لواء شرطة م عثمان صديق البدوي يكتب (قيد في الأحوال) ..هل سيطبِّق البرهان تجربة السيسي في السودان؟!
بعد الإنقسام والتصدُّع الذي دبّ في أوصال الحزب الإتحادي الديمقراطي الحليف السياسي القديم للقاهرة ،حتي وصل آخره لخلاف شبّ بين أبناء الميرغني، ركّزت القاهرة على المؤسسة العسكرية السودانية ، لأنّ السودان هو العمق الإستراتيجي الأمني لحدودها الجنوبية ، ولأنّ أزمة سد النهضة ومياه النيل لم تراوح مكانها رغم سريان النيل ! ، كما أنّ مصالح مصر الإقتصادية تتطلّب حكومة موالية ، وقد شرع الجيشان في تعميق العلاقات الثنائية ، لدرجة تبادل الزيارات العسكرية على مستوى القيادات ، وقد زار قائد قوات الدفاع الجوي السوداني الإسماعيلية، لتفقّد مناورات للجيش الثاني الميداني المصري ، وزيارات متكررة أخرى من مؤسسة الصناعات الحربية السودانية، والمناورات العسكرية الجوية التي تمت في قاعدة مروي والتي أُطلِق عليها “نسور النيل1″ و”نسور النيل 2” بمشاركة من القوات الجوية وقوات الصاعقة بين البلدين . ورغم تحسُّب القاهرة لعقيدة الجيش السوداني التي تنهج نهج النظام العسكري الإسلاموي ، ورغم أنّ الجيش المصري انقلب على نظام الإخوان المسلمين في العام 2013 ، لكن ما يهم القاهرة هو أمنها القومي وحماية ظهرها ، وضمان استقرار إقتصادها، كما أنّ الحكومات العسكرية في السودان تمثل لها الإستقرار ، بعكس الديمقراطية التي تجلب الفوضي في نظرها وتنتقل عدواها لها حسب محلّلين . كما أنّ صحيفة “وول ستريت جورنال ” الأمريكية قدّمت تقريراً عن الدور المصري وتفضيله انقلاب 25 أكتوبر الذي نفّذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على الشريك المدني في الحكم ، وأفاد التقرير بأنّ الحكومة المصرية إلتزمت الصمت عقب الإنقلاب، وقالت ذات الصحيفة ، أنّ اللواء عباس كامل ، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية سافر إلى الخرطوم قبل الإنقلاب بأيام والتقى بالبرهان، ولم يلتق برئيس الوزراء حمدوك، لانفتاحه العلني في مسألة سد النهضة، وتردّده في خطوة التطبيع مع إسرائيل، الحليف الرئيسي لمصر . كما أن الصحيفة أضافت وحلّلت بأنّ مصر هي الدولة الوحيدة التي رفضت بيان المبادرة الرباعية الذي دعا لعودة الحكومة المدنية الإنتقالية وإنهاء حالة الطوارئ التي فرضها البرهان عشية الإنقلاب ، وبالرغم من أنّ البيان أصدره حلفاء السيسي “أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات”!، واعتبرت صحيفة “لوموند” الفرنسية في تقرير لها أنّ انقلاب السودان هو تكريس للنفوذ المصري داخل الجيش السوداني .
وهذا التقارب العسكري بين القاهرة والخرطوم، أثّر على المستوى السياسي بإعجاب الجيش السوداني بتجربة السيسي في إدارة الدولة المصرية منذ انقلاب يوليو 2013 ، لدرجة تقديم البرهان التحية العسكرية للسيسي على مشهد في العام 2019 ، ومما زاد إعجاب الجيش السوداني بالتجربة المصرية ، هو إدارة المؤسسة العسكرية المصرية للإقتصاد المصري .
وحتى تقف القاهرة مع البرهان في التسوية السياسية القريبة المرتقبة ، كان لابد من الإطمئنان بأنّ الجيش السوداني هو جيش قومي ليس له أي إرتباط مع حزب أو تنظيم، وكان البرهان في السابق يجزم بأن الجيش ليس له أي إرتباط مع المؤتمر الوطني المحلول، لكن وهو على وشك المغادرة غداً لشرم الشيخ ، وليؤكد للقاهرة ذلك ، خلال زيارته التفقدية لقاعدة “حطّاب العسكرية” صباح اليوم ، ألقى خطاباً، شدّد فيه على قومية ووطنية القوات المسلحة، وأنها لا تتبع لأي جهة أو حزب ، أو فئة ، لا الحزب الوطني ، ولا الحركة الإسلامية، أو حزب شيوعي أو غيره، وخصّ في كلمته الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني بتحذير ، ولأوّل مرة ، قائلاً : “إرفعوا أيديكم عن الجيش، وأبعدوا عنه، وما تضّاروا وراهو ”
وبهذا التحذير الخطير من منطقة “حطّاب العسكرية”،هل ستكتمل حلقة تنفيذ “تجربة السيسي” في”شرم الشيخ”؟!
والأيام حُبلي..
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
6 نوفمبر 2022