فضل الله رابح يكتب في (الراصد).. أدركوا (كورينا) حتي لا يتجمد عقله
إن البروفيسور عباس كورينا الأمين للتخطيط الإستراتيجي السابق واحدا من العلماء القلائل المتخصصين في بلادنا عن التخطيط الإستراتيجي والتحليل والمسح الإحصائي وأتذكر تماما إستعراضه لتقويم أداء الخطة الخمسية 2012 – 2016 بحضور رئيس الجمهورية المشير عمر البشير رئيس المجلس الأعلي للتخطيط الإستراتيجي وعدد من الوزراء وولاة الولايات وكبار المسؤولين بالدولة حيث كان كورينا صريحا وشجاعا ومقنعا عندما تطرق في المحور الإقتصادي للخطة ومع التنويه للنمو في الناتج المحلي الاجمالي الا أنه أشار بوضوح إلي إنخفاض النمو خلال العام 2012 من 1,9 الي 1,36% وذلك بسبب خروج البترول بعد إنفصال الجنوب في 2011 م .. إن المساحة لا تسع عرض أعمال كورينا والبحوث والدراسات التي أعدها وتلك التي أشرف عليها وهو من النجوم العلمية والإستراتيجية المضيئة التي تستنير بها المجتمعات كافة وبلادنا علي وجه أخص علي إختلاف تخصصاتهم ومجالاتهم فبمثل عباس كورينا تنهض الدول وتقوم الحضارات وعلي أفكارهم ورقابهم تقع مسؤولية إنتاج الحلول المبتكرة للمشكلات والتحديات .. إن البروفيسور عباس كورينا بكل سحره للآخرين ومهاراته في تقديم الندوات والمحاضرات وطرائقه المثلي للإرتقاء بالدولة السودانية أفرادا ومؤسسات ورجل بكل هذا الثراء العلمي والخيال الخصب المستخدم في تعليم الناس الإستخدامات المثلي للموارد بطرق عقلانية تضمن إستمراريتها والمحافظة عليها إلا أنه غاب وإنزوي عن المشهد دون أن يسأل عنه أحد من المسؤولين والمهتمين بالشأن الإستراتيجي أنني شخصيا بحثت عنه وحاولت الاتصال عليه في كل تلفوناته المحفوظة عندي بيد أنني لم أوفق لكن في المرة الأخيرة إستخدمت علاقات اخري فتمكنت من الوصول إليه فوجدته يعاني من داء السكري اللعين وقد بترت رجله وقد ظل طيلة الفترة الماضية يتردد علي الأطباء والمستشفيات بحثا عن علاج ومداوات جروحه الجسدية .. إن عباس كورينا الذي كرس حياته لمداوات جروح الوطن الإستراتيجية اليوم لم يجد من يداوي جروحه الجسدية ويسعي في ذلك بذات سعي كورينا الدؤوب لنفع اهل السودان والبشرية جمعاء ،إن كوربنا ظل يوظف كل ما أوتي من علم ومعرفة وحكمة ومكانة لخدمة أهل السودان دون تمييز حكومة وشعب وقطاعين عام وخاص فهو اليوم يحتاج الي الحكومة قبل الشعب والقطاعين الخاص والمتخصص قبل العام سيما المؤسسات الوطنية الإستراتيجية ( الجيش ـ الشرطة ـ الامن ـ والدعم السريع ـ بيوتات رأس المال والتجارة ) حيث لم ينقطع عنهم كورينا وقد عرفته قاعات التدريب والتأهيل والتدريس لكبار الضباط السودانيين ورجال الأعمال والإقتصاديين ومدراء البنوك والمؤسسات الإقتصادية الكبري وكذلك كان خيره ممدودا لغير السودانيين فاليوم عباس كورينا ينتظر فضلهم جميعا ولابد أن يمنحوه أولوية كما كانت من أولوياته التي يعتني بها ، تعزيز السلم والاستقرار. السياسي والإقتصادي والتعايش في السودان ، وكان كثير المشاركة في إطفاء نيران الصراعات القبلية وحرائق الحروب السياسية ومسبباتها، والتصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف والغلو ، كورينا كان يعمل علي تكريس قيم المواطنة الصالحة، وتعزيز جسور الوئام والانسجام بين شعوب الأرض، إن كورينا كانت من أولوياته أن تسود بين الجميع روح الاحترام المتبادل، وتُنزع فتائل التعصب والطائفية والتطرف والإرهاب، وهذه مسؤولية الكبرى، يتشارك فيها جميع المتخصصين في العلوم الشرعية والإنسانية والاجتماعية والتطبيقية، فيتكاتفون في تحقيق هذا الهدف المشترك، الذي ينبغي أن يكون على رأس أولويات كل عالِم .. وبلادنا علي وجه الخصوص وكوربنا. الخبير الإستراتيجي يمتلك قوة الإبهار وبه سمات بن البلد الأصيلو الغيور عليها ولذلك ما أحوجنا إليه اليوم والسودان بدأ يتآكل من أطرافه ووسطه والإرهاب وداعش يطرقان أبواب العاصمة .. إنني في حياتي لم أجد شخص يمتلك سحر الإنصات والإستماع الجيد لمحدثيه مثل البروفيسور عباس كورينا فهو رجل أكرمه الله بمهارة جمع المعلومات من خلال طرح الأسئلة والإنصات فهو دائما تجده شديد الحرص علي الاستماع الي ما يتوجب علي الآخرين قوله .. ومع كل ذلك عباس كورينا صوفي متبتل ومتجذر فيه سلوك وأدب الصوفية رجل مشاعره رقيقة ولديه قوة إنتباه قل أن تجده في غيره وإستطاع أن يصنع لنفسه صورة ذهنية مبهرة عند الآخرين .. هذا بمثابة نداء لكل من لديه القدرة في كسب الوقت وإلتقاط المبادرة وتفقد حالة البروفيسور ـ عباس كورينا .. أقول ذلك وأدرك أنه عفيف ونظيف لا يقبل مثل هذا لكنه واجب علينا وليس تفضل أن نقف معه فهو ظل يمدنا بالمعرفة وينير لنا الدرب حتي نسير علي هدي وكتاب منير ..