د.عبدالله فتحي يكتب في ( نصف كوب) ..غياب هيبة الدولة وتفشي القبلية..الهدام!
رشفة أولى:
عندما تمرض هيبة الدولة تتعافى نزعة القبيلة وتصبح هى مؤسسة القانون التي تبسط نفوذها بالقوة الفوضوية العمياء الغاشمة في دائرة المنتمين فتحولهم معاول هدم للمؤسسية وحينما تنهدم المؤسسية ينهدم الوطن.
ما حدث في النيل الازرق من صراع قبلي محض راح ضحيته مئات القتلى والمصابين وتشرد آلاف النازحين عن مساكنهم وهدمت عشرات المؤسسات الخدمية وأحرقت سيارات مواطنين ابرياء وإشتعلت الفتنة القبلية في عشرات المدن وإنهيار قيمة الأمن والأمان للإنسان في السودان..كل هذا أساسه غياب هيبة الدولة.
غياب هيبة الدولة وإتساع دائرة التشبث بالقبيلة هو رأس جبل الجليد الذي سيغرق سفينة السودان في بحر من دماء السودانيين الأبرياء- مع أو ضد – لن ينجو أحد.
رشفة ثانية:
هيبة الدولة قوامها:( نظام سياسي شرعي.. مؤسسات قوات نظامية قومية..مجتمع واعي بحقوقه وواجباته).
( لولا تدخل مؤسسات القوات النظامية في مأساة النيل الازرق لإنفرط العقد وإنطلق فيضان الدم ليغمر كل السودان..فلا رادع للعنف إلا القوة. ).
مؤسسات القوات النظامية في أي دولة هى صمام أمان الدولة وحامي عرين هيبتها عندما نطعن فيها أو نوهن عزمها اونسيء سمعتها فإننا نسلب الدولة هيبتها..ابعدوا مؤسسات القوات النظامية عن صراع السلطة الجامح الذي لن يتوقف وإن إحترق الشعب فردا..فردا.. أبعدوها عن لعبة السياسة السودانية اللأخلاقية والتي لا تعرف سوى اللعن والإستقطاب فتفرق بين التوأم الاشقاء ليصبحوا أعداء حد الدم.
سابقا..وقبل مجيء حقبة الإنقاذ التي ساهمت في إضعاف دور مؤسسات القوات النظامية..عندما تحدث أزمة شبيهة في السودان فهناك مؤسسات تتولى الأمر بتوجيه ورعاية من الدولة( الإدارة الاهلية من مشايخ وعمد ونظارات ومكوك وسلاطين..مشايخ طرق صوفية لديهم سمة القبول والحضور في المجتمع..أحزاب سياسية واعية لها برامج وإنجازات وعضوية دائمة مرتبطة بنشاط دور الأحزاب تأتمر بأمر مؤسسة الحزب..رجل دولة يقود مؤسسات القوات النظامية التي تظلل هيبتها كل مراحل ومؤسسات معالجة الازمة بحزم وحياد وصرامة حتى تنجلي الازمة في إرهاصاتها الاولى دون خسائر للمواطن والوطن).
على المكونات السياسية الحكومية والمعارضة وأجسام الثورة السودانية بكل عضويتها أن تتحلى بالوعي الوطني وإعلاء مصلحة وعافية الوطن وتحديد سقف وطني لممارسة طلب الحقوق فتسمى الاشياء والشخصيات بمسمياتها دون التعرض للمؤسسات النظامية..بل ويعلنوا في إتفاق عام أن المساس بسمعة وهيبة وجدارة المؤسسات النظامية السودانية خط أحمر من يتجاوزه خائن للوطن.
ونقول لكل الحكومات والأنظمة السياسية القادمة لا مجال للمزايدات السياسية وإختراق مؤسسات القوات النظامية سياسيا أوتكوين مؤسسات شبيهة بالقوات النظامية فتحدث الإزدواجية وتتداخل المهام فتضعف المؤسسات النظامية وعند أول أزمة يظهر ضياع هيبة الدولة وتتسع دائرة أضرار الأزمة فتضرب جسد الوطن حتى يتداعي فيسقط جثة هامدة.
رشفة آخيرة:
( الهدام )..عندما يفيض النيل دون توقع فإنه ينخر أرض السواقي والمزارع والمشاريع والجزائر ويغرق وابور ضخ مياه الري الموضوع على الشاطيء فيعطش الزرع ويجف الضرع ويجوع الإنسان..وهذا مانخشاه على السودان..و..معاكم سلامة.