أعمدة

مصطفى ابوالعزائم يكتب في (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة) ..*بشير عباس في ودالبنّا

رحل الموسيقار المُبدع ، والأخ الكريم الأكبر الأستاذ بشير عباس ، الرجل الفنّان ( نافورة الألحان ) ونبعها المتدفّق ، رحل عن دنيانا ، لكنه سيبقى معنا ، ومع الأجيال القادمة ، ما بقيت ألحانه ، وكتب عنه الكثيرون ، وهو يستحق ، وكتبت عنه الأستاذة الدكتورة بخيتة أمين ، الصحفية المعروفة ، وإبنة مدينة أم درمان ، وتحديداً حي ودالبنّا العريق ، كتبت عنه ما رأيت أن أفسح له هذه المساحة اليوم ، والتي كنت قد هيأت نفسي لأكتب فيها عن مبادرة كريمة أطلقها الأخ الكريم والصديق العزيز السفير الدكتور علي يوسف ، مبادرة تجمع جهود أهل الصحافة والإعلام والدبلوماسية ، لرسم خارطة طريق تخرج بلادنا من أزمتها السّياسيّة الراهنة ، والفكرة ما زالت في طور المناقشة ، ووجدت أنني أشارك في إجتماعاتها التمهيدية رغم الوعكة الصحية الطارئة التي أصابتني ، ومع ذلك وجدت إن ما كتبته السيدة الفضلى الدكتورة بخيتة أمين ، يستحق أن نؤجّل له عمل اليوم إلى الغد ، وقد كان .

_*جرّة قلم ..*_

_*بخيتة أمين*_

*الله … يا بشير عباس*

هذا الرقم الشامخ الذي إسمه بشير عباس ، جاء الي حيّنا بود البنّا شارع « أبوروف » وتزوّج آسيا بت نورة ، إحدى حسناوات أم درمان ، وطرب الجيران .. وفرحت أزقة « ود البنا » وهم يرون عازف الأوتار ، بشير عباس القادم من حلفاية الملوك ، وقد دخل حياتنا ، وأحبوه وهو يتجوّل في حيشاننا وعند مغيب الشمس تكون آسيا ، زوجته الجميلة قد أمطرت ” الحوش ” ونظمت الكراسي والبنابر وفتحت مدخل البيت المتواضع ذاك ، ولحظات حتي يضيق “الحوش” بالفنانين الكبار والعازفين والشعراء والصحفييّن والأدباء ، وتفيض المنضدة الكبيرة بكل المشويات ، لكن يظل (صحن الفول المصلّح) هو سيّد الأطباق ، ويهرع صاحب طابونة سوق الشجرة بتوفير طاولة الخبز البلدي ، ويبشّر الحضور بأن اليوم ستستمتعون بعزف منفرد من القامة بشير عباس ، ويعلو التصفيق و يبدأ بشير عباس وبجلبابه الواسع محتضناً عوده الجميل ، في عشق الحبيب لمحبوبته ، وكان بشير يعتني أجمل إعتناء بالآلة الفنية و يقول (هذه معشوقتي) .
و لا ينفض سامر الليلة إلّا وأحد كبار الفنانين ، يغرّد ، وبشير يعزف .
مؤلفات بشير الموسيقية فاقت الأربعمائة وخمسين ، ونحن الآن نجد أنفسنا نحتاج لمن يؤرّخ لهذا الرجل الفلتة .
ولما قرّرنا في الحي أن نكتب لافتة ونعلقها عند مدخل شارعنا ، لجأت لحداد في «أبوروف » وقلت له : أرجوك جهز لي لافتة حديد و ساكتب عليها (شارع بيتنا) .. فسألني حداد «ابوروف» هل إستشرتم الموسيقار بشير عباس؟ و لما نقلت ذلك لبشير سارع وإتجه نحو دكان الحداد ، و سلّمه قيمة اللافتة وهاتف البلابل قائلاً : (من باكر الطريق لي بيتنا وبيت إبراهيم دقش حيكون (شارع بيتنا) والتي صاغ موسيقاها بشير عباس .
ولما إنتقل من حي ودالبنّا إلى حلفاية الملوك ، كان كلّما عاد وأخيراً ، يطرق أبواب الحي ، حاملاً العود ليلتف حوله الناس في وُدّ أصيل .
بشير عاش حياته الحافلة بالنجاحات ، تربية سليمة لأولاده ، وُدّ عميق لآسيا زوجته ، وصفاء غير محدود لأهله في حلفاية الملوك وإحترام مطبوع للبلابل ، وهو الذي أسهم بعمق في شهرة البلابل .
الله يوسّدك الباردة يا بشير ويدخلك الجنة ويلزم أهل بيتك الصبر فقد كنت قامة وشامة. علي خد الوطن.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى