أعمدة

تأملات جمال عنقرة مبادرة الشيخ الياقوت.. للشهادة والتاريخ

إبننا الحبيب الشيخ الغزالي الشيخ الياقوت ظل اكثرنا قناعة أن مبادرة والده شيخنا وحبينا واخينا الأكبر شيخ المشائخ العارف بالله الشيخ الياقوت الشيخ محمد الشيخ الإمام الشيخ مالك شيخ الطريقة السمانية الخلوتية حية لم تمت، ولن تموت بإذن الله تعالى، ولم يتجاوزها الزمن، ولن يتجاوزها، ولن تتخطاها الأحداث مهما عظمت، ومهما جرت مياه تحت الجسر، أو حتى فوقه، وظل الشيخ الغزالي علي الدوام يحرضني ويحفزني علي الحرك، وظل كثيرون من أبطال المبادرة واعمدتها يرون فيها الضوء الذي يمكن أن ينير عتمة ظلمات السودان التي دخل فيها، ونسأل الله الخروج منها إلى صبح تشرق فيه شمس الخلاص لشعبنا وبلدنا الحبيب، ومن هؤلاء الأستاذ عبد الله آدم خاطر، والشريف عبد الله إبراهيم فكي، والدكتورة شذي عثمان عمر، والقيادي العمالي يوسف جماع، والدكتور عادل شريف، والدكتورة عفاف أحمد يحي، وانضمت إلى المجموعة أمس وزيرة الصحة الأميز في السودان الدكتورة تابيتا بطرس شوكاي.
قد لا تقل قناعتي بأن الروح لا تزال تسري في المبادرة، ولم تقل همتي، ولم تفتر عزيمتي، إلا أن يقيني بأن الأسباب التي قعدت بالمبادرة في المرحلة السابقة، لا تزال باقية، بعضها خاصة بالمبادرة نفسها، وبعضها خاصة بالحالة العامة لبلدنا وللذين يقودون دفة الأحداث فيه من كل مكوناته، وليس هذا مكان ولا زمان الحديث عن ذلك، لكنني أود أن أقول أن مبادرة الشيخ الياقوت يمكن أن تدخل ضمن الفرص العظيمة التي أتيحت للسودان، واضاعها أهله، من الثورة المهدية، وحتى ثورة ديسمبر المجيدة، ولأن كثيرين لا يزالون يعلقون آمالا عريضة علي مبادرة الشيخ الياقوت، رغم ما جري، ويجري، أكتب هذا المقال التوثيقي شهادة لله والتاريخ.
عبقرية مبادرة الشيخ الياقوت من عبقرية رمزها الأكثر تميزا بين أهل السودان جميعا بلا استثناء، ولا أقول ذلك انحيازا للصلات الوثيقة والعميقة التي تجمعني بالشيخ الحبيب، ولكنها شهادة حق، يعلمها القاصي قبل الداني، ومعرفتي للشيخ الياقوت ليست معرفة عارضة، فصلتي به تعود إلى أكثر من أربعة عقود من الزمان متصلات، ومتواصلات، ويعلم كثيرون أن صلاتي بكثيرين من شيوخ السودان لا تحدها حدود، واعرفهم كما يعرفهم كثيرون من أهل السودان، وأكثر، ومعلوم أن السودان من أكثر البلاد التي بها اوتاد من أهل الله العارفين لفضله، ومعروفون للناس جميعا، وشيخ الياقوت- أطال الله عمره – ادخره الله ليوم صار فيه الشامة والعلامة بعد أن اختار الله إلى جواره كل السابقين بفضل وإحسان من أهل المعرفة، الواصلين السماء بالأرض، لهم الرحمة والمغفرة، ونسأله تعالي أن يجعل البركة في خلفائهم.
أكثر ما تميز به الشيخ الياقوت، فضلا عن العلم والمعرفة والذكر والورع، أنه رجل يمد حبال وصله وتواصله مع الجميع، فالشيخ الياقوت يمكن أن يسافر أياما وليال في طرق وعرة لتقديم واجب العزاء، أو لعقد قران أحد تلاميذه أو حيرانه، ومما عرف به الشيخ الياقوت رضي الله عنه أنه لا يطرق أبواب السلاطين ابدأ، وخلال سنوات الإنقاذ الثلاثين لم يعتب الشيخ الياقوت باب حاكم، ومع ذلك كان يستقبل كل من يأتيه منهم، ويكرمه، ويجزل له العطاء، ورغم أنه لم يكن يشتغل بالسياسة لكنه كانت له مواقف وطنية مشهودة، ولعل اشهرها حمايته لطلاب دارفور الذين طردوا من جامعة بخت الرضا في الدويم، وحرموا من دخول العاصمة الخرطوم، ففتح لهم الشيخ المسيد واطعمهم وسقاهم، وحماهم من أي عدوان واعتداء حتى سمحت السلطات لهم بدخول الخرطوم آمنين مطمئنين.
وقبل مبادرة الشيخ الياقوت الأخيرة كان الشيخ قد تبني مبادرة مهمة أطلقها أبناؤه واحبابه ومريدوه بالتضامن مع الإتحاد العام لنقابات عمال السودان بعد توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام عام ٢٠٠٥م، ولقد استجابت كل القوي السياسية وغير السياسية الفاعلة لمبادرته تلك، والتي هدفت إلى الإعلاء من شأن القواسم المشتركة بين السودانيين.
ومبادرته الأخيرة موضوع حديثنا تميزت بأن الجميع استجابوا لها بدون تحفظ، ويكفي أن نشير هنا فقط إلى بعض الذين شاركوا في تدشينها في اللقاء الحاشد في قاعة الصداقة، فرئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بعث ممثلا له عضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي سليمان، ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو بعث ممثلا له اللواء نور الدين، ورئيس مجلس الوزراء السابق الدكتور عبد الله حمدوك بعث ممثلا له السفير عمر مانيس، وقوي إعلان الحرية والتغيير بعثت ممثلين إبراهيم الشيخ، والدكتورة مريم الصادق المهدي، ومثل القوي الوطنية الأخري الدكتور التجاني سيسي، ومثل حزب الأمة السيدة سارة نقد الله، ومثل الشخصيات الوطنية الراحل المقيم الزعيم المجاهد الحكيم عبد الرسول النور، ومثل أساتذة الجامعات البروفيسور منتصر الطيب، وخاطب اللقاء عبر الهاتف عبد الواحد محمد نور، وجبريل إبراهيم، وعبد العزيز الحلو، وحضر ممثلون لرئيس حركة وجيش التحرير منى أركو مناوي، وحضر من شيوخ الطرق الصوفية الشيخ الطيب الجد، والشيخ عبد الوهاب الكباشي، والشيخ عبد الرحيم محمد صالح، والشيخ محمد الشيخ حسن الفاتح الشيخ قريب الله، والشيخ أسامة محمد أحمد، وشارك من السياسيين، الشريف صديق الهندي، والدكتور فرح العقار، والدكتورة تابيتا بطرس، والدكتورة شذي عثمان عمر، وعدد من القيادات النقابية والعمالية، وبعض القانونيين، وعدد من الإعلاميين والصحفيين، وهذا قليل من كثير من الذين احتشدت بهم قاعة الصداقة في ذاك اليوم المشهود، وكان الناس كلهم قد توقعوا أن يكون لذاك اليوم ما بعده، ولكنه السودان، بلد الفرص الضائعة.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى