أُم الحسن تتململ فی قبرها !! .. محجوب فضل بدری
كانت قهوة أم الحسن فی الطريق الصحراوی بين أم درمان ودنقلا،هی الواحة التی يستظل بها المسافرون فی تلك الصحاری القفر،وذلك الطريق الموحش،حيث لا ماء ولا شجر،فارتاده صناديد الرجال،وشقت الطريق لواری *ترحيلات عمر عبدالسلام،وساٸقها الأشهر جابر* وكانت الرحلة من المشقة بمكان لا يطيقها الا اولو الحزم والعزم،،من السواقين والمساعدين،،الذين يرمون الصاجات،فی الرمال،وينفخون اللساتك يدوياً بالمنفاخ،ويظبطون الحلة،،فی تلك الظروف القاحلة أقامت أم الحسن أو (موناليزا الصحراء) قهوتها التی طبقت شهرتها الآفاق،ولم تكن اكثر من (راكوبة) صغيرة وموقداً بداٸياً يعمل بالحطب،وشوية كبايات،وكانت تقدم خدماتها بروح عالية ونفس راضية فوجد مرتادی تلك الصحاری والقفار واحة تبعث الراحة،،وطارت سمعتها فی الارجاء،واصبحت نقطة التقاء ومتكأ راحة،،وتحولت الی رمز،حتی جری ذكرها فی الخطابات الجماهيرية فی العهد المايوی علی لسان الخطيب المفوّه عمر الحاج موسی،وغيره،من الأدباء والشعراء،وبعد الانقاذ التفت أهل الشمال وتنادوا لتشييد هذا الشارع الذی تاهت فی جنباته سيارات كثيرة،وراحت ارواحاً عزيزة،فقام طريق شريان الشمال بالجهد الذاتی لأبناء الولاية الشمالية،،حيا الله المهندس الحاج عطا المنان ورفاقه،من رجال الشريان،،والذين لم ينسوا (ام الحسن ولا قهوتها)،فجعلوها ُايقونة الصحراء،مثلما ما فعلوا مع (قهوة التمتام) ولاهل الشمالية ان يُباهوا بانجازاتهم دون أن يشتكوا التهميش كما تفعل أقاليم أخری،،وتظن ظنَّاً باطلاً بأن المركز يُحابی أهل الشمال۔ !!
– والله ما ساءنی طيلة علاقتی بهذا الطريق الحيوی وما حدث فيه ماضياً وحالياً،مثل رٶية السفير الأمريكی (غودفری) الذی حشر أنفه فی أدق تفاصيل بلادنا،وجاس خلال الديار شرقاً وغرباً ووسطاً،وهاهو يتجه شمالاً لتوطيد أوتاد الإستعمار الحديث،ولو أنه إستجلب دعماً مادياً أو لوجيستياً لخفت إذاً حدة نقد تصرفاته البايخة،،فلا هو كفانا شره، ولا أتانا خيره،،لو ان قعدته فی قهوة ام الحسن أتبعها بتبرع بآليات لإزاحة رمال الزحف الصحراوی علی الأسفلت،لقلنا الرجل عنده إحساس بهموم الناس،ولكن إهتمامه الظاهر هو ان يبعث لرٶساٸه بأنه (شغال)،وهدفه الباطن معروف،،وهو استكمال دور (الرحالة والمستشرقين والمستكشفين)،ادوات الاستعمار فی القرن الماضی، والممولين من الكناٸس،وحتی حملة كتشنر لإحتلال بلادنا كانت بتمويل كنسی !! ونحن لانخشی علی اهل تلك الأنحاء من حملة التنصير،او فرض ثقافة المثليين فلا أهل القبولاب،من لدن قهوة الحميدی، ولا وادی أم جواسير، ولا أهل جبال المرخيات،ولا صحراء بيوضة،ولا أهل أم جِقرة وحتی أهل الملتقی فی قنتی، بتاركی عقيدتهم وقيمهم لغودفری وأضرابه،من أهل الشذوذ ،ولا يطمعون فی أيِّ خيرٍ يأتی من قِبلهم،فليترُكَّن (السفير السفيه) أهل بلادنا وشأنهم،وليذهبنَّ إلی بلاده غير مأسوف عليه،وليأتِيَنَّ متی شاء زاٸراً لنقوم بواجب الضيافة نحوه مثله مثل أی ضيف عابر،وليعلم بأن مقعده فی قهوة ام الحسن أغلی عندنا من مقعدٍ فی مجلس الشيوخ،أو فی الكونغرس،او فی المكتب البيضاوی،فی البيت الأبيض !! (فلالوب بلدنا ولا تمر الناس) ولترقد أم الحسن فی علياء ربها وهی مطمٸنة إلی إن بنيها غير مبدلين عزتهم بدولارات غودفری ورهطه،وهم يتغنون مع الخليل (فی الفٶاد ترعاه العناية،بين ضلوعی الوطن العزيز)
*عندي وطني بقضيلي حاجة*
*كيف اسيبه واروح لي خواجه*
*يغني وطنه ويحيجني حاجة*
*لي عدوك ياوطني العزيز *