كتاب مفتوح من حزب التحرير/ ولاية السودان إلى البرهان وإلى أهلنا في السودان
بعد مرور أكثر من عام من الشد والجذب، واختبار القوة منذ انقلاب البرهان في 25 تشرين أول/ أكتوبر 2021م، وبعد أن خرج الصراع إلى العلن بين أمريكا المتحكمة في البرهان ونائبه ومجموعته من جانب، وبين الحرية والتغيير، والأحزاب المؤتلفة معها من عملاء بريطانيا وأتباعها من جانب آخر، ولأن أياً من الطرفين (أمريكا أو بريطانيا) لم يتمكن من بسط نفوذه في المكون العسكري والمكون المدني معاً، لذلك عادوا إلى التوافق المؤقت، بالتوقيع على الاتفاق الإطاري الذي صاغه الكافر فولكر بإشراف مباشر من الأمريكان والإنجليز. ويدأب البرهان في هذه الأيام لإلحاق الكتل السياسية الرافضة للاتفاق بغرض تشكيل الحكومة المدنية!
إن الاتفاق الإطاري ينص على أن: (السودان دولة متعددة الثقافات والإثنيات والأديان)، وذلك كذب، لأن حوالى 98% من أهل السودان مسلمون، وبالتالي دينهم واحد وهو الإسلام، وثقافتهم واحدة وهي الثقافة الإسلامية، وهذا النص إنما هو تحايل لإبعاد الإسلام عن أنظمة الحياة والتشريع. وينص الاتفاق الإطاري أيضاً على أن: (السودان دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية برلمانية، السيادة فيها للشعب وهو مصدر السلطات)، وكل ذلك مخالف للإسلام، فالدولة المدنية هي الدولة العلمانية التي تفصل الدين عن الحياة، والديمقراطية تجعل حق التشريع للبشر، فهي لا تضع اعتباراً للأحكام الشرعية، ولأن السيادة فيها ليست للشرع؛ الكتاب والسنة وما أرشدا إليه. والفيدرالية تجعل الدولة قابلة للتجزئة لأنها تعني تعدد الحكام الذين يستمدون سلطتهم ذاتياً من أقاليمهم، وتعني كذلك تعدد التشريع، فلكل إقليم دستوره وقوانينه.
هذا غيض من فيض الكفر الذي ينضح به هذا الاتفاق الإطاري، وهو يكفي لأن يرده كل مسلم غيور على دينه، عملاً بقول المصطفى ﷺ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ».
إننا في حزب التحرير/ ولاية السودان نذكّر البرهان والموقعين على الاتفاق الإطاري، والذين استحوذت عليهم السفارات الغربية، يخدمون مشاريعها، ويُشقون شعوبهم، فأصبحوا يدورون حول كراسي حكم معوجة القوائم، نذكرهم بالحقائق الآتية:
أولاً: إن أهل السودان مسلمون، يعتنقون دين الإسلام العظيم، فهو هويتهم وهو ثقافتهم، وهو أساس حياتهم، وأساس دولتهم، وهم جزء من أمة عظيمة أخرجها الله سبحانه وتعالى للناس أجمعين، قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾، فالمسلمون، وأهل السودان جزء منهم، هم أمة أخرجت لتسوس الناس بأحكام رب العالمين، فكيف يسوسها هؤلاء المغضوب عليهم، والضالون الذين لا يعلمون؟!
ثانياً: إن الإسلام العظيم إنما هو عقيدة وأنظمة حياة، أي هو دين ومنه الدولة، ووظيفة من يجلس على كرسي الحكم هي تطبيق الإسلام كاملاً غير منقوص، وقد خوطب بذلك سيد الخلق أجمعين فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾. وقال سبحانه محذراً من جعل سبيل للكافرين على المسلمين: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾، فكيف بمن يحارب أحكام الإسلام وأنظمته، ويسلم حرمات الناس وثروات البلاد للكفار المستعمرين، وأدواتهم، ومنظماتهم!!
ثالثاً: إن الإسلام العظيم بأحكامه هو الذي يحرر البلاد من نير الاستعمار الجاثم على صدورنا، فهو الذي يوقف هذا العبث؛ من تسلط السفارات الغربية، وبعثة اليونيتامس، وسائر المنظمات الغربية التي تنشر في بلادنا الفساد، والإسلام هو الذي يقصي هذا الوسط السياسي العميل للاستعمار، ويأتي برجال مخلصين لعقيدتهم وأمتهم.
رابعاً: إن هذا الاتفاق الإطاري لن يحل أزمة الحكم المستعصية في البلاد، وهي الخلاف بين الجيش والمكونات السياسية، لأن الخلاف في حقيقته هو صراع بين العملاء على الكراسي لحساب الدول الكبرى (أمريكا وبريطانيا). ولأنه اتفاق استند على أساس باطل؛ وهو فصل الدين عن الحياة والدولة والمجتمع، ولأنه حل ترضية مؤقت بين قوى غير مخلصة، ولأن كل فريق يتربص بالآخر، فتظل أزمة الحكم قائمة ولن يعالجها إلا أحكام الإسلام.
خامساً: إن هذا الاتفاق الإطاري لن يحل الأزمة الاقتصادية التي ثار الناس من أجلها، لأن أطراف الاتفاق مرتبطة بالخارج، وتفكر على أساس المبدأ الرأسمالي في الاقتصاد، وهو منظومة أحكام كفر تزيد الفقراء فقراً، والأغنياء غنى، وتمكّن الكفار المستعمرين من نهب ثروات بلادنا الغنية بعد تكبيلها بالقروض الربوية.
هذه الحقائق نصفها لكم لعلكم تثوبون إلى رشدكم، وتعودون من غيكم، فتدركوا أن السياسة ليست مضماركم، وأن الحكم ورعاية شؤون الناس ليست صنعتكم، لأنكم لا تحملون تصوراً مبدئياً عن الكون والإنسان والحياة، من لدن لطيف خبير، يستند إلى عقيدة الأمة في كيفية رعاية الشؤون، وكيفية علاج المشكلات والأزمات. ولتدركوا به خطر خوض معترك السياسة بعيداً عن مبدأ الإسلام، حيث يختلط عليكم العدو من الصديق فتقادوا إلى حتفكم بظلفكم، حتى ان بلادكم صار حاكمها الفعلي هو العدو الكافر المستعمر!!
أيها البرهان الحاكم الفعلي للسودان عندما يصلكم كتابنا هذا، وهو معذرة إلى ربكم ولعلكم تتقون، فاعلم أنك ما زلت في فسحة من العمر، فاغتنمها بالتوبة إلى الله، ﴿تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ والرجوع عن تطبيق أحكام الكفر وأنظمته، وذلك إنما يكون بإعطاء النصرة لحزب التحرير الذي يعي على مبدأ الإسلام العظيم، وكيفية تطبيقه، ويعي على واقع الصراع الدولي، وكيفية خوض غماره عسى أن تكونوا كالأولين: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾.
إننا في حزب التحرير/ ولاية السودان، نستنهض همم جميع المخلصين من أهل القوة والمنعة، لإعطاء النصرة لحزب التحرير ليصل الإسلام صافياً نقياً إلى سدة الحكم، بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، لأجل اقتلاع نفوذ الكافر المستعمر من بلادنا، وعندها ستعلمون ويعلم الناس من هم رجال الدولة، وماذا تعني مفاهيم العزة والكرامة. ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾.
الأحد 15 جمادى الثانية 1444هـ 08/01/2023م حزب التحرير/ ولاية السودان