الجميل الفاضل يكتب: “الحَرباءُ” تَعودُ لِرجِّ عُلبةِ ألوانها مِنْ جَديد !! (٢-٢)
يبدو أن الإعلان رسميا أمس عن مولد حزب حركة المستقبل للاصلاح والتنمية، “الواجهة السياسية الجديدة للحركة الاسلامية”، يعني أن البرتكولات السرية التي تم الإتفاق عليها في اجتماع مجلس شوري الحركة في يونيو الماضي بضاحية العيلفون، قد دخلت بالفعل الي حيز التنفيذ.
حيث كان مجلس الشوري قد ناقش استراتيجية جديدة لنشاط الحركة، بعد أن اعتمد “علي أحمد كرتي” أميناً عاماً لها.
وبالتالي فإن الإنعقاد العلني لمؤتمر حزب الحركة الجديد بقاعة الصداقة الأربعاء، ربما يمثل الي الآن علي الأقل أعلي ذروة للنشاط الإخواني في السودان بعد سقوط نظام المخلوع البشير.
وكان مصدر مقرب للجماعة قال ل “سودان تربيون” في وقت سابق: “أنّ الأجهزة التنظيمية للحركة، بمستوياتها التنفيذية والتشريعية كافة، وبداية من 25 أكتوبر 2021 أضحى بمقدورها أن تلتئم متى، وكيفما، وأينما شاءت، وأنّ تلك الأجهزة عقدت بالفعل في أوقات متباينة اجتماعات مهمة ومضت قُدماً نحو إعادة بناء هياكلها ومكاتبها التنظيمية”.
وهو ذات النشاط الذي حذر منه حينها “ياسر عرمان” رئيس الحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي في منشور على صفحته بفيس بوك قائلا: “أنّ اجتماع العيلفون وضع اللمسات الأخيرة للخطة الشاملة لتخريب الثورة واستعادة الاستحواذ على الدولة، لا سيما بعد إحياء الأجهزة الخاصة كالأمن الشعبي وإعادة تنظيمها”.
لكن هيهات.. فالثورات آية من آيات الله، التي وعد أن يصرف عنها الذين يتكبرون.
فالمتكبرون كانوا ولا زالوا قوما عمين، سادرون في الغي، يبطرون الحق، ويغمطون الناس، تحاصرهم الأوهام من كل جانب، لتغلق بصائرهم، وتسد امامهم الآفاق.
تجدهم حيثما ثقفتهم أقل الناس فهما وتدبرا، يتهافتون كالفراش علي نيران يكاد ضرامها يقيد، فيرمون بايديهم الي تهلكة لا تبقي ولا تذر.
ولذا اتصور الآن أن أمراً كان مَفعولاً، باتَ يُقضي والي أجل قريب.
إذ هناك طرفان يتهيآن هنا، لنزال لا محالة هو واقع.
طرفان يري كل طرف منهما غريمه الآخر في عينه قليلا.
وبالطبع فإن معادلة التقليل المتبادل لطرفين متقابلين كُلٌ بالآخر، ما هي في الحقيقة سوي مقدمة لقضاء أمرٍ كان مفعولا في الأزل.
إذ مازال اسلاميو السودان يتصورون أن بإمكانهم العودة الي حكم البلاد، من خلال اثارة الفتن، ونسج المؤامرات بغرض اشاعة الفوضي، للحيلولة دون اكتمال العملية السياسية التي ينتظر ان تفضي الي حكم مدني كامل، بعد عودة الجيش الي الثكنات.
وبطبيعة الحال فما من أناس عتوا في الأرض، وأسرفوا في الطغيان والفساد، إلّا وهم مُستَدرَجون إلى حتوفهم دون أن يعلموا بالضرورة.
دون أن يعلموا ان الله قد مكر بهم، في عين ما يظنون أنهم هم الماكرون الحاذقون، الذين يتوهمون انهم إنما يستدرجون بحيل شتي، سواهم من الناس الي ما يصبون.
لكن يبقي أن الله هو خير الماكرين، إذ أن مكر الله في الحقيقة ما هو إلا لإظهار الحق علي الباطل، ومكر هؤلاء ما نشأ الا لإلباس الباطل اثواب الحق.
وبالطبع فأن مكر الله هو الخير في إطلاقه، بمثلما أن إمهاله لأمثال هؤلاء الحالمين المدلسين، الذين أسرفوا علي أنفسهم بالإستغراق في خداعها بمطاردة السراب، ما هو كذلك سوي محض عدل في النهاية.