مقالات

يعقوب ابراهيم يكتب : النظام الرأسمالي هو سبب المجاعة في السودان

حذرت صحيفة بلومبيرج الأمريكية من تعرض 20 مليون شخص في السودان للمجاعة هذا العام. وقالت الصحيفة في تقرير لها أمس “سيواجه ما يقرب من نصف سكان السودان الجوع هذا العام نتيجة تداعيات انقلاب أكتوبر والحرب في أوكرانيا”، وأشارت إلى أن هذه الأسباب جعلت من الصعب على الدولة التي تعاني أصلاً شحاً في النقد الأجنبي توفير الغذاء لمواطنيها. (اليوم التالي 17 آذار/مارس 2022).
التعليق:
الصحيفة الأمريكية تتغافل عما قامت به أمريكا وأوروبا في السودان، من ممارسات وضغوط وسياسات، عبر عملائهم في الداخل، أودت باقتصاد البلاد، ويدعي الغربيون حماية السودان من الوقوع في الهاوية! هذه الصحيفة تعلم أن سياسات البنك وصندوق النقد الدوليين في السودان، واستعجال الحكام وخنوعهم في تنفيذ هذه الروشتات بسرعة البرق، هي التي أفقرت البلاد، وضيقت الخناق على عموم أهل السودان، وهذا ما أكدته نائبة المدير القطري في السودان لبرنامج الأغذية العالمي ماريين وورد في الصحيفة نفسها، حيث نوهت إلى “تأثيرات إعلان البنك المركزي قرار تعويم العملة”، وهذا القرار بالطبع هو ضمن متطلبات المجتمع الدولي لحصول السودان على الدعم المكذوب من أعدائه.
وتدعي الصحيفة أن هذه المجاعة نتيجة تداعيات انقلاب البرهان. ألم يكن المبعوث الأمريكي هو الدينامو المحرك لهذا الانقلاب؟ فقد انزعجت أمريكا من تخطي المدنيين المرتبطين بأوروبا، وبخاصة بريطانيا، للخطوط الحمراء، ومطالبتهم برئاسة المجلس السيادي، ووضع الأجهزة الأمنية في يد رئيس الوزراء ليعيد ترتيبها، وهيكلتها، وتصفيتها من النفوذ الأمريكي، ووضعها في خدمة النفوذ الإنجليزي، كل ذلك هو الذي عجّل بانقلاب البرهان الذي رتبه له، وأشرف عليه المبعوث الأمريكي جيفري فيلتمان في زيارته للسودان التي اختتمها مساء 24/10/2021م، أي قبيل الانقلاب بساعات، فأمريكا هي التي دبرت الانقلاب، وبالتالي هي السبب الرئيس في التوترات الاقتصادية، بل والسياسية والأمنية في السودان.
أما ادعاء الصحيفة بأن الحرب في أوكرانيا تسببت في تعرض 20 مليون شخص فى السودان للمجاعة، وأنهم يعانون من أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، فإن الحرب الأوكرانية قد تورطت في أوحالها روسيا مع أوروبا، فالحرب قد وفرت لأمريكا كامل المبررات لحصار روسيا اقتصاديا، وهو ما فعله الرئيس الأمريكي بايدن، ولا يزال يفرض حزماً جديدة من العقوبات ضد روسيا، وكذلك مكنت أمريكا من إخضاع الدول الأوروبية وإعادتها تحت العباءة الأمريكية ضد عدوانية روسيا… وغيرها من المكاسب الأمريكية. فلا علاقة لهذه الحرب بالمجاعة في السودان، فالسودان غني لا يحتاج إلى قمح أوكرانيا ولا روسيا.
أما أهل السودان فقد تعرضوا للمجاعة منذ أن سيطر المبدأ الرأسمالي على مفاصل الحكم والاقتصاد، وادعاء الصحيفة بأن السبب هو انقلاب البرهان وحرب أوكرانيا، هو تشويش متعمد، وقلب للحقائق، وصرف للأنظار عن مكمن الداء. ولن يتمكن أهل السودان، في ظل الأنظمة الرأسمالية المتوحشة، من الحصول على ما يغطي حاجاتهم الأساسية والكمالية رغم الثروات الضخمة، ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾. لذلك فإن كنس المبدأ الرأسمالي من حياتنا، وتمزيق فواتيرها المؤلمة، وإعادة أحكام الإسلام لتنظيم علاقاتنا الاقتصادية وغيرها في دولة المسلمين الخلافة، هو المخرج الذي ننشده.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
يعقوب إبراهيم (أبو إبراهيم) – ولاية السودان

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى