الجميل الفاضل يكتب: نبوءاتان قتالتان
نبوءاتان هما أقرب للخرافة، يبدو أن تأثيرهما علي واقع ومستقبل الحياة في السودان، سيكون كبيرا، ووخيما.
نُبوءةٌ بدا وكأنها لا زالت تُعشَّعِشُ، تُبِيضُ وتُفرِخُ، في ذهن الجنرال برهان، الذي راهن بما يملك، وما لا يملك، علي تحقيقها كما هي، أو أن يهلك دونها.
إذ إنها نبوءةُ أبٍ، كسائر الآباءِ لإبنٍ من أبنائه، لا تعدو في الحقيقة أن تكون مجرد أُمنية، بيد أنها أُمنيةٌ بات تحصيلها اليوم فادح الثمن لأبعدِ الحدود، بما ترتب علي الإبرارِ بها من تبعاتٍ كارثية، أورثت شعبا كاملا وبالاً وخبالاً، بل وأرهقته من أمرهِ عسرا عسيرا.
يقول البرهان حرفيا في مقابلة صحفية سابقة: “والدنا أحسبه رجلا صالحا، قد ذكر بالنص أنني سأكون ممن يحكمون السودان، ولعل من المصادفات السعيدة هي أنني من مواليد 4 يوليو 1960م وهو ذات يوم توقيع اتفاقنا مع الحرية والتغيير الذي أنقذ السودان في أمسية 4 يوليو 2019م، وهذه مصادفة طيبة”.
إذ لا يخفي من خلال إجابة البرهان هذه، الي أي مدي هو علي ثقة في نبوءة أبيه الرجل الصالح بحكم السودان، بل واعتقادا في نفسه ذاتها، برز من خلال ايراده شاهد اقتران تاريخ ميلاده، بتاريخ توقيع الاتفاق السياسي، مع تحالف الحرية والتغيير آنذاك، الذي إعتبره بكل بساطة، من المصادفات السعيدة.
المهم فإن لشهوة الحكم مثيرات اسطورية، ومحفزات تبدو خرافية أحيانا، من بينها بالطبع الركون الي مثل هذه النبوءات والمصادفات، والتعويل عليها رغم الصعوبات والمخاطر.
وبدا لافتا ان ظاهرة تثمين مثل هذه النبوءات وتاثيرها من بعد علي سلوك هؤلاء الجنرالات، ليس قاصرا علي الجنرال البرهان فحسب.
بل ان قائدا اخر من قادة انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر، الا وهو الجنرال ياسر العطا.. قد كشف فيما يشبه التباهي عن نبوءة للزعيم العراقي الراحل صدام حسين ترشحه لحكم البلاد.. قال العطا: “دخلت مع الرئيس صدام في نقاش حول نظريات التخلل، وأشكال المناورة، والمناورة العمودية بطائرات الهيلوكوبتر، ورأس الجسر، وكذا، وكذا.. وفي النهاية قال لي صدام: انت في قوات شنو هناك؟ – يقول العطا – قلت ليهو انا في قوات الاستطلاع، فقال لي: ان قوات الاستطلاع ستحكم السودان في يوم من الأيام.
والي ان يقول العطا: جاء وفد وصدام يتكلم، فذكر لهم ان ياسر العطا لو ما عملتوا حسابكم، هو من سيكون خطرا ليس علي البلد، بل علي الحزب الحاكم”.
خلاصة القول: أن مثل هذه الخطرفات أو الخرافات، هي التي وضعت البلاد برمتها الان علي شفا التمزق والانهيار.
انظر كيف يفكر جنرال كبير علي مستوي العالم، هو الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة اركان الجيش الأمريكي، ” اقوي جيوش العالم” وهو يقول امام برلمان بلاده:
“أنا أؤمن إيمانا راسخا بالسيطرة المدنية على الجيش كمبدأ أساسي لهذه الجمهورية وأنا ملتزم بضمان بقاء الجيش بعيدًا عن السياسة الداخلية.
هذه البلاد لا تريد أن ترى جنرالات يختارون أي أوامر يريدون طاعتها”.