*مصطفى ابوالعزائم* يكتب في (*بُعْدٌ .. و .. مسَافَة).. في الإقامة الجبريّة وتعيين «المُفضّل» …. !*
هذا هو ماحدث تماماً لصاحبكم الذي وجد نفسه تحت الإقامة الجبرية لفترة تجاوزت الأسبوع ، وذلك بأمر وعكة حدّت من حركته ، ومنعته التجوّل إلّا في نطاق محدود ، وتنفيذاً لأوامر الإبن الطبيب المعالج ، إختصاصي العظام الشّاب الدكتور عبدالسلام محمود ، في مجمّع المهداوي الطبّي المطل على شارع الوادي في الثورة ، والذي لم ينصح بل أمر بالحد من الحركة لأيام ، وقد تم تنفيذ أوامره دون مخالفات ، ليصبح صاحبكم سجيناً لأيّام وقعت فيها الكثير من الأحداث على مستوى الداخل والخارج .
على مستوى الداخل ، تم إتخاذ قرارات عديدة ، بدا في بعضها روح الكيد السّياسي ، والإنتصار للذات ، مثل القرارات الصادرة من رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك ، الخاصة بإنهاء تكليف عدد ممن تم تعيينهم بعد اليوم الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي ، بقرارات من القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ، وتُعدّ قرارت حمدوك في رأي الكثيرين بداية مواجهة صامتة بينه وبين البرهان ، غير أنها عودة للإرتماء في أحضان جماعته القديمة التي قادت البلاد إلى أزمة سياسيّة حادة ، هددّت أمنها وإستقرارها ، ولم تنجلِ إلّا بالإتفاق السّياسي الموقّع بين البرهان وحمدوك ، والذي وجد ترحيباً داخلياً وخارجياً إلّا ممن أطاحت بهم قرارات القائد العام للقوات المسلحة السودانية في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي .
ومن الأحداث والقرارات الكبيرة ما يتعلّق بتعيينات و إعفاءات في قيادات الأجهزة الأمنية ، من جيش وشرطة وأمن وإستخبارات عسكرية ، وهذا قطعاً هو شأن المؤسسات والأجهزة التي يتبعون لها ، والتي لا يقرر فيها _ بحمد الله _ الدكتور حمدوك ، أو أيٍ من المدنيين .
ما علينا ، لكن الذي همّ صاحبكم من كل تلك القرارات ، هو تعيين الفريق أول أحمد إبراهيم مفضّل ، مديراً لجهاز الأمن والمخابرات العامة ، وهو قرار رفّعه من نائب إلى فاعل ومدير ، وهو من خريجي كلية التجارة في جامعة الزقازيق بالشقيقة مصر في العام 1985 م ، وقد إلتحق بعد ذلك بجهاز الأمن ، وتقلّد مسؤوليات عديدة في إدارات جهاز الأمن والمخابرات الوطني كما كان يسمى في العهد السّابق ، وعمل بإدارة التعاون الإقليمي والدولي ، ثم إدارة الأمن الإقتصادي لأكثر من عامين ، وهي من الإدارات وثيقة الصّلة بالشأن الإقتصادي ، وكما نعرف فإن الإقتصاد هو أبرز وجوه السّياسة ، وهو مما مكّن رجل الأمن اليقظ أن يكون على صِلة بمراكز صنع القرار السّياسي ذي الصّلة بالواقع الإجتماعي والإقتصادي .
في الفترة التي بلغت فيه الإحتجاجات ذروتها أواخر عهد الإنقاذ ، وشعور قيادة الدولة بالحاجة إلى ضبط الأداء العام ، تقرر تعيين ولاة عسكرييّن في كل الولايات ، فكان أن تمّ تعيين الفريق مفضّل والياً على ولاية جنوب كردفان ، وهي من الولايات التي تعاني من الإحتراب ، ومن وجود حركات تعادي السّلطة القائمة في الخرطوم ، وجدنا أن الوالي الجديد غادر وفي ذهنه خططاً لحلول إقتصادية وسياسية ، قبل الحلول الأمنية ، وهو ما قرّبه لمواطن الولاية ، وهو ما جعل أهل الولاية يصطّفون على طول الطريق عندما إنتهت فترة عمله ، مودّعين لواليهم الذي غادر إلى الخرطوم برّاً ، وبعضهم ذرف الدموع لإحساسهم بالفقد الكبير ، إذ كان المفضّل يعتمد مبدأ العدالة في تعامله مع الجميع .
بالنسبة لصاحبكم لم يكن القرار مفاجئاً ، فنظريات السّياسة تقول دائماً بأن أفضل إدارات لمؤسسات الدولة أو مرافقها العامة هي تلك التي تجيء من بين صفوف العاملين فيها ، وليس من خارجها ، وذلك ما حاول أن يقوم به رئيس الوزراء في حكومتيه السابقتين الفاشلتين ، وفي الحكومة الثالثة التي إن سار في تشكيلها بذات الخطوات القديمة ، فإنه لن يتقدّم خطوة ، بل سيكون ” محلّك سر ” وبلغة العسكر ” خطوات تنظيم ” ولن تكون هناك فائدة ترجى حال إنتاج القديم المجرّب ، فالمُجرّب لا يُجرّب .
Email :
sagraljidyan@gmail.com