نعم (يا حليل ربوع شندي.. بلد الجمال عندي) .. خاصة فى شهر رمضان، اشتقنا لمرابعها النقية التى اوتنا فى ميعة الصبا وريعان الشباب، طقوس الكرم المبذولة فى الشوارع للغاشي والماشي، نداءات الماذن وصوت ( عمنا عبدالرحيم) فى تراويح الجامع الكبير، سماحة المدينة وشوارعها الوسيمة الضاجة بالحنين والذكريات، كنا فى (مربع سبعة ) الحي المحاذي للسكة حديد ومدخل القطار الى احشاء المدينة على نواحى (مربع واحد) ، عادي جدا (ناس الحلة) بيفطروا قطر كامل يشهد الله). مازلت احن للبيوت المفتوحة وصجيج الاقران وونسة الاصحاب وحركة الملاعب الموارة بالحياة، (طائرة وقدم،) حيث تشتعل الميادين فى المساءات الحبيبة .. ارهقتني الذكريات وانا اتجول فى نواصي العشق الوافر لهذه المدينة التى احب، حيث كل البيوت ( منزلك ومطرحك) ، مفتوحة اناء الليل واطراف النهار تحتوي مودتنا الكبيرة للناس والاماكن.. مازلت اذكر حراكنا الموزع فى رمضان بين مركز الشباب، والنادي الثقافي، والسوق حيث (فول مولانا) و(ابو الزيك)، وخلطة (عم جاد) الغريبة، واذا ما جن الليل و( روح) وتواترت نفحات الفجر التى ترش المدينة (بنسام البحر) ناوي الى ( فول ابونا) الساخن حتى الساعات الاولى من الصباحات الشنداوية المحملة بعبق الجناين الفواح. فى رمضان لم يكن يعرف النوم الينا طريقا ،وكاننا نحاول استثمار كل لحظة للتزود من جمال وحنين المدينة الحسناء، نتوزع تحت اعمدة الانارة حيث سهر الليالي فى النواصي الوفية (للمة) الاصحاب بحلتها المضيافة ومصابيحها الوضاءة مع (السمر والغناء والكشاتين) وانتظار لحظة السحور التى نخرج فيها لايقاظ اهلنا والاستمتاع بما تجود به البيوت من خيرات نتزود بها فى رحلة الطرق على النوبات و( ياصايم قوم اتسحر) ، حديث اليوم التالي يستحسن تسابق البيوت غير المعلن لاكرام وفادة المسحراتية فنمتدح صنيع امهاتنا حلومر ( الحاجة بتول) ، وابري ( فاطمة الشايقية) وكركدي ( ناس عوض الهيد) و(زلابية علوية بت الست)، و(مديدة الحاجة عكولة)، وبليلة ( فاطمة عبدالغني) ورقاق ( امي نفيسة) وليمون (حاجة النعمة)، و( رز خالتنا عزيزة) و(مائدة نجاة الزين حجو) و (خشاف جيلة)… ناكل ونشرب كل هذه الطيبات فلا تضج بطوننا ولا تثور قبل ان ناوى الى مسجد ( الست كلتوم) لاداء صلاة الفجر والعودة الى البيوت… شندي تتحول الى بقعة يحج اليها كل ابنائها فى رمضان، بعضهم يبرم موعدا مع رمال الحلة لاطفاء (برنجية) ما بعد الفطور فى اول يوم صيام من كل عام، يتواعدون كذلك فى تراويح الجامع الكبير، او مباريات دورة الطائرة الرمضانية فى مركز الشباب ونادي النيل على ايام نجومها الكبار (منقة وابوالدهب، ورمزي عامر وحسن عوض الهيد ومزمل ابوالقاسم وعبدالعظيم وحسام عامر وقلمو… ومولا..) ليالي رمضان فى شندي تضعك امام خيارات عديدة ولن تحتاج لتسال نفسك اين تسهر هذا المساء؟!، الغريب ان سعة المساءات تستوعب اشراقك فى كل الاماكن، ففي الحياة براح وفى الوقت بركة وفى النفوس سعة ، اشتاق لتلك الايام واحن اليها مثل خبز امي ، واتمنى ان تعود وانا فى كنف (ابوي عبدالقادر الناظر الشايقي المشلخ لا ورا) الذي احتوته عاصمة الجعليين واهلها الطيبين الميامين احبهم واحبوه حتى اتخذها مقرا ومقاما ..رحمة الله عليه وعلى كل من رحل وجاء ذكره فى هذه الخاطرة العجلى من ابائنا وامهاتنا ، وكل الحب لشندي.. واهلها الاماجد.. وصدق استاذنا عبدالمنعم محمد احمد حينما عبر بلسان ابناء شندي وكتب قصيدة صارت السلام الوطني لعشاق هذه المدينة.. شندي أكتر من شوارع.. شندي أكتر من بيوت.. شندي حالة عشق مزمن.. ونحن بنحب شندي موت
زر الذهاب إلى الأعلى