لواء شرطة م عثمان صديق البدوي .. (قيد في الأحوال) … لمصلحة مَنْ تحجيم دور الأمن الداخلي والخارجي وعدم توفير الميزانية الكافية للشرطة ؟!
كتبتُ في هذا العمود قبل أربعة أشهر ، تحت عنوان :
هل البمبان أمسى سلعة تُباع في الدُّكَّان ؟!
حين أكدت الشرطة في بيانٍ لها في ذلك الوقت أنّ المتظاهرين استخدموا البمبان وأصابوا 31 شرطياً، وقلتُ أنّ هذا البيان يدعو للغرابة ! ، لأنّ الجهة الوحيدة التي تتعاقد في شراء (البمبان) وتخزِّن (البمبان) وتستخدم (البمبان) ، هي الشرطة! ، إذن من أين تحصّل هؤلاء (الشِّبّان) على البمبان ؟! ، وكتبتُ وقلت ، مثلما أقرّت الشرطة بوجود بمبان في أيدي المتظاهرين ، الواجب عليها ، أن تُحقِّق عاجلاً من مصدر هذا الغاز الذي بحوزتهم .. وإلّا وسيتطوّر الأمر ويملك المتواجهان سلاح متكافئ في الميدان… يوصلنا لحرب شوارع في عاصمة السودان.. ثُم الطّوَفان !.
كتبتُ ذلك ، تحت هذا العمود ، وبالضبط يوم 18 يونيو الماضي ، لكن، يبدو أنّ حديث الضابط المعاشي “ما بنسمِع” !!
وأمس.. بعد أربعة أشهر من قيدي الذي سطرته في الأحوال، تخرج علينا الشرطة ببيان أغرب من سابقه ، لكنه جاء في هذه المرّة بلهجة “يا ناس.. شوفوا لي حلل” ! ، خاصةً والشرطة قالت أنّها تتعامل مع قوات مدرّبة بتشكيلات عسكرية مسلّحة تتبنّي العنف والتخريب وتحمل أعلام بألوان (أحمر أصفر، أسود، أزرق ) وشعارات تدعو للعنف بزي موحد لكل مجموعة (فنائل – خوز – كمّامات – قفّازات – نظّارت) و يحملون أدوات كسر وقِطع، وتتبعهم دراجات نارية مجهولة، وتسليح كامل وموحد بالدرق والغاز والملتوف والخوازيق المصنعة، وشنط جراية في الخلف).
خروج قوات مدرّبة بتشكيلات عسكرية من قلب الخرطوم ! ، لا يُعرف أين جُمِعت؟! ، عندما رفعت تمام الخروج ؟! ، وأي وسيلة ركبت؟! ، وكيف نزلت ميدان المظاهرة بهذا التشكيل المهيب؟!.. ثم هجمت.. ونجحت حين أدارت العملية وانسحبت، وحتى رجعت لقواعدها سالمة ؟!… “وزوول قال ليها جَرْ مافي”!!!.
قوات مدرّبة، منذ جمعها وتحركها، ودخولها ميدان المعركة.. وانسحابها ، لم تجد العين الساهرة التي ترصد ؟! …. ولا اليد التي تقبض؟!…… وإن كان الإخوة في جهاز المخابرات تم تحجيم سلطاتهم من قبض وتفتيش، ألم يكن من الممكن، وبإمكانياتهم، مساعدة الشرطة الأمنية والمباحث ، ومتابعة تحركات هذه القوات ، قبل جمعها ، وتحركها ودخولها الميدان ، وحتى أنجزت، ثم انسحبت؟!.
وكتبتُ قبل عام ونصف، وتحديداً يوم 16ابريل 2021 تحت عنوان :
ما بين جهاز الأمن والمخابرات.. والأمن الداخلي.. الحلقة المفقودة !
وقلت باختصار، إنّ هذه الثورة ومنذ قيامها قد وعدَت بإنشاء جهاز الأمن الداخلي ، وآخر للخارجي ، بعد تجريد سلطات جهاز الأمن والمخابرات الوطني من معظم الصلاحيات . لكن للأسف الشديد ، لا تم إنشاء جهاز الأمن الداخلي والخارجي الجديدين ، ولا تُرِك جهاز الأمن والمخابرات الوطني القديم ليمارس سلطاته ! ، حتى أصبح هناك فراغ أمني كبير وعريض، تتحمّل عبئه شرطة، تتساقط قواتها كل يوم، بعدم التجديد والإستقالات ، وعدم الرغبة في التجنيد لأسباب عدة كتبناها، حتى ملّينا كتابتها !، ثم عبء فض المظاهرات الذي صار باستمرار ، وخصماً من واجب الشرطة الأساسي، من منع ارتكاب الجريمة واكتشافها، وتقديم الخدمات للجمهور ، حتى أصبح اليوم الذي تُعلن فيه المليونية تتوقّف كل أعمال الشرطة ، ويصير كل همّها مع المليونية، وأن “يتعدّي ذلك اليوم على خير”!.
آخر السطور :
مطلوب الآن ، إمّا الإسراع بتكوين جهازي الأمن الداخلي والخارجي ليكونا صمّام أمان الوطن ، “قرنا الإستشعار” في كل بلد في العالم، والذراع الأيمن للشرطة ، أو إعادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني بكل صلاحياته . وكل ذلك لن يتم ، ما لم يتم تشكيل حكومة وطنية مستقلة، غيورة، متجرِّدة عن أطماع الذات ، قلبها على الوطن .. واليوم …. وإلّا وأبشروا باختراقات خارجية ، وتدخُّل مخابرات أجنبية لتمرير أجندتها ، وتحقيق أهدافها وأطماعها الثلاث، التي لا رابع لها، وهي :(تغيير الدستور وبالتالي القوانين، السيطرة على الموانئ، السيطرة على موارد الذهب والإستثمار )، ثم تسرّب جماعات إرهابية عبر حدود طويلة مفتوحة يسهل اختراقها ودخولها، والدخول في مواجهات مسلحة، ودخول المستعمر مرة أخرى، تحت غطاء الفصل السابع، وإنزال قوات دولية، بعد فشل الدولة السودانية، وتحقيق الأهداف الثلاث أعلاه!.
والله المستعان
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
27 أكتوبر 2022