إنسحاب العسكر يربك المشهد السوداني وتوقعات بخطوة حاسمة
أسبوعان مرا منذ إعلان رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إنسحاب المكون العسكري من عملية الحوار الجارية في السودان، وذلك لإفساح المجال للقوى المدنية للإتفاق وتشكيل حكومة تقود البلاد في ما تبقى من عمر المرحلة الإنتقالية. وكان البرهان قد أعلن في الأسبوع الأول من يوليو الحالي عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في المفاوضات الجارية حالياً والتي تسهلها الآلية الثلاثية، لمنح الفرصة للقوى السياسية والثورية والمكونات الوطنية الآخرى للجلوس وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال مطلوبات الفترة الإنتقالية. وأبدى البرهان أمله في أن تنخرط هذه القوى في حوار فوري وجاد يعيد وحدة الشعب السوداني، ويمكن من إبعاد شبح المهددات الوجودية للدولة السودانية، ويعيد الجميع إلى مسار التحول والإنتقال الديمقراطي. وشدد البرهان في خطابه على أن القوات المسلحة لن تكون مطية لأي جهة سياسية للوصول لحكم البلاد، وأنها ستلتزم بتنفيذ مخرجات هذا الحوار. وأعلن البرهان أنه بعد تشكيل الحكومة التنفيذية سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع يتولى القيادة العليا للقوات النظامية ويكون مسؤولاً عن مهام الأمن والدفاع. وأكد الخبير والمحلل السياسي محمد سعيد أن المؤسسة العسكرية في إطار مهامها للحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطن، وإلتزامها بدعم تحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، إتخذت خطوة الإنسحاب حرصاً منها على دعم التحول والإنتقال الديمقراطي وحماية وإكمال مطلوبات هذا الإنتقال. خاصة بعد التدهور الذي ضرب قوى الدولة المختلفة، وإزهاق الأرواح وإتلاف الممتلكات العامة، نتيجة للتخاصمات السياسية ومحاولات إحتكار السلطة وإقصاء الآخر وعدم إعلاء المصالـح والقيم الوطنية. وقال سعيد أنه وبعد مرور كل هذه المدة من خطاب البرهان وإعلانه إنسحاب المكون العسكري، إلا أن البلاد لم تشهد حراكاً سياسياً يقود إلى توافق بل إستمرت البيانات والإتهامات المتبادلة، وتزايد التراشق الإعلامي مع إستمرار لجان المقاومة في التتريس وتنظيم المواكب التي صارت مواجهة بسخط المواطنين ورفضهم لها. وأكد محمد أن القوى المدنية فشلت حتى الآن في تحقيق حلم الشعب السوداني بالوصول إلى توافق وتراضي وطني يكمل مسار الإنتقال والتحول الديمقراطي وصولاً للإنتخابات. مؤكداً أن القوى التي تحرض على المواكب وإشعال الحرائق هنا وهناك سيتم وضعها قريباً في خانة المجرمين، خاصة وأنها صارت هي نفسها تهدد الأمن القومي بسياساتها وتحريضها وحراكها السلبي. وقال محمد سعيد أنه في ظل كثير من التوترات الأمنية والتحديات الإقتصادية سيكون إنتظار القوى المدنية إلى ما لا نهاية خطوة أشبه بالإنتحار الجماعي للشعب السوداني. وقال خبراء ومحللون سياسيون أن القوى السياسية بوضعها الراهن، حتى وإن حظيت بدعم ومساندة دولية، فإنها لن تتفق قريباً على رؤية موحدة. وتوقع الخبراء أن يتم إتخاذ خطوة تعيد الأمن والإستقرار للسودان، خاصة وأن التأخر ستستغله جهات لتأجيج الفتن، وتفسح المجال لأن يكون السودان أرضاً خصبة لأجهزة المخابرات والأجندة الغربية التي تسعى لتفكيك البلاد ونشر الفتن لتسهل السيطرة عليها ومن ثم نهب مواردها وإستخدامها كمراكز للإنطلاق تجاه أهدافهم المهددة لكثير من دول المنطقة. وحذر الخبراء من مغبة إنتشار التوترات الأمنية التي تحركها أصابع معادية وعملاء بالداخل منبهين إلى ضرورة إتخاذ خطوات وقرارات تنهي الفوضى وتخمد نيران الفتنة وتجهض المؤامرات.