مقالات

*أيُّهًا العالم،لَكَ الخِزی* !!! … -محجوب فضل بدری-

-لشاعر النيل، وشاعر الشعب «حافظ إبراهيم» (1872 ـ 1932م)، قصيدة راقية فی الرثاء بسبب ما أصاب مدينة «مسينا» الإيطالية في جزيرة«صقلية»، من زلزال ضربها في 28 ديسمبر 1908م بدرجة 5،7 على سلم ريختر، وترتبّت عليه أضرار بليغة ودمار،يقول مطلع القصيدة :-
*نَبِئَاني إن كُنْتُمَا تعلمانِ، مَا دَهَىٰ الكونَ أيُّها الفَرْقَدانِ* ؟
(غَضِبَ اللهُ أم تمردت الأرضُ فَأَنْحَتْ على بني الإنسانِ)؟
ثم يجيب علی السٶال فيقول:-  
(ليس هذا سبحان ربي،ولا ذاك ولكن طـبيعة الأكـــوان)
(غليانٌ في الأرض نَفَّسَ عنه ثورانٌ في البحرِ و البركانِ)
(رَبِّ،أين المفر ؟و البحر والـبر على الكيد للورى عامــلان)
– هذه القصيدة الجميلة كانت ضمن مقرر اللغة العربية فی المناهج قبل السلم التعليمی الذی أقرَّه العهد المايوی،فی لبوسه الشيوعی إول أمره، ، تذكرت هذه القصيدة والقنوات الفضاٸية تواصل عرض المقاطع المصوَّرة،والتقارير الميدانية المٶثرةوالأخبار المفجعة،التی تعرضت لها عشر محافظات فی جنوب تركيا،وأجزاء واسعة من شمال غرب سوريا،وخلَّفت الآلاف من الشهداء (تحت الهَدْم) والجرحی،وملايين المشردين والمتأثرين من هذا الزلزال المدمِّر،وتوابعه من هزات إرتداية،وحراٸق،وتدمير للمبانی والطرقات، حتی بلغت الخساٸر الإقتصادية فی بعض التقديرات إلی ما يقارب السبعين مليار دولار !!
-ولم تكتفی القنوات الفضاٸية بنقل الصور المأساوية للضحايا،والجهود الجبَّارة المحلية الرسمية والشعبية التركية،والجهود الشعبية الشعبية السورية -فی المناطق الواقعة تحت نفوذ المعارضة-فی إنقاذ الضحايا من تحت الأنقاض وإنتشال جثث من قضوا وإسعاف الجرحی وإيواء المشردين،مقابل جهود دولية ضٸيلة وخجولة فی معظم الأحيان !!
-وللمرء أن يسأل عن حجم الدور الذی من المفترض أن يلعبه ما يُسمی (بالمجتمع الدولی) أو (الإتحاد الأوربی) أو سيدة العالم الحر،(ماما أمريكا)!! ولنا أن نذكر الهبَّة الفورية الكبری التی أطلقوها عند بدء العملية الخاصة التی بدأتها روسيا الإتحاية ضد جارتها أوكرانيا،وعشرات القرارات لدعم اوكرانيا،والإجراءات العقابية ضد روسيا،وجلسات مجلس الأمن الدولی الذی عجز عن إصدار قراراته بوجود الفيتو الروسی،فتنادوا إلی عقد جلسات للجمعية العامة للأمم المتحدة،وعقدوا قمماً أخری كثيرة،فی أوقات وجيزة،كلها لدعم أوكرانيا،ومدها بالسلاح والعتاد،وإغاثة الاوكرانيين الذين شردتهم (العملية الخاصة) وملاحقة روسيا إقتصادياً وسياسياً ودبلوماسياً،(بل ورياضياً)فی كل محفلٍ ونادٍ،بينما تثاقلت خطاهم وترددت عند إغاثة السوريين،ودعم الأتراك فی النكبة التی حلّت بهم وببلادهم،مع ان تركيا عضو فی حلف الناتو !! أمَّا الضحايا فی سوريا فلا بواكی لهم !!
-وافتقدت الساحة المبدعين الذين لم يتفاعلوا بما يكفی -حتی الآن علی الأقل- بما يجری فی البلدين،مثلما فعل شاعر النيل حافظ إبراهيم مع (زلزال مسينا) وهی(مدينة واحدة فقط لاغير)
يقول عنها حافظ ابراهيم
(خُسفت،ثم أغرقت،ثم بادت          قضى الأمر كله في ثواني)
(وأتى أمرها فأضحت كأن لم        تــك بالأمس زينة البلدان)
(بغت الأرض و الجبال عليها      وطغى البـحر أيــما طغيان)
(تلك تغلي حقدا عليها فتنشــق انشقاقا من كثرة الغليان)
(فتجيب الجبال رجما وقذفا       بشواظ من مارج و دخان)
(وتسوق البحار ردا عليها       جيش موج نائي الجناحين داني)
(فاستحال النجاء،واستحكم اليأ س،وخارت عزائم الشجعان)
(وشفى الموت غله من نفوس      لاتباليه في مجال الطعان)
(رب طفل قد ساخ في باطن الأرض ينادي *أمي،أبي،أدركاني* )
(وفتاة هيفاء تشوى على الجمـ ـر تعاني من حره ما تعاني)
(وأب ذاهل،إلى النار يمشي       مستميتا تمتد منه اليدان)
(باحثا عن بناته وبنيه         مسرع الخطو مستطير الجنان)
(تأكل النار منه،لاهو ناج       من لظاها،ولا اللظى عنه واني)
(غصت الأرض،أتخم البحر مما      طوياه من هذه الأبدان)
-كل هذا وغيره كثير حدث فی تركيا وسوريا والعالم يتفرَّج !!
( *ايها العالم لك الخزی* )

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى