أعمدة

(وطن النحوم) .. علي سلطان .. اشتاق الى رسالة َعبر البريد .. مافي حتى رسالة واحدة بيها اصبر شوية!!

ماتزال تساورني او تراودني تلك الرغبة في ان اكتب رسالة ما خطابا ما بخط يدي ثم ارسله عبر البريد الى شخص ما جهة ما وقبل ذلك اشترى طابعا بريديا والصق الطابع على الظرف الانبق وانا القي نظرة على خطي الانيق وعنوان الجهة التي ارسل اليها الخطاب.. رسالتي ربما اجد لها وردة طازجة غير ذابلة الزقها بدبوس او صمغ على الجزء الأيسر العلوي من طرف الورقة.. وكانت تاتيني احيانا رسائل ومعها وردة ذبلت من طول المسافة و الطريق.. ولكن تظل الرائحة الزكية باقية.. اشم عطرها واذوب..!
مرت عقَود ولم ارسل رسالة ما عبر البريد.. مرت عقود ولم اشتر طابع بريد.. مرت عقَود ولم اسجل زيارة للبوستة.. وكانت البوستة ذات زمن مضى مركز حياة وحيوية دافقة.. فيها كثير من مصالح الناس ارسال الرسائل والطرود والتلغرافات وايداع النقود وتسلمها وغير ذلك من الفوائد.. وكانت صناديق البريد هي الكنز الذي تختبي فيه السعادة الى حين..!
مرت عقود ولم استلم رسالة عبر البريد.. ولسان حالي مع الراحل احمد الجابري رحمه الله .. (مافي حتى رسالة واحدة بيها اصبر شوية..). اغنية ماتزال تنتزع منا دموع غالية اوشكت أن تجف وتتحجر من ندرة الدمع الذي كان هتونا..!
اي سحر ولهفة وبهجة وسعادة في تلك الرسائل المغلقة ذات الظرف الانيق والطابع البريدي البهيج.
دقات قلب وخفقان ولهفة مثيرة مشَوبة بالفرح قبيل ان تفتح الرسالة وتشم عطرها وتتفت بين اصابعك فتات الوردة الذابلة.. ثم تلتهم السطور التهاما وانت بكلياتك ودقات قلبك مع كل حرف وكلمة من كلماتها..واذا كنت محظوظا و وجدت بين طيات الرسالة صورة ما.. فتلك هي السعادة بعينها.
تلك ذكريات ايام عشناها مع الرسائل والطوابع البريدية .
وكان لطابع البريد حيزا مهما من تلك الزيارات خاصة اذا كنت من هواة جمع طوابع البريد وكانت قبل زمن هواية مزدهرة.. وكنت اسعد كثبرا حين ياتيني خطاب ما من بلد ما وعلبه طابع ذلك البلد.. وكنت احرص على جمع الطوابع وافتخر ان لدى طوابع من دول شتى..
وانا في المرحلة الثانوية طرت فرحا وانا اتسلم رسالة مهمة من هيئة الاذاعة البريطانية من لندن.. والرسالة كانت طردا بداخله مجلة هنا لندن التي تصدرها هيئة الإذاعة البريطانية وتروح بها لبرامجها ومذيعيها وسياساتها.. َكنت فرحا بذلك فرحا عظيما وانا بعد طالب في مدرسة شندي الثانوية. وظلت المجلة تصلني مجانا وبانتظام ولسنوات حتى فارقت البلد وانقطع التواصل.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى