لواء شرطة م عثمان صديق البدوي يكتب (قيد في دفتر الأحوال) .. الفريق عبد الرحيم.. يالك من قائدٍ حكيم !
في العام الماضي، وخواتيم شهر رمضان المعظّم ، أقامت قوات الدعم السريع إفطاراً سنوياً ، خاطبه رئيس مجلس السيادة الإنتقالي ونائبه ، أكد فيه الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان على قدرة دمج القوات وتوحيدها في الوقت المناسب، وأنّ وحدة هذه القوات إنما هي عنوان لوحدة وتماسك البلاد .
ثم تحدّث نائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو ، وقائد قوات الدعم السريع ، في ذات النهج ، وببساطته المعهودة ، قال (نحن دايرين جيش وطني واحد ، جيش بعقيدة واحدة ، هي عقيدة القوات المسلحة، وما عندنا أي مشكلة ، لكن الحكاية دي دايرة ترتيب). وهو مُحِقٌّ في ذلك ، وقوات بهذا العدد الكبير ، والآلة الحربية الضخمة ، تحتاج لترتيبات عسكرية وأمنية من خلال إجتماعات مغلقة وسرية .
لم يكن الدعم السريع وقوات الحركات هي أوّل قوات يُفرِضُها المشهد السوداني ، فقد أفرزت حرب الجنوب قوات أنانيا “1”.. وأنانيا “2” وأغدقت عليها الحكومات المتعاقبة بالرتب الرفيعة والتدريب والتأهيل بشروط الإتفاقيات، تنازلاً من أجل المصلحة العليا للبلاد ، طالما أنها تجلب الأمن والإستقرار وتُوقِف نزيف الدم .
وقوات الدعم السريع واحدة من تلك الحالات ، فقد تأسّست في العام 2013 كقوة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات الوطني ، وفي العام 2017 أجاز قانونها البرلمان ، فأيّاً كانت شرعيته ، جعل تبعية هذه القوات للجيش السوداني ، ومهما اختلفت الآراء حولها ، فقد أصبحت هذه القوات واقعاً مُعاشاً، أثبتت كفاءتها في أحلك الظروف في أيام ثورة ديسمبر الأولى ، ومازالت ، بتأمين كل المواقع الإستراتيجية ، وخلق موازنة إستراتيجية كبيرة ، من مهددات أمنية كانت ستستغل ذلك الجو العكر ، بدخول قوات من خارج العاصمة كادت أن تقتحم ، وحدوث إنقلاب عسكري كاد أن يغتنم ! ، فكانت قوات الدعم السريع في يقظة تامة على مدار الأربع وعشرين ساعة، رغم تأليب “أعداء الأمس” ، “أصدقاء اليوم” من بعض السياسيين وشيطنتهم عليها ، بوصفها بأسوأ الأوصاف ، مازالت آثارها باقية على جدران حيطان شوارع العاصمة والولايات ! .
في الوقت الذي أسرع فيه بعض أعضاء المجلس السيادي من القادة العسكريين لبعض الولايات ، “يطالبون” بدمج الدعم السريع ، يخاطبون البسطاء في مناسبات الزواج الجماعي، والمواطنين في الأسواق ! ، وفي الوقت الذي يحبس جميع الشعب السوداني أنفاسه من مواجهة وشيكة ستقع بين الجيش والدعم السريع ! ،في هذا الجو الكاتم الغاتم ، يخرج قائد ثاني قوات الدعم السريع الفريق عبد الرحيم حمدان دقلو أمس ، لرئاسة قوات الدعم السريع بالخرطوم ، وبكل هدوء وصرامة وحكمة واقتدار ، يخاطب القوات بالتحلي بالصبر ، وعدم الإستجابة لأي استفذاذات تُدمّر البلاد ، والحفاظ على أمن الوطن والمواطن ، والوقوف مع رغبة الشعب. وأهم ماقاله أنّهم مع مبدأ الجيش الواحد ، وقال “الذين يريدون الفتنة بين الجيش والدعم السريع ، نؤكد لهم أنّه لن يحدث أي اشتباك بين الجيش والدعم السريع” .
الفريق عبد الرحيم حمدان دقلو ، لم ينل أي مؤهلات، عسكرية ، ولا دورات داخلية ، ولا خارجية ولا دورات القادة ، ولا درس في الإكاديميات العسكرية ! ، وما فائدة المؤهلات والشهادات العسكرية إن لم تعلِّم القائد أن يضبط نفسه عند الشدائد ، ويضبط قواته من الإنزلاق في الفتن والمكايد؟!.
ورغم كل ذلك، وتجربته البسيطة في الحياة العسكرية، فقد أخرج الرجل أمس الشعب السوداني من عنق الزجاجة ، ومن قنبلة موقوتة كادت أن تنفجر ، وتحرق الجيش والدعم السريع والوطن ، ليأتي العملاء بالمستعمرين الجُدُد، ويتحقق لهم ما أرادوا، ويحكمون السودان على الحطام والعظام، مثل دول عربية، مازال جرحها ينزف! ، ومابقى من حرائرها تنتحب وتبكي ! ، ومنذ أن حط على أراضيها أولئك اللئام ، لم تذق طعماً للنوم والأمن والسلام !.
التحية لك أيها القائد الهمام الفريق عبد الرحيم حمدان دقلو، فالقائد تصنعه المواقف ، لا البطولات المزيّفة.
دمتَ وطبتَ
وعاش السودان آمناً مطمئناً يحميه جيشٌ واحد ، خلفه شعبٌ واحد.
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
27فبراير 2023