(بُعْدٌ .. و .. مسَافَة) .. مصطفى ابوالعزائم .. صراعات دارفور والمناطق الأخرى .. الطريق إلى الحل ..
ما يحدث الآن في بعض ولايات دارفور من أعمال عنف ، أو إعتداءات ، أو هجمات على بعض المناطق ، أو تفلتات فردية ، يتطلب تدخلاً عاجلاً من المركز ، ذلك حتى لا يشعل الشرر المتطاير من هنا وهناك ، نيران الحرب بين المكونات السكانية ، والبغضاء في النفوس .
نتيجة ما حدث كان لجوءاً إلى دول الجوار ، تحديداً إلى دولة تشاد ، ونزوحاً إلى مناطق يحسب النازحون أنها آمنة ، لكن الخوف من المجهول ، وسهام الموت تتربص بكثير ممن نزحوا وتركوا ديارهم من خلفهم ، وقد هجروا الأرض وتركوها تنتظر من يفلحها ، ونفقت ثرواتهم الحيوانية لعدم الرعاية ، وتقلص مساحات الرعي الآمن ، بينما المركز في غفلة ينشغل الساسة فيه بالصراع على السلطة ، ونيران الحرب هناك لابد أن تمتد إلى مناطق أخرى ، طالما كان السلاح في الأيدي دون ضابط أو كابح ، رغم حملات جمع السلاح التي بدأت منذ وقت بعيد في فترة حكم النظام السابق ، ولكن الحدود المفتوحة والصراعات في دول الجوار أضعف حملات جمع السلاح ، فإن تم ضبط أي سلاح اليوم سيدخل غيره في الغد .
القضية العاجلة الآن هي معالجة قضية اللاجئين خاصة في دولة تشاد ، ثم معالجة قضايا النازحين ، وما أسوأ أن ينزح الإنسان من موطنه مضطراً ، تاركاً تاريخه ومجتمعه وبيئته لينتقل إلى المجهول ، وهذا يتطلب حكمة وحسن تقدير للمواقف الإضطرارية التي أجبرت هؤلاء النازحين أو أوليك اللاجئين إلى الفرار من الموت إلى الشقاء .
لدينا الآن مفوضية للسلام ، وهناك وزارات مختصة ، وقوات لحفظ السلام ، لكن كل هذه القوى والعناصر نراها متعطلة وهو ما يزيد المشكلة تعقيداً ، بينما أهل المصلحة ينتظرون التدخل الحميد من قبل الحكومة المركزية أو من حكومات ولاياتهم .
سعي الدولة للمصالحات وحدها غير كاف ، لأن الإستقرار يرتبط بإستتباب الأمن ، ويرتبط بتوفر الحد الأدنى من الخدمات ، ونحن قد شهدنا أكثر من صلح قبلي جاء نتيجة للتدخلات الأهلية أو الرسمية أو عن طريق الجودية ، وهو مطلوب بلاشك ، لكن المواطن يريد تعزيزاً حقيقياً للمصالحات من خلال فرض هيبة الدولة ، وتفعيل دور الإدارات الأهلية ، ومحاربة خطاب الكراهية الذي وجد بيئة مهيأة فباض وأفرخ فيها .
قبل الآن غادر نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي إلى غرب دارفور وبقي هناك لما يزيد عن الشهرين ، وأطلق من هناك شعارخ”دارفور تتعافى من الجنينة ” وهو ما وجد تجاوباً من المجمعات السكانية والإدارات الأهلية ، وقد أثمرت تلك التحركات بين أهل المصلحة الحقيقيين نوعاً من الإستقرار .
ولا ننسى تحركات الفريق أول ركن شمس الدين كباشي في ولاية جنوب دارفور وبعض مناطق جبال النوبة ، فقد أعقبها إستقرار لم يعكر صفوه إلا الجرائم العادية التي لم ترق إلى درجة تهديد الأمن المجتمعي .
المطلوب الآن وعلى وجه السرعة أن يتحرك المركز نحو المناطق الملتهبة لمعالجة الأوضاع قبل الإنفجار ، فالنار التي تمسك بطرف تمتد بلاشك إلى بقية الأطراف ، لذلك نطالب بشدة أن يتم تأجيل كل شيئ حتى يكون هناك وقت لإطفاء حرائق مؤكدة بدأت شرارتها في الشرق ، وفي الشمال ، وهناك من يعمل على أن تشمل المركز نفسه ، الأمر مثلما ذكرنا في البداية يتطلب العقل والحكمة .
Email : sagraljidyan@gmail.com