المبادرة المصرية.. من سيلبي دعوة القاهرة؟
تقرير: الانتباهة : محمد جمال قندول
ما بين من يرى أنها خلطت اوراق المشهد السياسي وآخرون ينظرون اليها باعتبارها منفذاً للحل السوداني الخالص، فيما تذهب بعض الاصوات الى انها جاءت في سياق إعاقة الاتفاق الاطاري، يتفق الجميع على انها استطاعت تحريك الراكد السياسي وخلقت طريقاً ثالثاً تتساوى فيه فرص النجاح والفشل.
وثمة غبار كثيف أثارته التحركات المصرية التي تأتي في سياق المساعي الجارية لانهاء الازمة السياسية التي تمخضت عن اجراءات الخامس والعشرين من اكتوبر في ما عرفت بقرارات البرهان حول امكانية ان تحدث القاهرة اختراقاً لانسياب الاستقرار السياسي بالبلاد، وتتوجه الانظار صوب مصر خلال الاسبوع المقبل وهي تحتضن ورشة للحوار السوداني ــ السوداني بمشاركة قوى سياسية ومكونات اجتماعية.
مشروع سياسي
وبحسب القيادي بالكتلة الديمقراطية مبارك اردول فإن دعوات القاهرة لاجراء حوار سوداني ــ سوداني بامكانها ان تصل لحل وانهاء حالة انسداد الافق السياسي، واضاف اردول الذي كان يتحدث بمنبر (دعوة القاهرة.. آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع) امس (الاثنين)، أضاف ان الراهن السياسي بشكله الحالي لن يحقق مكاسب لاحد.
مبارك انتقد مسلك الحرية والتغيير المجلس المركزي، وقال ان ما قاموا به من ورش هي لاخفاء الحقائق عن الشعب السوداني، واثنى كذلك على العلاقات المتجذرة بين الخرطوم والقاهرة.
وتابع أردول قائلاً: (هنالك مشروع سياسي تعددي لجلب الديمقراطية وهو المشروع الاقصائي)، ودعا مبارك الى عدم تخوف الناس من المبادرة المصرية خاصة مع المصالح المشتركة بين البلدين.
بناء الثقة
وكانت القاهرة قد اعلنت عن مقترح لحوار سوداني ــ سوداني قبيل نحو اسبوعين بعد زيارة خاطفة لمدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل للخرطوم، وأثارت خطوات الادارة المصرية تباينات ما بين رافضين ومؤيدين على غرار نسق الاتفاق الاطاري الذي بدوره يعاني من معترك الاستقطاب الحاد، وان كانت تحركات القاهرة قد وجدت ترحيباً من كل التيارات والكتل الرافضة للعملية السياسية الحالية، باعتبار ان مصر تبحث عن حوار سوداني ــ سوداني خالٍ من وصاية، ومن المرتقب ان تحتضن مصر ورشة لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين خلال مطلع الشهر المقبل، وسط توقعات بأن تحظى بمشاركة فاعلة من قوى سياسية ومكونات مدنية أخرى.
ورحبت عدد من القوى السياسية بالمبادرة المصرية منها الكتلة الديمقراطية بكل منسوبيها، فيما أثنى رئيس الحزب الوطني الاتحادي السوداني يوسف محمد زين على دعوات القاهرة لحوار سوداني ــ سوداني، واعتبرها مهمة لبناء الثقة بين السودانيين.
يوسف اعتبر ان الاطاري خطوة على الطريق الصحيح، غير انه عاد وقال انه منقوص، داعياً لاشراك الجميع لتحقيق مطالب الثورة والعدالة، وطالب زين بضرورة استمرار الحوار بين القوى السياسية وتقديم تنازلات لبناء الثقة. وجاء ذلك خلال حديثه لـ (القاهرة الاخبارية).
المحلل السياسي خالد محمد احمد ذهب الى ان دعوة القاهرة قد تنجح حال صدقت نوايا القاهرة بأن يكون الحوار سودانياً خالصاً بدون اية اجندة خارجية، واضاف في حديثه لـ (الانتباهة) قائلاً: (خاصة ان بعض المصريين ينظرون للخرطوم كحديقة خلفية لهم).
واشار محدثي الى ان المقترح المصري اتسم بالذكاء مقارنةً بالاتفاق الاطاري الذي كانت اطرافه محددة سلفاً رغم تأخره، على عكس تحركات القاهرة التي وجهت الدعوة لجميع الفرقاء بلا استثناء، وأمنت على جزئية مهمة بانها مجرد مسهل لحوار سوداني ــ سوداني، واردف خالد قائلاً: (نأمل ان يصدق المصريون خاصة ان اطراف الثلاثية من قبل قالوا انهم مجرد مسهلين ولكن الواقع كذب ذلك).
تهيئة المناخ للمكونات السياسية
القنصل المصري بالخرطوم تامر منير علق في تصريحات للزميلة (اخبار اليوم) أمس على تفاصيل الورشة المصرية، وقال انها تأتي في سياق حوار سوداني ــ سوداني الهدف منه تهيئة المناخ الملائم للمكونات السياسية السودانية، لتقريب وجهات النظر فيما بينهم بعيداً عن أية ضغوط.
منير اعتبر أن ذلك يدخل في سياق إنجاح العملية السياسية الجارية في السودان وتحقيق أكبر قدر من التوافق الوطني المنشود، بما يسهم في توفير الاستقرار المناسب للحكومة الانتقالية المقبلة في السودان، واستشهد القنصل المصري بترحيب دولته سابقاً بالاتفاق الاطاري والعملية السياسية الجارية في السودان، وذلك بما يحقق آمال وتطلعات الشعب السوداني، مشيراً الى ان القاهرة تسعى للبناء عليه وتطويره ليكون اكثر فاعلية عن طريق توسيع المشاركة.
وفي مطلع ديسمبر الماضي وقع المكون العسكري والمجلس المركزي واحزاب اخرى على اتفاق اطاري قوبل بمعارضة كبيرة، فيما شهد يناير الجاري انطلاق المرحلة النهائية منه التي تزامنت مع المقترح المصري في مشهد أربك المتابع للشأن السوداني.
خبراء سياسيون اعتبروا ان ما قدمته الادارة المصرية ليس محاولات لقطع الطريق أمام الاطاري بقدر ما هو مسعى لتعديله او توسيع قاعدة المشاركة، بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الحالية التي يأمل خلالها السودانيون إنهاء حالة الاحتقان السياسي واستئناف عجلة الفترة الانتقالية المتوقفة لعام ويزيد.