أعمدة

(بعد.. و .. مسافة) .. مصطفى ابوالعزائم .. *الليلة الثانية بعد الألف … !

فعلاً هي ليلة من “ألف ليلة وليلة” تلك التي تجالس فيها الشاعر الرقيق “اسحق الحلنقي”، هو يحكي وأنت تستمع إليه ، وهو رجل مرهف، حساس ورقيق وصادق .. تدخلت قبل سنوات لإحتواء الخلاف الذي نشب بينه وبين الفنان الكبير والموسيقار راسخ القدم ، الأستاذ محمد الأمين (أبو اللمين) ، وحكى لي الحلنقي تفاصيل معرفته ب(أبو اللمين) ثم تعاونهما الفني الذي أنتج ثلاث أغنيات تعتبر من أجمل ما تغنى به الفنان الكبير ” محمد الأمين” ، وهي (بتتعلم من الأيام) و(شال النوار) و(غربة وشوق) ، وهي من أغنياته الكبيرة التي راجت ونجحت نجاحاً كبيراً ، وقد أداها الفنان “محمد الأمين” أداءً رائعاً إنطلق من منصة لحنية قوية وعالية المستوى ، خاصةً وأنه عايش تلك الكلمات معايشة كاملة قبل أن ينقل إحساسه ذاك إلى القلب ثم الأصابع التي تداعب أوتار العود .
واحدة من تلك الأغنيات الجميلة ، كتبها “الحلنقي” بإحساس ومشاعر الفنان “محمد الأمين” ، وقد كان ينتظر مخطوبته – التي أصبحت زوجته لاحقاً – لكنها لم تأتِ في الموعد المحدّد ، فطلب من صديقه “الحلنقي” أن يكتب عن ذلك الموقف ، فجاءت الرائعة (وعد النوار) التي أشتهرت بإسم (شال النوار) ، وهذا يعني أن العلاقة بين الرجلين والصديقين الشاعر والفنان أقوي من أن تؤثر عليها (زعلة) عابرة ، وهو ما دعاني للتدخل ، بل دعاني أيضاً للإستنجاد بطلب تدخل إتحاد المهن الموسيقية لإحتواء هذا الخلاف ، وكنت وغيري كثيرون وقتها في إنتظار هذا التدخّل .
بعد أن قص “الحلنقي” قصة (وعد النوار) قلت له: “يعني الشعر صنعة..! ؟ ” ، فأجاب ب” أيوة .. الشعر صِنعة.. المهم الإحساس يكون عالي وصادق” .
تذكّرت بعد حديث “الحلنقي” ، مجموعة حوارات إذاعية ممتازة ، أجراها الأستاذ الكبير الراحل “فؤاد عمر” ، أحد رواد الإذاعة والإعلام في الشقيقة مصر ، وكان مديراً لإذاعة “ركن السودان” ثم أصبح بعدها وكيلاً لوزارة الإعلام هناك، أقول إنني تذكرت مجموعة حوارات أجراها الراحل “فؤاد عمر” مع شاعرنا الكبير ابن أم درمان الوفي الراحل “عبد المنعم عبد الحي – رحمهما الله – أكد من خلالها الشاعر أنه كان كثيراً ما يكتب أغنياته بناءً على طلب الفنان، وقص قصة الفنان الراحل سيد خليفة – رحمه الله – مع أغنية (المامبو السوداني) ، ثم حكى الشاعر الراحل حكايات تستحق أن تُروى عن مطالبات الفنانين له بأغنيات جديدة ، خاصة عندما عاد من مصر إلى السودان بعد أن تم نقله لرئاسة القوات المصرية في الخرطوم عام 1953م ، وكما هو معلوم فإنه كان ضابطاً بالجيش المصري، وذكر حصار الفنانين له ، وقال إن الفنان الراحل “حسن عطية ” كان أول من (استلمه) وطلب إليه إكمال مطلع كتبه المرحوم الشاعر “يوسف مصطفى التني” ولم يكمله، قام الفنان “حسن عطية” بتلحينه وإحتار بعد ذلك كيف يكمله ، فجاء للشاعر “عبد المنعم عبد الحي” وأعطاه المطلع الذي يقول : (الليل جانا والحبيب زارنا أوفى معانا) ، لكن الشاعر رفض إكمال المطلع إذا لم يوافق “التني” ووافق صاحب المطلع.. ليكملها “عبد المنعم عبد الحي”.. ثم تتالت الأغنيات.
شعراء قليلون كتبوا مئات الأغنيات، وبعضهم كتب أغنيات قليلة خلدت ، وصديقنا “الحلنقي” من الذين كتبوا المئات ، وكلها تقريباً من الأغنيات الناجحة ، وقال إنه يتمنّى أن يحتفل ب(الأغنية الألف) عما قريب.. ونحن أيضاً نتمنى ذلك.
أما من الشعراء المجيدين المقلّين ، فهناك صديقنا الشاعر الكبير ” التجاني سعيد ” الذي كتب (من غير ميعاد) وهو جالس لأداء امتحان الرياضيات في إمتحانات الشهادة السودانية في إحدى نجماتنا الراحلات – رحمها الله – عندما قابلها صدفة ، ثم كتب “أرحل” للفنان الراحل “محمد وردي” إضافة لأغنية “تاجوج” للفنان الأستاذ “الطيب عبد الله”، التي يقول مطلعها :
زمان لو قالوا عن تاجوج
روائع خلدها الدوبيت
زمان لو روميو مات بالحب
وقاسم بالعذاب جوليت
زمان لو قيس صبح مجنون
وقال في ليلى مليون بيت
أهو التاريخ يعيد أزمان
لأني اليوم كمان حبيت ..

اللهم نسألك العلم النافع والرزق الواسع والصحة والعافية والبركة في العمر يا أرحم الراحمين.. آمين .

Email : sagraljidyan@gmail.com

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى