أعمدة

بُعْدٌ .. ومسَافَة مصطفى أبو العزائم من انتم ؟

بُعْدٌ .. ومسَافَة مصطفى أبو العزائم من انتم ؟

والّله إنّ للسُلطة والحُكْم سُلطانٌ عجيب ، ويظّن الحاكِمُ إنّ من يُنازِعَه في الحُكْم إنّما هو شيطانٌ مريد ، حتى و إن لم يصل إلى مقعد الحكم بحقٍّ وإنتخاب ، وحتى وأن جاءه بباطلٍ أو سرقةٍ مثل ما يحدث في كثيرٍ من البلدان التي تشهد ثورات يدفع ثمنها الثّوار أرواحاً ودماءً وضحايا ، ويجني ثمارها الكُسالى أصحاب الألسنة النشطة ، والعطالى الذين يستثمرون في سوق السّياسَة دون رأس مال .
رحم الله العقيد معمر القذافي ، الذي خرج في فبراير من العام (2011م) ورأى أبناء الشّعب الليبي يتحدّون القهرَ والظلمَ ينادون برحيله ضمن موجة الثّورات التي إجتاحت المنطقة العربية ، وحرّكتها الجماعات الإسلامية في البلدان التي شهدت إندلاع نيران تلك الثورة وأطلق عليها الإعلام المساند لها إسم ثورات الربيع العربي ، وماهي كذلك ، خرج القذافي – ليلة ذاك – غاضباً غير مصدّق لما يرى ، متسائلاً بينه وبين نفسه ، كيف يخرج الأبناء على آبائهم مرة واحدة (؟) وكيف تتأثر الشّعوبِ بعضها ببعض بعد أن جاءت الشرارة الأولى من النّار التي أشعلها بائع الخضار الشّاب التونسي محمد البوعزيزي وأحرق نفسه أمام ممثلية الحكومة في “سيدي بوزيد” يوم (17) سبتمبر عام 2010م فمات متفحماً محترقاً لتشتعل بعده كل تونس ، وتنتقل النيران منها إلى مصر ، فليبيا ، واليمن، وتستغل بعض التنظيمات السّياسيّة تلك الظروف المواتية للهبّات الثّورات الشعبية فتتبناها وتدمغها بدمغتها ، وتصبغها بلونها دون إعتراف بدور الآخرين لتصبح أراضي دول بعض تلك الثورات خراباً يباباً.
في كثيرٍ من الأحيان لا يتعلّم البشر من تجارب غيرهم ولايتعظون ، ويكررون ذات الأخطاء التي تقود إلى ذات النتائج ، ونستدل على ذلك بالثورات الشعبية الحقيقية التي شهدتها بلادنا في أكتوبر 1964م وفي أبريل 1985م وفي أبريل 2019م ، إذ يثور الشباب ويرتفع منسوب الغضب والاحتقان ، ليتدخل الجيش ، فيأتي من لم يكن له دور في كل ما حدث صاعداً إلى المسرح السّياسي يريد أن يلعب دور البطولة.
حقّ لنا أن نسأل ذات سؤال القذافي مخاطبين لصوص الثورات : ( من انتم؟) بل وأين كنتم عندما كانت جمرات الظلم تحرق أقدام الشباب (؟) ونحن نراهم اليوم يتحدّثون بإسم الشهداء وإسم الثوار ، ونجدهم قد إلتفّوا على الثورة والثوار يريدون إقصاء الجيش وكل القوات النظامية من المشهد السياسي ، حتى يفصّلونه على مقاساتهم ، من خلال فرض الوصاية على كل الفترة الإنتقالية ، ولكن الصاعقة الأكبر التي واجهتهم كانت إتفاقية سلام جوبا التي جاءت بالحركات المُسلّحة والمتمرّدة على نظام الحكم السّابق لتصبح جزءاً من مكوّن الثورة ، بل وتصبح من خلال مجلس شركاء الفترة الإنتقالية، جزءاً من مكوّنات الثورة ( مسموعة الصّوت) ، لكن أدعياء الثورة والنضال يرفضون ذلك لأنهم يعرفون حجم كل لاعب في ميدان السياسية السودانية .
هذا الشّعبُ الكريم يرفض أن يسرق أسمه أحد ، ويرفض أن يتحدّث بلسانه أحد .. نعم .. نحن ندعم مجلس شركاء الفترة الإنتقالية ، ندعو لاعتماده معبّراً عن الكثيرين من أبناء وقطاعات وشرائح وفئات هذا الشّعب ، بل ونتمنى ألّا تقوم لأي مجالس صوريّة أخرى قائمة ، فالذي يشّرع للشّعب السّوداني هو مجلسٌ مُنتخب عبر صناديق الإقتراع ، بعيداً عن صناديق الخداع أو صناديق الذخيرة .

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى