الصحـافة.نـت – الأربعاء:6-11-2024م ___________________________________________________
من ميزات الآيديولوجيا أنها تجعلك أكثر قدرة على فهم الصراع الآيديولوجي، بل وإجراء تحديثات مستمرة لمراحله وتطوره.
بالنسبة لي، يبدأ فهم أمريكا بأنها ليست (حزبين) كما تبدو، هي سبعة أحزاب أو تيارات أساسية، أربعة منها تشكل التحالف الديموقراطي الانتخابي، وثلاثة منها تشكل التحالف الانتخابي الجمهوري، ويغوص التحالفان في هريسة من (مجموعات المصالح) القومية والولائية والفئوية، هذه الهريسة ديموقراطية أو جمهورية بالتصويت فقط ولكنها تخدم قيم ومصالح متشظية بين التحالفين ولا شيء يجمعها غير البراغماتية والميكافيلية.
للغرابة، هذه الهريسة الانتهازية الجشعة الفاجرة .. هي الصمغ التي يجمع المكونات السبعة وتؤدي دور الشقة المفروشة لاقامة العلاقات المحرمة بينها من حين لآخر.
الفارق بين (الحزبين الكبيرين) هو أن التحالف الديموقراطي أكثر تماسكا وقدرة على الصمود وابتكار الوسائل في (إبادة أصوات الجمهوريين) وذلك بوسائل قانونية أو باستغلال السلوك السيء للناخب الجمهوري الذي (مثلا) قد يأتي متأخرا ويتكدس أمام المراكز ويفوته التصويت ثم يجادل بعنف (وبلا جدوى) حول ضرورة تمديد التصويت، ولذلك وبسبب الكثير من المناطق الضبابية في نظم التصويت هنالك جمهوريين مقتنعين حتى الان بالتزوير في انتخابات 2020، ولن يقبلوا بأي هزيمة في 2024 وسيعتبرونها تزوير.
كثيرا ما يتم التلاعب بالجمهوريين إعلاميا ونفسيا لاحباطهم من التصويت نفسه. أيضا يتميز التحالف الديموقراطي أكثر من الجمهوري في (هندسة التصويت) وذلك بتقنين أصوات المهاجرين وتسهيل وجودهم وتوطينهم في الولايات المتأرجحة والمحافظات الحاكمة ورعاية تكتلاتهم وصناعة قضاياهم لضمان حيويتهم السياسية وسهولة توظيفهم، وهذا ما عبر عنه إيلون ماسك بأن سقوط ترمب يعني نهاية الجمهوريين وذلك للتلاعب الديموغرافي والقانوني الذي سيحسم الولايات المتأرجحة لصالح التحالف الديموقراطي الانتخابي وتنتهي القصة.
ترمب أساسا جاء لمحاربة الدولة العميقة والآن يحارب من أجل بقاء الجمهوريين وبقاءه خارج السجن، وإذا فشل سيتحقق كلام ماسك.
أختلف مع من يرى احتمالات العنف فقط في حالة فوز هاريس، العنف قائم في أمريكا حتى في حالة فوز ترمب وذلك لأن الجمهوريين حتى يكشطوا نجاحات الديموقراطيين السياسية التي تمت بالهندسة الديموغرافية والتشريعات وخلخلة المجتمع في عدد من الولايات سيكونوا مجبرين على سلسلة من المواجهات مع خصم متمرس ومنظم ويقاتل من أجل البقاء أيضا.
دائما يأتيني سؤال، ما العمل وأي الحزبين أفضل؟
منهجي المعلن في أمريكا هو الارتباط الاستراتيجي والصريح بأحد التيارات في التحالف الديموقراطي وأحد التيارات في التحالف الجمهوري، لأنه من السابق جدا لأوانه إعلان فشل أحد الجانبين.
أما (الهريسة الانتهازية) لها طريقة تفكير وتعامل أخرى، وهي ليست المال كما فعلت بعض الدول وانزلقت في القاع الأمريكي الذي لا قرار له.
نعم صحيح، أنا أميل للصداقة مع الجمهوريين ولكنها ليست صداقة، إنها اختصار زمن، وذلك لأن الصداقة مع الديموقراطيين شيك بدون رصيد، هم لا يقدرون هذا الأمر ويتنصلون بسهولة عن أصدقائهم، بينما توجد إمكانية تحالفات أطول عمرا مع الجمهوريين، ولكن أيضا توجد عيوب في التعامل معهم لو انفردوا بك.
لو فازت هاريس .. سيستمر الصراع الأمريكي الداخلي وينفجر العنف.
لو فاز ترمب سيستمر الصراع وستجري محاولات لتقنين العنف ضد المهاجرين والاقليات، وسينفجر العنف أيضا.