“في قراءة تحليلية” ..حميدتي.. خطاب السلام والدمج والفلول
تقرير: الصحافة.نت هبة محمود
بينما كانت الانظار ترنو نحو جوبا عاصمة دولة جنوب السودان لمتابعة مراسم التوقيع على المصفوفة المحدثة لاتفاق السلام امس؛ كانت بالمقابل تساؤلات ملحاحة تطرق بشدة حول ماهية ما تحمله تفاصيل المؤتمر الصحفي المعلن لنائب رئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الذي تزامن في توقيته مع احتفالية التوقيع.
وفيما كانت جل التوقعات تمضي في إطار رده على تصريحات البرهان الاخيرة التي رهن فيها المضي في الاتفاق الإطاري بدمج الدعم السريع؛ خرج دقلو على غير ما هو متوقع مختارا اسلوبا هادئا مبتعدا عن المخاشنة السياسية والعسكرية مؤكدا حرصه المضي في العملية السياسية والاتفاق الاطاري.
وجدد في الوقت نفسه خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم بمقر الدعم السريع حرصه الدائم للاتفاق الإطاري قائلا” اكدت مراراً وتكرارا أن الاتفاق السياسي الإطاري هو مخرج بلادنا من الأزمة الراهنة؛ وأنه هو الأساس الوحيد للحل السياسي المنصف والعادل
وتابع” انني اعتقد بأن هذه العملية السياسية قد تطاول زمنها وأن الوقت قد حان لانهاءها والوصول لحل سياسي نهائي بصورة عاجلة تتشكل بناءاً عليه سلطة مدنية انتقالية تقود البلاد ونعود نحن في المؤسسة العسكرية إلى ثكناتنا لنتفرغ لاداء مهام حماية حدود البلاد وأمنها وسيادتها وهذه مهام جليلة نتمنى أن نوفق في اداءها.
لا تراجع عن العملية السياسية والعسكر للثكنات
وفيما تباينت ردود الافعال حول تصريحات حميدتي بشأن حرصه على مضي العملية السياسية والاتفاق الاطاري وذهاب العسكريين للثكنات؛ الا انها وجدت بالمقابل تأييد واسع من قبل كثيرين لجهة ان مصلحة البلاد تتطلب اعلاء الروح الوطنية لأنهاء الازمة وليس العودة إلى المربع الأول.
ويعتقد متابعين ان نائب رئيس مجلس السيادة قد رمى من خلال تجديده لموقفه الداعم للعودة المسار المدني الديموقراطي بالرسالة الأولى في بريد القوى السياسية والقوات المسلحة والدول الراعية للاتفاق الإطاري بان لا تراجع عن عودة المسار المدني الانتقالي وان لابد من الالتزام بالعهود التي قطعوها على أنفسهم كعسكريين بالعودة إلى ثكناتهم لان حدود البلاد وأمنها وسيادتها هم أكبر من التشاكس وتركها للمتربصين.
لن نخون العهد
َفي ثاني جزئيات تصريحات النائب اليوم تحدث وبشكل صريح عن علاقتهم مع القوات المسلحة مؤكدا على الدعم السريع جزء منها وانها راسخة وأنهم لن يخونوا العهد معها واتهم في السياق عناصر النظام السابق والفلول بمحاولة احداث وقيعة بينهم والمؤسسة العسكرية.
وأوضح ان الدعم السريع نشأ كمساند ومساعد للقوات المسلحة التي ينص قانونه على ذلك قائلا”جمعتنا مع القوات المسلحة خنادق القتال حماية للوطن وأمنه ولنا معها عهود لن نخونها ابداً.
