ضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الاسلام بقلم : المهندس اسماعيل بابكر
تعد مواقع التواصل الاجتماعي من الوسائل الحديثة التي أصبحت جزءاً من الحاجيات الأساسية في حياة الأفراد ولمختلف الفئات العمرية، نظراً لما تتميز به هذه الوسائل من خصائص تتجلى بسهولة استخدامها وتوفرها في الأجهزة الحديثة وقلة تكلفتها وسرعة تداول المعلومات فيها وتنوعها من الكتابة إلى الصورة وحتى الفيديو، ومن مميزاتها أيضاً حفظها لخصوصية المستخدم لها، إلى حد ما ولانتشارها بين مختلف الأوساط مما جعل عدم استخدامها أمراً مستهجناً من الآخرين. لاستخدام هذه المواقع نظراً للحرية التي تعطيها هذه المواقع لمستخدمها والفضاء المفتوح أمامه، ولضعف دور رقابة الدولة وكذلك الأسرة مما يجعلنا نعول بشكل أساسي على الوازع الديني الذاتي للمستخدم فهو خير رقيب لمن يختلي بهاتفه الذي يعد نافذة واسعة لعالم مفتوح فيه معلومات عن كل شيء ومن باب المسؤولية الشرعية نبين لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أهم الضوابط الشرعية المتعلقة بهذا الاستخدام وهي: أولاً: استشعار مراقبة الله تعالى:في حالة الضعف التي يمر بها الإنسان وفي ظل غياب رقابة الأسرة أو رقابة السلطة القانونية، لا يعول على أمر كما يعول على الرقابة الإلهية على تصرفات الإنسان وسلوكياته وقد أكدت النصوص الشرعية على ذلك، يقول الله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} [الحديد: ٤، ٥]، ويحذر صلى الله عليه وسلم من استغلال غياب الرقابة في ارتكاب المحاذير الشرعية، فعَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَاماً مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضاً، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُوراً»، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ثانياً: إخلاص النية: عن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» لذا على كل مسلم يتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي أن تكون نيته قائمة على تسخيرها خدمة لدين الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتواصلاً مع من طلب الشرع التواصل معهم تحقيقاً لصلة الأرحام أو النصح لكل مسلم، وتحقيق المصالح الدنيوية التي لا تتعارض مع الشريعة وأما إن كانت ليطلع على النساء وفتنتهن والمحرمات الدنيوية وشهوتهن فيكون آثماً أصاب ذلك أم لم يصبه إن كان المانع لعارض خارج عنه. ثالثاً: الالتزام بمعيار التصفح لهذه المواقع هو الحلال والحرام وكل ما يؤدي إليهما، فمثلاً الحرص على تصفح المواقع التي تضم الفوائد الشرعية أو العلوم النافعة التي تخدمك في تخصصك العلمي أو عملك، يقابله تجنب الدخول إلى المواقع التي تنشر الرذيلة وتعرض الفواحش صوراً وأفلاماً أو التي تسيء للإسلام ورموزه أو تدعو إلى الإلحاد والكفر والضلالات وكذلك تجنب المواقع التي تعين على الوصول إلى مواد محرمة،
رابعاً: الالتزام بمنظومة القيم الإسلامية: من خلال الحرص على الالتزام بالآداب العامة والأخلاق الرفيعة، من الصدق والأمانة، والابتعاد عن الألفاظ البذيئة والسب واللعن والتشهير بالآخرين وتتبع عوراتهم وأسرارهم الخاصة وتجنب الغيبة والنميمة، وتجنب كل ما يثير المشاحنة والبغضاء بين الناس والجدال إلا بالتي هي أحسن، وإلا لزم السكوت، قال الله تعالى: {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْـحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَـحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: ٢١]، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ»
خامساً: احترام نعمة الوقت: إن الأصل في صناعة هذه الأجهزة وتصميم هذه المواقع أن تختزل الوقت والجهد، وتجعلك تصل إلى المعلومة التي تريد بأقل وقت، وأن تتواصل مع من تريد من غير تكلفة ولا تضييع وقت، ولكننا للأسف نجد أكثر الذين يتعاملون مع هذه الوسائل يصرفون أوقاتهم ويضيعون هذه النعمة بالانكباب عليها الساعات الطوال، بل حتى في اللقاءات العامة والخاصة نجد أكثرهم ينشغل بهذه الأجهزة عن جليسه الذي قد يشاركه في الانصراف إلى جهازه، سادساً: الحرص على أداء الطاعات: من خلال الملاحظة يتبين أن كثيراً من المولعين بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي وبرامجه على هواتفهم ينشغلون عن أداء العبادات من الصلاة في وقتها أو صلاة الجماعة أو قراءة القرآن والأوراد والأذكار