يوسف عبد المنان يكتب.. والتمادي في نقض العهود
من أعظم ماخطه سياسي سوداني تشريحا لازمات البلاد وامراضها المستعصية كتاب ( جنوب السودان التمادي في نقض العهود والمواثيق) لمؤلفه مولانا ابيل الير النائب الأسبق لرئيس الجمهورية وهو كرسي يجلس عليه حميدتي اليوم
لو لم يكتب مولانا ابيل الا ذلك السفر الرائع الموجع والحفر العميق في التربة السياسية لكفاه شرفا وهو يشخص علل وأمراض النخب التي تحكم المركز
بعض المثقفين يكتبون القيل ذو الأثر الباقي وآخرين يسوون الصفحات بغث الكلام وفساد الأفكار فيسقطون من زاكرة الناس وسياسي سوداني مثل محمد أحمد المحجوب كتب كتابا الديمقراطية في الميزان فظل الكتاب يتجدد مثل قصيدته الفردوس المفقود
مضى ابيل لير للجنوب الذي استراح من التمادي في نقض المواثيق وبقيت تلك الصفة المزمومة تلازم النخب الحاكمة في السودان عسكرها ومدنييها وبعض المدنيين هم عسكر بملابس مدنية وبعض العسكر مدنيين بقبعات جيش وشرطة ولكن جميعهم يتمادون في نقض غزلهم بيدهم ولايطرف لهم جفنا ولا غرابة أن وعدنا رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بعزمه وإصرار جماعته السياسية التي ازاحها البرهان من العلن لتحكم الان بالخفاء والسرية عبر شلل الإنس ورفاق الدرب الطويل على نقض العهود التي وقعتها الحكومة في جوبا عبر مايعرف باتفاقية السلام
السيد رئيس الوزراء حمدوك يسعى لإقصاء مكون الكفاح المسلح من السلطة مثلما اقصيه الحرية والتغير التي بات عصيا عليها توزير قادتها المعروفين ولكنها نجحت في إبرام أو نجح بعضها في إبرام صفقة يعين بموجبها حمدوك كوادر الحرية والتغير غير المصنفة باعتبارهم وزراء مستقلين ولكن شعور رئيس الوزراء السالب جدا نحو قادة حركتي العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جعله يزعم أن اتفاق العودة لكرسي الرئاسة قد تضمن تشكيل حكومة كفاءات مستقله ليس من بين أعضائها ممثلين لحركات الكفاح المسلح وبالتالي إزاحة جبريل إبراهيم من المالية وإبعاد مني اركو مناوي من منصب حاكم دارفور وتلك بمثابة عقوبة لهما جزاء مااقترفته ايديهما من دعم وإسناد للبرهان ووجود جبريل إبراهيم على وجه الدقة في وزارة المالية لايبعث الارتياح في أوساط عديدة من بينها دول خارجية تنظر للرجل بارشيفه القديم
كل ذلك رغم وجود نص صريح جدا في اتفاقية السلام يحدد مشاركة قوي الكفاح المسلح التي تختار بنفسها مرشحيها للوزارات وليس أمام رئيس الوزراء غير تعينهم
ماذا يحدث إذا نكص حمدوك عن بنود اتفاقية السلام وأصر على إبعاد قادة الحركات المسلحة؟؟
هل يتوقع قبول مناوي وجبريل بالابتعاد عن الساحة وترشيح مستقلين من قواعدهم لتولي المناصب؟ وبالتالي خرق اتفاقية السلام وعدم الالتزام بنودها وبالتالي العودة مرة أخرى الى عهد خرق العهود والتمادي في النكوص عن المواثيق والتلاعب بالنار ودفع الحركات المسلحة مرة أخرى لمواجهة خصومها في الخرطوم وليس في امبرو وكارنوي وخور مريسة
وحتى لاننظر بعين السخط فقط على المكون المدني فإن المكون العسكري أيضا مطالب باحترام وتقديس اتفاقية السلام والناي التام عن الاستجابة لمطالب بعض من أهل الشرق بإلغاء مسار الشرق المنصوص عليه في ذات الاتفاقية
لأن إلغاء اي نص أو بند من الاتفاقية يعني إلغاء الاتفاق وتعريض البلاد لخطر عودة الحرب الأهلية مرة أخرى وفي التاريخ عبرة لمن يعتبر فقد ألغى جعفر نميري اتفاقية أديس أبابا ومزقها بزعم انها اي الاتفاقية ليس كتابا مقدسا لا قرآن ولا إنجيل لذلك مزقتها بقرارات تقسيم الإقليم الجنوبي الشهيرة بالكوكرا لتعود الحرب مجددا حتى انفصل الجنوب
والان يسعى دحمدوك لإعادة مسخ التاريخ القديم المتجدد وتدفعه قوي الحرية والتغير للانتقام من شركاء اتفاق السلام دون النظر لما يترتب على هذا السلوك من مخاطر على وحدة بلد بالغة الهشاشة