(بُعْدٌ .. و .. مسافة) .. مصطفى ابوالعزائم .. رجالٌ .. و .. نساء ..!
ليس من أحد في هذا العالم لا يعرف أن هناك يوم خاص بالمرأة في عالم اليوم ، وهو الليوم الثامن من مارس الذي يحتفل به أهل الشرق وأهل الغرب ، مثلما يحتفل به أهل الشمال والجنوب ، كما يحتفل به كل من العلمانيين والإشتراكيين وبقية أهل العالم من وثنيين ولا دينيين ، لكن شُهرة هذا اليوم ، جعلت كل الدنيا تتأثر بهذا الاحتفال “النوعي” إلى الدرجة التي تجعل بعض الدول تمنح فيه النساء عطلة خاصة تمييزاً لهن ، خاصةً في بعض الدول الاشتراكية مثل : الصين وكوبا ، إلى جانب روسيا الإتحادية التي ورثت الإحتفال به من سلفها الشيوعي الإتحاد السوفيتي .
يعود الاحتفال بهذا اليوم استناداً على عقد أول مؤتمر للإتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في مارس عام 1945م ، ومعروف أن هذا الاتحاد يقوم على المنظمات الرديفة للأحزاب الشيوعية ، والتي تعبِّر عنها ويقابلها عندنا في السودان الاتحاد النسائي السوداني ، الذي كانت السيدة الفضلى “فاطمة أحمد إبراهيم” رحمها الله رحمة واسعة ، إحدى مؤسساته ، ومع ذلك يتم الإحتفال به في بعض البلدان بعيداً عن الشكل الإحتفالي السياسي ، ليصبح أقرب للاحتفال بأعياد الحب والأم .
بعض الرجال الناقمين على ما نالته المرأة من حقوق يرون أنها أكثر مما تستحق ، لكنها استخدمت أساليب ضاغطة من أجل تحقيق تلك المكاسب ، أولئك الرجال يرون أن ” نوع ” الرجال مظلوم ، وحتى عندنا في السودان طالب البعض – مازحاً – من قبل – خلال فترة الحكم المايوي، بتكوين” إتحاد رجال السودان ” ليكون مقابلاً موضوعياً لـ ” إتحاد نساء السودان ” وكثير من الرجال يعرب عن غيظه – تِحت تِحت – من هذا التمييز غير العادل من نظرهم للمرأة ، مبررهم في ذلك أن عالم المرأة هو المرأة نفسها ، بيتها وأسرتها فقط ، بينما عالم الرجل هو كل هذه الدنيا ، لذلك يعمل الرجل من أجل إسعاد نفسه وأسرته وإسعاد العالم بأجمعه ، إن وجد إلى ذلك سبيلاً ، بينما همّ المرأة ينحصر في نفسها وأسرتها الصغيرة ، وأنها عندما تعمل على تربية الأبناء والبنات لا تهتم إلا بالنجاحات الأكاديمية لتباهي بها الأخريات ليقول الناس ” أولاد فلانة وبنات علانة ” ، وبذلك ينسب لها النجاح وتشبع ذاتها في المباهاة ، حيث أن تلك هي طبيعة المرأة .
أحدهم كان رمزاً ثقافياً وإعلامياً وسياسياً كبيراً ، رحل عن دنيانا قبل سنوات ، سألني ذات يوم بعيد عن أسباب “الهيصة ” وكان ذلك أيام الحكم المايوي ، فقلت له إن إتحاد نساء السودان ينظم لإحتفالية كبرى في قاعة الصداقة يشارك فيها الرئيس نميري .
تغير وجه أستاذنا الكبير رحمه الله ، وتبدلت ملامحه نحو الغضب ، وقال لي بغيظ شديد : “حقو يعملوا شعار كبير يقولوا فيه يوم المرأة العالمي.. انطلاقة كبرى ” مع التركيز على كلمة “انطلاقة ” .
ما علينا.. هناك في المقابل أصحاب القلوب الرقيقة أو بعض “التابعين” لبوصلة الأنثى .. هؤلاء وأولئك “يناضلون ” من أجل المرأة وحقوقها أكثر منها ، وبعضهم “يبالغ حبة ” في التعبير عن مشاعره ، نثراً وشعراً مثل شاعر المرأة الأشهر “نزار قباني” الذي حيَّر شيطان الشعر نفسه عندما خاطب محبوبته في يوم المرأة العالمي شعراً وقال لها :
يا سيدتي.. كُنتِ أهم امرأة في تاريخي
قبل رحيل العام .
أنتِ الآن.. أهم امرأة
بعد ولادة هذا العام..
أنتِ امرأة لا أحسبها بالساعات وبالأيام
أنتِ امرأة
صُنعت من فاكهة الشعر..
ومن ذهب الأحلام .
قطعاً “نزار” ليس وحده ، فقد سبقه كثيرون حتى في العصور القديمة والسابقة شرقاً وغرباً.. وتبعهم الغاوون .
ما علينا.. هناك أعياد أخرى مثل عيد الأم في الحادي والعشرين من شهر مارس في كل عام ، وهناك يوم الطفل ، ويوم الرجال العالمي ، ويوم الأب ، لكن المؤكد أن الكثيرين لم يسمعوا بتلك الأيام ، ولا أظن أنهم سيسمعون.
سمعت الشيخ الجليل الراحل الأستاذ “محمد سيد حاج” _رحمه الله رحمة واسعة – في واحدة من خطبه الأخاذة يقول ، إن إحدى البنات جاءت إليه غاضبة ثائرة وسألته لماذا يقول: إن النساء ناقصات عقل ودين ! فقال لها إنه لم يقل بذلك ، بل الذي قاله هو النبي الكريم سيدنا “محمد” صلى الله عليه وسلم ، وقاله عن أفضل النساء المسلمات وهن الصحابيات الجليلات.. لكنني – الحديث للشيخ محمد سيد حاج” – أقول إنكن نساء هذا الزمان ” ما عندكن دين.. ولا عندكن عقل “.. برر ذلك بانصرافهن إلى القضايا الصغيرة والتافهة ، حتى أنه قال : إن التي تدخل منهن النار تُدخل معها ثلاثة.. أبوها وأخوها وزوجها.
.. و.. على كل حال.. كل عام جديد والجميع بخير .
Email : sagraljidyan@gmail.com