هل تلحق مصر بقطار الإتفاق الإطاري .. إسماعيل شريف
أبعاد معقدة للإهتمام المصري بالسودان خصوصا من الزاوية الأمنية لتأمين حدودها الجنوبية من ناحية والحفاظ على أمنها المائي من ناحية أخرى خاصة بعد بروز التحديات في حدودها الغربية بعد سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا والتوترات الأمنية في منطقة سيناء شرقي مصر وبروز خلايا إرهابية تناهض المحروسة
ظلت مصر الرسمية في حالة بحث دؤوب عن قيادة سودانية متفق تمكنها من وضع يدها على الجواد الرابح مع الأخذ في الإعتبار بأن هناك إتهامات منطقية لمصر بتفضيلها للقيادات العسكرية السودانية كخيار أمني إستراتيجي يضمن الإستقرار بالبلاد ويفرض سطوة وهيبة الدولة خاصة وأن مصر ظلت تحكم عبر المؤسسة العسكرية طوال قرون مضت والشاهد في ذلك ملوك الفراعنة ثم عمرو بن العاص مرورا بعهود الممالك الإسلامية إلى حقبة المماليك ثم الدولة العثمانية وأسرة محمد علي حتى الملك فاروق ليأتي تاريخ مصر الحديثة يحدثنا عن محمد نجيب وعبد الناصر والسادات ومبارك والسيسي وهي بالتالي تركز على الشق العسكري بشكل واضح فكانت حليفا دائما للنميري خلال فترة حكمه للسودان وهي أول من بارك وأيد إنقلاب الإنقاذ
ظلت مصر تنظر بقلق للسودان بعد ثورة ديسمبر وتعمل على مراقبة الأحداث وعدم التعليق لحساسية موقفها وتحاول التعرف على القيادة الجديدة وناس ( الرصة والمنصة الواقفين قنا ) لخبرتها الطويلة في التعامل مع الأشخاص بعد تحديد الهوية والتوجه والميول ونجدها تحتفظ دوما بزهرة من كل بستان سوداني لذا فهي تحتضن الآن الخليط مابين آل الميرغني وأحفاد المهدي ورموز الإنقاذ وأبناء الهامش وتحتوي قوش وهو أحد أهم مفاتيح البلاد بصفته مدير المخابرات السابق وكانت تحتضن جعفر نميري لسنوات بعد سقوط نظام مايو
يبدو أن مصر تحاول الآن اللحاق بقطار الإتفاق الإطاري بعدما أيقنت أن التأييد الدولي للإتفاق قد يخرجها من المولد بلا حمص مع ملاحظة تنامي النفوذ الخليجي والغربي والإفريقي في السودان وهي تواجه تحدي رفض المجلس المركزي للحرية والتغيير لكل محاولات إغراق الإتفاق بأطراف جديدة وتعديل بعض بنود الإتفاق بما يخدم مصالح مصر ويعزز من نفوذها في السودان خطوات إستباقية عديدة سعت بها مصر لعرقلة الإتفاق الإطاري منها عودة إيلا وبعدها عودة جعفر نجل الميرغني ثم عودة محمد عثمان الميرغني للبلاد بعد طول غياب إلا أن كل هذه الخطوات لم تفلح في فرملة قطار الإطاري والآن مصر تحاول حجز المقعد الأخير وفي الخاطر المصري جراح قديمة كتبها الزعيم الراحل إسماعيل الأزهري بالدم على منديل أبيض في قمة باندوننغ الشهيرة قبل الإستقلال رافضا التبعية للوفد المصري وسطرها مجددا التاريخ الحديث وأثيوبيا ترعى وتدعم إتفاق الوثيقة الدستورية عقب سقوط البشير و الإستقبال الحار لرئيس وزراء أثيوببا آبي أحمد خلال حفل التوقيع
كل ذلك يجعل مصر تتحسس موقعها في الوجدان السوداني وزاد من ذلك المواقف المتصلبة من المجلس المركزي للحرية والتغيير والرافضة لفتح الاتفاق الإطاري او تعديل بنوده
يمكننا القول بان مساعي مصر ومبادرتها الأخيرة لعقد إجتماعات سودانية سودانية بالقاهرة والتي جاءت في ختام زيارة مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل للخرطوم تمثل الخطوة الأخيرة للالتحاق بالإجماع الدولي الداعم للإتفاق