(على كل) .. محمد عبدالقادر يكتب: *حميدتي.. بعيدا ( التريقة والتشفي والسخرية)
تحويل كل حدث مهما عظم امره الى منصة (للتريقة والتشفي والسخرية) اسوأ ما يحدث فى السودان اليوم، ابتعاد عن الموضوعية وامعان فى التعامل مع التطورات ب(التندر والتنمر وعدم الجدية)، لذا فانني ساذهب الى خلاف طريقة تعاطي المنصات والناشطين وبعض اصحاب الاقلام المعروفة مع خطاب الفريق اول محمد حمدان دقلو الذى وجهه للشعب السوداني امس الاول ..
ربما لدى كثير من التحفظات على طريقة حميدتي فى ادارة الشان العام، وابرزها ما الحظه من التخبط البائن فى خطابه السياسي وانتقالاته المفاجئة بين هنا وهناك ولكن هذا لن يمنعني من التركيز على اهمية خطابه الذى طرق بوضوح على قضىة جوهرية ترتبط بمستقبل الامن والاستقرار بالبلاد وهي تاكيده فى هذا التوقيت الخطير على اهمية دمج قوات الدعم السريع فى الجيش، لطالما ظل هذا الامر محل نزاع وحوار وتداول يؤرق مضاجع المشفقين من ابناء هذا البلد فى ظل التشاكس والتجاذب والخلاف الذى لم يكن خافيا على احد.
ان تكون هذه الغاية و(اعني الدمج) طريقا لتنفيذ الاتفاق الاطاري او غيره فهذا الامر ليس مهما قياسا بالمقارنة مع خطورة مراكز القوى وتعدد الجيوش فى وطن اصبح كل مافيه قابلا للكسر.
بدا حميدتي موضوعيا وواقعيا ومعتدلا وهو يمضي باتجاه الدمج ويؤكد على اهمية تبعية قواته للجيش، لا اعتقد ان المقام يصلح اساسا للمقارنة بين قوة الطرفين، لان هذه المعركة ينبغي ان تحسم بالحوار لا بتحديد الاوزان المعلومة سلفا ، فالجيش اولا واخيرا حقيقة مضى فى تعزيزها الرجل وهو يتعهد بان لا يكون امن السودان مهددا باية وقيعة او فتنة بين الجيش وقوات الدعم السريع، لايصح فى هذا المقام ان نتعامل مع الامر على انه رضوخ او استسلام لان المعارك الوطنية لا تحسم بتبادل اللكمات وكسب النقاط وحسابات الارباح والخسائر فى صراع الحلبة الهوجاء، وانما تحل بروح ابناء البلد الوثابة الى كل ما من شانه حفظ الامن والاستقرار فالكل سيذهب وسيبقي السودان عزيزا وحرا وامنا كما يريد ابناءه..
احدى الملاحظات المهمة على اداء حميدتي السياسي انه بات بارعا فى صناعة الاعداء، فقد خسر الرجل الاسلاميين باكرا ولم يكسب بالضرورة قوى التغيير رغم ما بذله من جهود عديدة فى هذا الاتجاه لذا فقد كان مفهوما ان يتقدم باعتذاره ويبدي ندمه على دعم اجراءات الخامس والعشرين من اكتوبر، وايا كان الموقف من حميدتي فان الاعتذار هي كلمة السر التى تنقص المشهد السياسي، وان يستدرك اي قيادي فى الملعب ويعيد البصر كرتين فى خطوة تبناها فى الماضي فهذا امر جيد، الرائج والمعهود فى ساستنا انهم لا يراجعون ولا يتراجعون ولايعتذرون ، كما ان موقف حميدتي فى هذا الجانب يظل رايا سياسيا تجاه ماقام به الفريق اول عبدالفتاح البر هان، وهي خطوة مازالت محل جدل فى الساحة السياسية ، ولن ينقص من قيمة خطاب حميدتي ان ابدى ندما او مارس الاعتذار عن فعل او موقف اقدم عليه اثناء تعاطيه مع الشان الوطني فى مرحلة ما .
دعونا نقبل ما اعلنه الرجل عن اعتزامه دمج قواته داخل الجيش وهي الخطوة المهمة التى ينبغي ان تجد الاسناد والدعم فى ظل ما يهدد البلاد من مخاطر كادت ان تؤدي الى انفجار امني عبر ما اشار اليه من مساع لاحداث الفتنة بين الجيش والدعم السريع.
يحمد للخطاب فى هذا التوقيت نايه عن مخاشنة قيادة الجيش فى الخطاب ممثلة فى تصريحات الفريق اول عبدالفتاح البرهان والفريق اول شمس الدين كباشي خلال خطاباتهما الاخيرة وتعد هذه الملاحظة محمدة وايجابية عالية الاهمية ينبغي ان نقيس عليها نوايا الرجل ورؤيته لما ينبغي ان تكون عليه العلاقة بين الجيش والدعم السريع ..
خطاب حميدتي ارسى معالم واضحة فى طريقة تفكير الرجل حيال خياراته المستقبلية خاصة فى العلاقة مع الجيش، ان كانت هنالك ثمة نصيحة لقائد الدعم السريع فهي تذكيره بان يقلل من مساحات العداء بينه والاخرين وان يطرح خطابا يستوعب الجميع ويتناسب مع وضعيته باعتباره الرجل الثاني فى الدولة، فقد ابعد حميدتي النجعة عن مكونات اساسية انتجتها رعايته المباشرة لمشروع السلام وقد تابعت غيابه عن المراسم الختامية لورشة سلام جوبا، كمل انه يحتاج الى مراجعة تخندقه مع معسكر سياسي واحد ودابه على اعلان مواقف حادة تجاه مكونات سياسية تكسبه فى كل يوم المزيد من الاعداء.