالية تبسط الأمن، وتسيطر على لجام السوق الجامح، وتنشئ هياكل الدولة! ، عندما تعجز في كل ذلك، فستكون النتيجة انهيار الدولة بكاملها، والذي بدأ فعلياً !، وماذا بقى من الإنهيار ، عندما تقتحم مجموعات مقر الفرقة الرابعة مشاة وتستولي على أسلحة من مخزن الفرقة وتلوذ بالفرار ؟!… وماذا بقى من الإنهيار وقسم شرطة الصحافة ، في وسط العاصمة، يتم التعدي عليه، ويُعتبر القسم الرابع، أو الخامس الذي يتم اقتحامه منذ نشوب هذه الثورة ؟!… وماذا بقى من الإنهيار ودواوين الحكومات الولائية والمحلية يتم حرقها نهاراً جهاراً ، إن كانت بسبب صراع قبلي أو مظاهرات؟!.ماذا بقى من انهيار والمواطن السوداني يموت بالطلقة والساطور أو بالجوع!، ومن يحرس هذه الثورة وهذا الوطن، إن بدأ الحريق والخراب والإتلاف في مؤسساتها الأمنية والإدارية؟!.
على العموم ، إن استمر الحال على هذا المنوال ، ونهب مخازن السلاح، وحرق أقسام الشرطة ، وإتلاف دواوين الحكومة، فذلك يعني مخطط كبير يُحاك بالسودان ، في غياب جهاز أمن وطني، تم تجريده من سلطاته، والدليل ، الوساطة الدولية (الآلية الرباعية)، وسكوتها ، وعدم إدانتها للذي يحدث، كسكوت (البوم البعجبو الخراب)!
آخر السطور :
السيد البرهان :
إنّ الله سائلك وحدك عما وصل إليه الحال في السودان ، فاتقِي دعوة الملايين من المظلومين المقهورين ، وآلاف الأرواح التي تُزهق، ومازالت !، إنقذ ما بقى من السودان ، وإن عجزت ، سلِّم قيادة الجيش لخلفك ، والآن ، ليشكِّل حكومة إنتقالية مدنية لمدة عام واحد فقط ، تُسلِّم السلطة للأحزاب الجاهزة،أو حكومة مستقلة تتفق عليها الأحزاب، بعدها ، الإعلان لإنتخابات، وليقل القائد الجديد للآلية الرباعية : سعيكم مشكور .
فهذا…. أو زوال دولة اسمها السودان أنتم من أزلتموها وبأيديكم…. وعند الله تجتمع الخصوم.
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
24 أكتوبر 2022