وتابع :اننا في قوات الدعم السريع ملتزمين بما ورد في الاتفاق الإطاري بخصوص مبدأ الجيش الواحد وفق جداول زمنية يتفق عليها كما اننا ملتزمين بصدق بالانخراط في عمليات الاصلاح الامني والعسكري بصورة تطور المؤسسة العسكرية وتحدثها وتزيد من كفاءتها وتخرجها من السياسة والاقتصاد كلياً وتمكنها من التصدي الفعال لكل ما يهدد أمن البلاد وسلامها.
واضاف: إن القوات المسلحة السودانية مؤسسة ذات تاريخ عريق وهي لن تكون مطية لحزب أو جهة بل كانت وستظل ملكاً لهذا الشعب بكل أطيافه ومصدر فخره واحترامه ونحن منها ولن ندخر جهداً في الدفاع عنها ضد كل من يسيء اليها أو يقلل منها، وقد وضع الاتفاق الاطاري أساساً متيناً للمباديء الرئيسية التي تعيد للمؤسسة العسكرية ما فقدته بسبب سياسات النظام البائد، لذا سنمضي فيه بصدق وجدية حتى تتحقق أهدافه كاملة غير منقوصة فهذا الاتفاق حزمة واحدة يجب أن تنفذ كلها دون تجزئة.
إسكات صوت البندقية
ورأى مراقبين ان تصريحات دقلو المهادنة قطعت الطريق أمام المتربصين بعلاقته مع القوات المسلحة وأمام قادة الجيش أنفسهم بان وضع رسالة في بريدهم تؤكد التزامه بكافة الاتفاقات المبرمة بشأن دمج قواته.
وفيما ظلت مسألة دمج الدعم السريع داخل المؤسسة العسكرية مثار جدل الكثيرين في وقت تعتبر فيه اهم مطالب ثورة ديسمبر المجيدة؛ ارتبطت هذه المسألة في الوقت نفسه بتنفيذ اتفاق سلام جوبا
ويرى حمدان ان لا مستقبل لهذه البلاد بدون اسكات جميع أصوات البنادق وادارة تبايناتنا بالحكمة والموعظة الحسنة؛ مؤكدا على تجديدهم العزم أن يكون الاتفاق السياسي النهائي مدخلاً لاحياء تنفيذ اتفاق السلام ولاكماله مع الحركات الموقعة وتنفيذ جميع بنوده سيما المتعلقة بعودة النازحين واللاجئين إلى ديارهم وتوفير الحماية اللازمة لهم.
المؤتمر الوطني.. كف الاذى
ولم تكن الازمة الاقتصادية بمعزل عن تصريحات حميدتي اليوم مؤكدا ان حلها مرتبط بشكل اساسي بالاستقرار السياسي والاتيان بحكومة مدنية وناشد الأسرة الدولية والاقليمية على الاستعداد لتقديم السند اللازم للحكومة القادمة داعيا لها حين تشكيلها الاهتمام بالقطاعات الانتاجية واستثمار خيرات البلاد الزراعية والحيوانية والطبيعية وتوجيهها نحو المواطن في كل ارجاء السودان بعدالة وانصاف والاهتمام بالتعليم والصحة كأهم عوامل النهضة الشاملة.
وأشاد خبراء سياسيون بهم حميدتي الوطني ودعوته للجميع للتوافق واعلاء الشان الوطني والتأكيد عن ضرورة المضي في العملية السياسية لاحداث استقرار سياسي يتنزل على أرض الواقع؛ قبل يضع رسالته الاخيرة في بريد عناصر النظام البائد محذرا اياهم بكف أيديهم عن الفتنة في المؤسسة العسكرية واوساط المجتمع السوداني وترك الشعب ينعم بفترة انتقال سياسي مستقر يختار في نهايتها من يحكمه دون تزوير وتزييف.
وانتقد متابعون تلك التصريحات بشأن فلول النظام السابق واتهامهم باثارة الفتن ونشر الفساد وتولي زمام حكم البلاد لسنوات دون وجه حق لاعتبارات كثيرة في أولها عدم حاجة النائب لخلق عداءات في هذا التوقيت.