أعمدة

(بينما بمضي الوقت) .. أمل أبوالقاسم .. من مجمع معاوية البرير الاسلامي.. الوجه الآخر لحواء السودان

المتابع لما تستفرغه الميديا صباح مساء من غثاء الصبيات والسيدات اللآتي استبحن السوشيال ميديا واغدقن عليها من خطلهن وسخفهن، وغير ذلك من وضاعة يجسدنها في قول وفعل على عينك يا متابع لا تلوين على رقيب أو حسيب سوا ان كان رب السماء أو رب الأسرة ان وجد، وهن يتلوين ويتلفظن بما يعف عن ذكره اللسان. المتابع لهؤلاء يكاد يفقد ثقته في مجتمع السودان الذي تعرض ويتعرض بشكل يومي للتفسخ والانحلال وزعزعة فية أركانه ليس نتيجة العولمة فحسب بل إقحام السفالة واستيرادها وزجها عنوة، يساعد في تناميها والتعاطي معها إنعدام الرقيب على كافة الصعد.

قلت ان المتابع لهذا الهراء يكاد يفقد ثقته في المجتمع السوداني الذي تميز باستمساكه بعاداته وتقاليده المترسخة والمتجذرة، لكن وبحمد الله وبحفظه فعلى ضفة أخرى ترقد ذات الأخلاق والنسك المجتمعية التي خشينا ذوبانها فى متحى آخر يتبدى ذلك في مواقف عدة. بيد ان ما اثلج صدري وأشاع الطمأنينة في نفسي ما شهدته عشية أمس بمجمع معاوية البرير الإسلامي بحي بري العريق خلال ختام فعاليات المسابقة القرآنية الكبرى في دورتها الثالثة وحفل توزيع الجوائز.

لفتني خلال هذه الفعالية التي تشبه ليالي رمضان وأي ليلة تلكم التي تعادل ذكرى معركة بدر الكبرى، لفتني تفوق السيدات بمختلف اعمارهن سيدات وصبيات وطفلات على الرجال في الكم فضلا عن المساواة في التفوق وحفظ القرآن. ثم وانا أجلس بينهن هالني الزي المحتشم جدا لسيدات وصبيات مليحات لم تشغلهن ملذات الحياة وزخرفها الحديث، ولم تجرفهن الموجة العاتية من التفسخ فتجلدن مستمسكات بحبل القرآن الذي تشبعت به روحهن وانعكس وضاءة وجمال على وجوههن الصبوحة خالية المساحيق، وأشهد الله انهن بدين كالقمر، وهذه ليست مزايدة بقدر ما هي حقيقة جلية.

اهملت متابعة المنصة وقد انشغلت عنها بمتابعة السيدات من مقدمة الصفوف وحتى حدود جلوسي عند آخرها إلا قليلا، فتلك أتت صحبة طفلاتها مع الحرص على تزيأهن بعباءة أو جلباب ساتر، وآخريات يحتضن صغار ما زالوا يتوسدون الحجر. وطفقت اتساءل. ترى كيف تمكنت هؤلاء مع التزامات منازلهن و ازواجهن وصغارهن من التفرغ لدراسة العبادات بالمجمع وحفظ القرآن بل والمشاركة في المسابقة التي كللت بارتياد بعضهن للفوز ونيل الجائزة كيفما اتفق.

ثم انتقلت للشابات والصبيات اللآتي وعلى ما بدى يتعارفن جيدا بحكم الدراسة، فتلك اختالت مزهوة نحو المنصة تقدم جزء مما حفظت كنموذج، وتلك تنتظر دورها وتترقب إسمها ضمن الفائزين والفائزات، بيد ان ما استرعى انتباهي لحظة إذاعة صبية ضمن الفائزين كيف ان والدها خف قبلها وانتظرها في الممر الى المنصة يتبعه صغاره وكيف انهم زفوها ووالدها ممسكا بيدها ولا ادرى حجم وشكل المشاعر التي خالجته حينها.

ثم استرسلت في قراءتي للمشهد واسرت لنفسي بأن الحمد لله وسبحانه ففي الوقت الذي يتنامى فيه العهر والتفسخ يقابله تمدد في النزعة الى الله وكتابه الكريم حيث انه ومن خلال فعاليات المسابقات القرآنية تضاعف عدد المشاركين في الدورة الثانية بمقدار مرتين ونصف اذ بلغ الفا واربعمائة متسابق ومتسابقة.

فاتني ان اعلق على الشيخة “إيمان يحى المهدي” حرم الحاج معاوية البرير، وهي سيدة في منتصف العمر لم تغرها الحياة واهواء الدنيا وهي ترفل في عز فخيم أو ان يلهيها ذلك عن تقوى الله وحفظ كتابه والتفرغ لأمر المجمع والمساهمة فيه بقدر كبير تقف إلى جانب زوجها في هذا العمل الجليل، وتقرر معه ومن بين ذلك اقتراحها زيادة الجائزة وقيمتها حد بلغت التكلفة الكاملة (40) مليون جنيه لتكون بمقدار مليونين ونصف جنيه سوداني للفائز الأول في فرع كامل القرآن الكريم، ومليون جنيه للفائز الأول في فرع العشرة اجزاء، كما تم اعتماد تكريم عشرة متسابقين في الفرع الأول وسبعة في الفرع الثاني.

ربما ما يجري في مجمع السيد معاوية البرير الإسلامي يجرى في عدد من مجمعات الخرطوم بعيدا عن التحفيز بإجراء المسابقات وحصد الجوائز، ومثله في الولايات سيما تلكم التي لم تنطفئ فيها نار التقابة بعد، فقط يبقى الاختلاف في المكان وكرش الخرطوم يمور جوفها بمخزون الوارد وأشكال استهلاكه.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى