افاق البوح..صلاح الكامل … دارفور بلادي
(١)
> من اللمع الرائعة الباهرة التي كتبت علي جدار ثورة ديسمبر أن أحدهم قد اقترح ان تسير جموع المعتصمين_آبان الاعتصام_ مسيرة تنطلق من ساحة القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية لتصل الي دارفور المحمل والكسوة، لتعبر عن اعتذار مجموع الشعب السوداني لدارفور عن ما اقترفته ايدي البائدين من قتل لإنسانها الكريم وسحل لأنعامها الوفيرة وحرق لقُرًاها
، حواضرها ونجوعها، وإعمال آلة التقتيل في سوحها الرحيب، فمن الجميل تقديم العذر عن جريمة لم يرتكبها المواطن الصالح الفالح العادل، انما الباغي الظالم الجائر هو من قتل الدارفوري الكريم النبيل.. دارفور التي لم ينصفها زمانها بإجترار تاريخها التليد، ماضيها المجيد وسيرتها السمحة ولم يبرها البعض من بنيها حيث بعضهم قد أعتاش من دمها الطاهر وأقتات من لحمها العفيف.. لم تنصفها مارشات الغازي ولم تقدم لها إتفاقية البيادق المسماة اصطلاحا ب(سلام جوبا) لا رفعة بين مواطنها تحققت ولا ود مع رهطها حفظ ولم يقدموا لها برا ولم يتركوها بإيثارها القديم، حيث لم ينال مواطنها العفيف مما بصم عليه بإسمه في مواثيق العمالة وعهود الخديعة.
(٢)
> اسجل هذه السطور وفي الخاطر وجد وحب وهوي للجنينه (دارندوكة)؛ فقد ضمتنا في ايام مضت من عام تصرم وهي تفتح ذراعيها لطلاب السودان في إحتفالية تدشين موسمهم الصيفي وقتذاك .. دارفور التي تمثل كل نبيل في السودان لدرجة تبرر ان نقول ان كل السودان هو دارفور (كل البلد دارفور) .
(٣)
> دارفور تلك الرقعة البقعة التي دخلت ضمن ما اصطلح عليه بالقطر (السودان) قبل ما يزيد قليلا عن القرن من الزمان بيد انها سرعان ما صبغت كل ما حولها بصبغتها، عبرت عن إسلاميتها بشكل باهر وقدمت تجارب ثرة في العلم والتدين والعرفان والتجارة وفنون الإدارة وصنوف الثقافه واقراص جميله زينت بها جيد بلادي، فمن السلطان علي دينار ومرورا بالسلاطين زاكي الدين وتاج الدين وبحر الدين الي السلطان دوسه واحمد ابراهيم دريج وتجاني السيسي وخليل ابراهيم واخوته ومني اركوي مناوي وموسى هلال ودلقو اخوان وعبدالواحد نور ورفاقهم الي اخر من سالت دمائه علي تراب دارفور الذي مازال طاهرا صعيدا زلقا .. قد تعانقت في تلك الربوع الطبيعة مع الإرادة فرسمت لوحة تحكي عن عظمة من عاش ويعيش هناك .
(٤)
> كل بلادي الممدودة مع النيل الخالد والمستطيلة بالصحاري الذهب و(المتوهطة) في تاريخ تليد وماضي مجيد تستحق التوثيق والتقزيظ والإحتفاء وها نحن نبتدر هذا السفر بدارفور .. إذا دار قرص بحث الحديث عن حواضر دارفور، فتجد الجنينه دارندوكة وفاشر السلطان ونيالا البحير وزالنجي الخضرة وضعين الحديبة، فهن حواضر أديم الارض الدارفورية والتي تعد عزيزة علي كل سوداني ببواديها وحضرها وقراها ووديانها وفرقانها وسهولها وجبالها وحلالها ونجوعها ومدائنها وكل مواردها ومكاسبها، كل مواهبها ومواجعها، حيث لكل وقفة قد وقفها وسجلها التاريخ، كانت محطة لصالح السودان الكبير.
(٥)
> لو انصفت هذه الثورة المجيدة انسان دارفور واشبعته تنمية وترقيه هو اهل لها ولو مدت له من الخدمات والنماء ولو رفدته بأسباب الرفعه والرفاه ويسرت له رغد العيش واعطته مبرر الرقي، وان يكون كل ذلك في سياق الوطن الواحد والمصير المشترك واواصر الإخاء والدين والتاريخ والجغرافية، ولو وقفت الثورة عند هذا الحد، فيعتبر انها قامت بالواجب وزيادة، فإن الجنوب الذي ذهب، قد ترك ندوب وبثور علي جدار الوجدان السوداني الخالص، فلم يعد لنا إحتمال قص جناح او بتر عضو من هذا الجسد الأسمر المديد، سودانا (البنفخر بيهو يوماتي) ودارفور من ضمنه، كما الشرق الغالي والشمال العزيز وجزيرة الخضرة وكرفان الغرة، فإنني قبل أن ابرح اهتف بصوت صادق وعالي، لتسمع دارفور بانها بلادي.
> منشور في صحيفة الإنتباهة الصادره اليوم السبت ٢٠٢٢/١١/١٩م صفحة٧